رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سامح محمد بسيوني 13 يونيو، 2017 0 تعليق

بالقرآن نحيا وبالسنة نهتدي(2) بين الأعرابيوعجوز بني إسرائيل والفرص العظيمة

 

جاء في الحديث الذي يرويه لنا أبو موسى الأشعري رضي الله عنه؛ حيث قال: « أِتى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَعْرَابِيّاً فَأَكْرَمَهُ، فَقَالَ لَهُ: «ائْتِنَا» فَأَتَاهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «سَلْ حَاجَتَكَ»، قَالَ: نَاقَةٌ نَرْكَبُهَا، وَأَعْنُزٌ يَحْلِبُهَا أَهْلِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَعَجَزْتُمْ أَنْ تَكُونُوا مِثْلَ عَجُوزِ بَنِي إِسْرَائِيلَ» قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، وَمَا عَجُوزُ بَنِي إِسْرَائِيلَ؟! قَالَ: إِنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ لَمَّا سَارَ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ مِصْرَ ضَلُّوا الطَّرِيقَ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ عُلَمَاؤُهُمْ: إِنَّ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ أَخَذَ عَلَيْنَا مَوْثِقًا مِنَ اللهِ أَنْ لاَ نَخْرُجَ مِنْ مِصْرَ حَتَّى نَنْقُلَ عِظَامَهُ مَعَنَا، قَالَ: فَمَنْ يَعْلَمُ مَوْضِعَ قَبْرِهِ؟ قَالُوا: عَجُوزٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَبَعَثَ إِلَيْهَا فَأَتَتْهُ، فَقَالَ: دِلينِي عَلَى قَبْرِ يُوسُفَ قَالَت: حَتَّى تُعْطِيَنِي حُكْمِي، قَال: ومَا حُكْمُكِ؟ قَالَتْ: أَكُونُ مَعَكَ فِي الْجَنَّةِ، فَكَرِهَ أَنْ يُعْطِيَهَا ذَلِكَ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنْ أَعْطِهَا حُكْمَهَا، فَانْطَلَقَتْ بِهِمْ إِلَى بُحَيْرَةِ مَوْضِعِ مُسْتَنْقَعٍ فِي مَاءٍ، فَقَالَتْ: أَنْضِبُوا هَذَا الْمَاءَ، فَأَنْضَبُوهُ قَالَتْ: احْتَفِرُوا فَاحْتَفَرُوا، فَاسْتَخْرَجُوا عِظَامَ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، فَلَمَّا أَقَلُّوهَا إِلَى الأَرْضِ إِذَا الطَّرِيقُ مِثْلُ ضَوْءِ النَّهَارِ». (السلسلة الصحيحة).

 

 

     فيا سبحان الله، فرق شاسع بين همة ذلك الأعرابي الذي جاءت له تلك الفرصة العظيمة أمامه بأن قال له النبي صلى الله عليه وسلم : «سل حاجتك»، فلم يحسن استغلالها، ودنت به همته إلى مجرد التفكير في طعامه وشرابه وشهواته، وبين تلك المرأة العجوز من بني إسرائيل التي لاحت لها قبله مثل تلك الفرصة فأحسنت توظيف حاجة نبي من أولى العزم من الرسل إليها، وأجادت استغلال تلك الفرصة؛ فطلبت حكمها لتحقق أمنيتها طبقا لهمتها العالية التي علت بها إلى أعالي الجنان، فلم يكن طلبها مجرد دخول الجنة والتفكير في حياتها الأبدية والنجاة من النار فيها ودخول الجنة بعيدا عن تلك الدنيا الفانية، بل كانت همتها أعلى من ذلك بكثير؛ فقد طلبت أعلى النعيم بأن تكون مع نبى الله موسى في درجته في الجنة، وهو من هو عليه السلام؟ من أولى العزم من الرسل..

فرق بين الثرى والثريا، فرق بين أهل الهمم الدنية وأهل الهمم العالية، فرق بين من تدور به همته حول الحُش وبين من تهيم به همته حول العرش، فرق بين هذا وذاك، والموفق من وفقه الله..

وها هو ذا شهر رمضان، شهر الفرصة العظمى، شهر العتق من النار، شهر السبق والغفران، شهر الخيرات والبركات والنفحات تتفلت أيامه من بين أيدينا سريعا فما هو إلا (أياما معدودات)، فهل ستعلو همتنا كعجوز بنى إسرائيل، أم ستدنو همتنا كهذا الأعرابي.

 

     نحتاج بصدق أن نراجع أنفسنا قبل أن يتفلت الشهر من بين أيدينا فنبوء بالخيبة والخسران؛ فقد خاب وخسر من أدرك رمضان ولم يغفر له تصديقا لدعاء أمين السماء (جبريل عليه السلام) وتأمين أمين الأرض (نبينا محمد [)، نحتاج إلى أن نعلو بهمتنا لاسيما في رمضان، نحتاج ألا تقصر بنا همتنا في شهر رمضان عن العتق من النار و الفوز برفقة الأنبياء في أعالي الجنان، والفوز برضا الرحمن، ولذة النظر إلى وجه الكريم.

وخلاصة القول: نحتاج ألا يعجز أحدنا أن يكون كعجوز بني إسرائيل.

جعلنا الله وإياكم من أهل الهمم العالية، ورزقنا وإياكم الفوز بأعالي الجنان برفقة النبيين والصديقين والشهداء.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك