بحضور 13 رئيس دولة – الأزهر ينظم مؤتمر الإسلام والغرب.. تنوع وتكامل
تسببت الجماعات التكفيرية التي تنتسب إلى الإسلام، فضلا عن بعض محطات وسائل الإعلام الغربية في تشويه صورة الإسلام، وصناعة حال من الإسلاموفوبيا لدى قطاع واسع من الدول الأوروبية، ومن الشعوب والمجتمعات، وانطلاقا من مبدأ التوضيح للصورة الحقيقية التي أتى بها الإسلام، نظم الأزهر برعاية الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، مؤتمرًا عالميًا في القاهرة، بعنوان (الإسلام والغرب.. تنوع وتكامل)، وذلك لمدة 3 أيام، وبحضور عدد من رؤساء دول أوروبية وآسيوية ورموز وكُتّاب غربيين؛ حيث كان من أبرز محاور المؤتمر سؤال وهو: (لماذا أنصفوا الإسلام؟)؛ حيث يستضيف المؤتمر مسؤولين وكُتاب أنصفوا الإسلام العظيم، رغم عدم دخولهم في الإسلام حتى الآن!
شهد المؤتمر الذي نظمه الأزهر زخما واسعا وحضورا دوليا وإعلاميا رفيع المستوى، وكان محل إشادة من المشاركين جميعهم ووسائل الإعلام المُنصفة، التي أكدت على أن العالم اليوم بات أحوج ما يكون لمثل هذه المبادرات الرائعة التي ترسخ لمعنى قيم التعايش المشترك الذي جاء به الإسلام.
ضرورة الحوار
افتتح شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب الجلسة الأولى للمؤتمر، التي انطلق الحديث فيها من قول الله -عز وجل-: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}، مشيرا إلى ضرورة الحوار ليتضح للجميع أن الإسلام لا علاقة له بأي إرهاب يحدث، وأن القرآن الكريم بمثابة دستور للعلاقات بين الأمم والشعوب.
التراث الإسلامي
وأوضح الطيب في كلمته، أن جامعة الأزهر بمصر، تعتز بدراسة التراث الإسلامي بجانب المناهج التعليمية الغربية الحديثة، وأن مناهج الأزهر ليس لها أي علاقة بإرهاب أو عنف، مشيرًا إلى أن أسباب الإرهاب ليس محلها الإسلام، وإنما الأنظمة العالمية التي تتاجر بالأديان والقيم والاخلاق، في إشارة منه لإنصاف المجتمعات العربية والإسلامية لغيرها من مجتمعات أوروبية.
لا مشكلة للإسلام مع الغرب
وقال الطيب: إن مما يؤكد اقتناعي بأنه لا مشكلة للشرق أو للإسلام مع الغرب هو واقعنا الذي نعيشه بحلوه ومره، وخيره وشره، منذ انفتحت أبواب المسلمين على الغرب في القرنيين الماضيين وحتى اليوم؛ فمنذ ذلك الحين والمسلمون يعتمدون شيئا غير قليل من حضارة الغرب في حياتهم نظريا وعمليا، وهذه مدارسنا وجامعاتنا، بل مدارس أطفالنا الأجنبية التي يتحدثون فيها –بكل أسف- الإنجليزية والفرنسية والألمانية بأفضل مما يتحدثون العربية، التي هي لغة أمهاتهم وآبائهم وأوطانهم. أقول: هذه المؤسسات التعليمية تلقن أبناءنا من المواد العلمية والأدبية كثيرا مما يتلقنه الطلاب الأوربيون في جامعاتهم الغربية، وهذه جامعة الأزهر، الجامعة الوحيدة التي تعتز بدراسة التراث الإسلامي جنبا إلى جنب مع المناهج التعليمية الغربية الحديثة في كليات الطب والهندسة والصيدلة والعلوم والزراعة وغيرها.
تخفيف حال الاحتقان
وفي السياق نفسه قال الدكتور محيي الدين عفيفي -الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية بمصر-: إن هذا المؤتمر جاء في توقيت ٍمهم جدا للأمة العربية والإسلامية وللمنطقة كلها؛ لما له من آثار نأمل أن يحققها بتخفيف حال الاحتقان الموجودة لدى بعض وسائل الإعلام تجاه الإسلام والمسلمين، كما أنه دعوة لغير المسلمين لينظروا إلى من أنصفوا الإسلام وتحدثوا عنه.
العلاقة بين الإسلام والغرب
وأضاف عفيفي في تصريح خاص لـ(الفرقان)، على هامش المؤتمر، أن هذا المؤتمر يعالج مشكلة العلاقة بين الإسلام والغرب، ويركز على الحوار وهو ما نحتاج إليه، فضلا عن أنه يركز على الفصل بين الممارسات السلبية لبعض المسلمين أو ممن ينتسبون للإسلام، وشدد أمين البحوث الإسلامية، على أنه لا يمكن أبدا أن يُتهم الإسلام بسبب عدم فهم فئات من المسلمين للإسلام، وبالتالي نحن طالبنا الرموز الغربية التي حضرت المؤتمر بأن تحترم تعاليم الإسلام وقيمه ومبادئه وتاريخه وحضارته، وفي الوقت نفسه نطالب المسلمين بفهم حقيقة الإسلام وبالتالي الإحسان إلى الغرب، وإيصال الصورة الصحيحة عن الإسلام إليهم.
