بدع القبور أنواعها وأحكامها (7) بناء المساجد على القبور والصلاة فيها
جاءت شريعة الإسلام بالتوحيد الخالص من شوائب الشرك، وسدت كل ذريعة ووسيلة تفضي إليه، ومن ذلك البدع المستحدثة في القبور، من البناء عليها واتخاذها مساجد، ولقد حذر النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المسلمين من هذه البدع الجاهليَّةِ، مِثل البِناءِ عَلى القُبورِ ورَفعِها؛ فعن جابر بن عبدالله - رضي الله عنه - أنه قال: «نَهَى رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُجَصَّصَ القَبْرُ، وَأَنْ يُقْعَدَ عليه، وَأَنْ يُبْنَى عليه»، من هنا كان استعراضنا لهذا البحث للشيخ: صالح بن عبدالله العصيمي وهو بعنوان: (بدع القبور أنواعها وأحكامها)، لبيان تلك البدع التي انتشرت بين المسلمين، وليست من الإسلام في شيء.
البناء على القبور يعد من أعظم المنكرات التي عظم شرها، واشتد خطبها، وبان خطرها، وطم بلاؤها، وعم ضررها، فهناك من يبني المساجد علـى القبور، وهناك من يبني المقامات ويشيد الأضرحة. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وقد قسمت هذا الفصل إلى أربعة مباحث: بناء القباب والزوايا والمقامات على القبور من الأمور المسلم بها لدى الباحثين: هو أن القبة من العناصر المعمارية السابقة على الإسلام، ونظرا لوجود نماذج لها قديمة في أماكن عدة متباعدة، فإنه من الصعوبة بمكان التعرف على كيفية ظهورها، ولكن مما لا ريب فيه، أن العرب المسلمين قد اقتبسوا القبة واستخدموها في المباني التي شادوها، وأول قبة عرفت في الإسلام هي القبة المعروفة باسم القبة الصليبية، وتوجد في مدينة سامراء في العراق. أهداف بناء القباب واختلفت الأهداف التي من أجلها توضع القباب والزوايا والمقامات عنـد القبور، فلم يكن القصد من بناء المشاهد والترب، الدفن أو تخليد ذكرى من دفنوا تحتها فحسب، بل تعدى ذلك إلى مقاصد أخرى كثيرة؛ فقد أوصى بعضهم بجعل تربته على الطريق، قائلاً: لكي يمر بها الصادر والوارد فيترحم علىَّ، ومنهم من ألحق بتربته أماكن نزهة مؤنسة لا تخلو من الروعة والوقار، تنشرح لها الصدور، وتنبسط لها السرائر، بعيدة عن كآبة القبور ووحشة المقابر؛ فأضحت مثل هذه المشاهد والترب مقصد الناس للزيارة والتنزه. وعند تل توبة مشهد يزار ويتفرج فيه أهل الموصل كل ليلة جمعة وقيل: إذا ضاقت الصدور عليكم بزيارة القبور وقد حبذ الرسول الكريم زيارتها قائلا: «ألا إني قد نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، لأنها تذكر الموت». من عمل الشيطان وبناء القباب والزوايا والمقامات على الأضرحة من عمل الشيطان؛ ولذا اشتد نكير السلف الصالح على مثل هذه الأمور، فهذا ابن عمر - رضي الله عنهما- رأى فسطاطاً على قبر عبد الرحمن فقال: انزعه يا غلام، فإنما يظله عمله. قال الحافظ - رحمه الله -: «إن عبدالله قال للغلام: يا غلام، انزعه فإنما يظله عمله. قال الغلام تضربني مولاتي. قال: كلا. فنزعه»، -ويقصد بذلك عائشة - رضي الله عنها - قال الحافظ: أمرت بفسطاط على قبر أخيهـا ووكلـت بـه إنسـانا وارتحلت، وقد علق الشيخ ابن باز -رحمه الله- على الموضع نفسه بقوله: «هذا الأثر ضعيف من أجل الرجل المبهم، وعلى فرض صحته فالصواب ما فعله ابـن عمر، لعموم الأحاديث الدالة على تحريم البناء على القبور، وهي تشمل بنـاء القباب وغيرها، ولأن ذلك من وسائل الشرك بالمقبور فحرم فعله كسائر وسائل الشرك، والله أعلم». وأوصى أبو موسى - رضي الله عنه - «ألا يجعل على قبره بناء»، كذلك أوصى أبو هريرة - رضي الله عنه - ألا يضربوا على قبره فسطاطاً»، وعن سعيد بن المسيب أنه قال -في مرضه الذي مات فيه-: إذا ما مت فلا تضربوا على قبري فسطاطا، »وعن محمد بن كعب - رضي الله عنه - أنه قال: «هذه الفساطيط التي على القبور محدثة». أشبه ما تكون بمسجد الضرار وما ذاك إلا أنها أشبه ما تكون بمسجد الضرار، قال شيخ الإسلام رحمه الله-: «وكان مسجد الضرار قد بني لأبي عامر الفاسق الذي كان يقال له: أبو عامر الراهب، وكان قد تنصر في الجاهلية، وكان المشركون يعظمونه، فلما جاء الإسلام حصل له من الحسد ما أوجب مخالفته للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقام طائفة من المنافقين يبنون هذا المسجد، وقصدوا أن يبنوه لأبي عامر هذا، والقصة مشهورة في ذلك: فلم يبنوه لأجل فعل ما أمر الله به ورسوله بل لغير ذلك، فدخل في معنى ذلك من بنى أبنية يضاهي بها مساجد المسلمين لغير العبادات المشروعة، من المشاهد وغيرها، ولاسيما إذا كان فيها من الضرار والكفر والتفريق بين المؤمنين، والإرصاد لأهل النفاق والبدع المحادين الله ورسوله ما يقوي بها شبهها، كمسجد الضرار». أسست على معصية الرسول إن القباب التي بنيت على القبور يجب على ولاة الأمر هدمها؛ لأنها أسست على معصية الرسول، ومخالفته، وكل بناء أسس على معصية الرسول ومخالفته فهو بالهدم أولى من مسجد الضرار، لأنه عليه السلام نهى عن البناء على القبور. القباب من عمل غير المسلمين إن عمارة المنارة، والقباب والهلال والزخرفة من عمل غير المسلمين ونقلت عنهم، وفي فعلنا هذا مشابهة لهم في أصل أعمالهم ببناء أماكن عبادتهم لذلك فإن المطالبة بهدم هذه القباب مطلب شرعي مُلح؛ لما فيه من الأخطار العظيمة ومن أهمها:- تعظيم ساكني هذه الأضرحة ولو بعد مدة، حتى لو كانوا قد عرفوا بفسقهم وضلالهم؛ فإن الفسق والضلال يندرس مع مرور الأيام، ولا سيما إذا لم يدون، ويبقى الضريح مع مرور الأيام شاهداً أمام الناس، فيعظم ويبجل.
- فيه إسراف ووضع للمال في غير موضعه.
- فيه مخالفة صريحة لنهي النبي عن البناء على القبور، وهذه وحدها كافية لمن كان له قلب أو ألقي السمع وهو شهيد، فكيف إذا قرنت بما يقويها؟
- مدعاة للتباهي والتفاخر؛ حيث جبل الملوك والأثرياء على المباهاة والمفاخرة فكل يريد أن يكون ضريحه من أرقى الأضرحة وأفخمها، وكذلك المولعون من عبدة القبور بأصحاب الأضرحة؛ حيث ينفقون الأموال الطائلة لتجميل أضرحة أوليائهم.
لاتوجد تعليقات