أصوات منصفة
وأشار عفيفيى إلى أن شهادة رؤساء ورموز من الدول الغربية وإنصافهم للإسلام دليل على أن هناك أصواتا منصفة، هذه الأصوات لها دور مهم جدًا، ونحن بحاجة ماسّة إلى أن نصحح الصورة الذهنية السيئة التي تربط بين الإرهاب والإسلام؛ لذلك لا بد أن يعلم الجميع أنه لو تم الربط بين الإسلام والإرهاب، فلن تسلم المسيحية ولا اليهودية من نسبة الإرهاب إليها، وبالتالي لا بد أن نفصل بين الممارسات التي يفعلها بعض منتسبي الإسلام وبين تعاليم الإسلام الحقيقية.
الإسلام والسلام وجهان لعُملةٍ واحدة
من جانبه قال د. نصر فريد واصل -عضو هيئة كبار العلماء، ومفتي الجمهورية الأسبق-: الإسلام والسلام وجهان لعُملةٍ واحدة، والإسلام جاء لسلام العالم، والمسلمون بعقيدتهم وشريعتهم يُمَثِّلون تطبيقًا عَمَليًّا لذلك، وأكد، أن النموذج المصريّ في المواطنة هو نموذجٌ عالميّ، موضّحًا أنّ مصرَ هي بَوتَقةٌ للمواطنة الكاملة للمسلمين وغير المسلمين، وأنه لا يوجد أيُّ تمييزٍ بين مسلمٍ وغير المسلم على أرضها؛ فالجميع سَواسيةٌ في المواطنة والحقوق والواجبات والتعامل بينهم.
الفرقان تلتقي رئيس وزراء البوسنة والهرسك السابق
وعلى هامش المؤتمر، التقت الفرقان رئيس وزراء البوسنة والهرسك السابق (د. زلاتكو لاغومجيبا)، الذي أبدى إعجابه بالمؤتمر والقائمين عليه، وفكرته التي تخفف حالة الاحتقان الموجودة عند فئات أجنبية كثيرة.
وأضاف لاغومجيبا في تصريحه لـ(الفرقان)، أن هناك تحديات جديدة وكبيرة أمام الإسلام، منها (الإسلاموفوبيا) الذي تسببت فيه الجماعات المتطرفة والتكفيرية التي تنتسب للإسلام، ثم الإعلام الموجه الذي يعمل على تشويه صورة الإسلام وصورة رموزه.
وتابع، أنا في الحقيقة معجب بمصر وبالبلاد العربية، وهذه أول مرة أزور فيها الأزهر الشريف، وأجلس مع الدكتور أحمد الطيب، الذي شجعني على أن أعود لبلادي لأحدثهم أكثر عن سماحة الإسلام، وقبوله للآخر.
وأردف، جئتُ حاملا لآمال كبيرة وأجواء إيجابية أكثر، وعنوان المؤتمر كان مشجعا لي؛ فأنا أراه يحتمل الكثير من الرسائل التي لا بد أن تعيها الشعوب الغربية الي تخاف من الإسلام؛ فالمؤتمر يبث الأمل، ومن أكبر علامات التميز فيه أن نجتمع جميعا في القاهرة وأن نصل إلى حد من التفاهم بما يفيد العالم عموما.
نائب رئيس رابطة يابانية: مؤتمر الأزهر خطوة فاعلة للتفاهم
وفي الصدد نفسه قال الدكتور (كازو تكاهاشي) -نائب رئيس الرابطة اليابانية لدراسات كيوسي باليابان-: إن المؤتمر الذي دعانا إليه الأزهر الشريف ودعانا فيه إلى الحوار هو في الحقيقية ضرورة ملحة لاستيعاب الاختلاف الناجم عن صراع الحضارات.
وأضاف (ككاهاشي) لـ(الفرقان)، أن في الإسلام تاريخا عظيما وقيما تحض على التكافل والتعايش، وهذه القيم يحتاج العالم إلى أن يسمع عنها أكثر، لتصحيح المعلومات المغلوطة التي يتم تصدريها من خلال من ينتسبون إلى الإسلام لتشويهه، أو من خلال بعض وسائل الإعلام التي تعمل وفقا لتوجيهات معينة.
وتابع، أن الحوار والاستماع سبيل مهم للغاية لبناء حضارة جديدة ومشتركة بين الشرق والغرب، وفي الحقيقة مؤتمر الأزهر أنا أراه خطوة فاعلة وحقيقية على طريق التفاهم والتكامل الذي يحتاج إليه العالم، ونرجو تكراره.
لاتوجد تعليقات