رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 23 يوليو، 2020 0 تعليق

باختصار – رجالات الدعوة. . رأسمالها الحقيقي

 

 

     جلس عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إلى جماعة من أصحابه؛ فقال لهم: تمنوا؛ فقال أحدهم: أتمنى لو أن هذه الدار مملوءةٌ ذهبًا أنفقه في سبيل الله، ثم قال عمر: تمنوا، فقال رجل آخر: أتمنى لو أنها مملوءة لؤلؤًا وزبرجدًا وجوهرًا أنفقه في سبيل الله وأتصدق به، ثم قال: تمنوا، فقالوا: ما ندري ما نقول يا أمير المؤمنين؟ فقال عمر: ولكني أتمنى رجالاً مثلَ أبي عبيدة بنِ الجراح، ومعاذِ بنِ جبلٍ، وسالمٍ مولى أبي حذيفة، فأستعين بهم على إعلاء كلمة الله.

هذا الموقف يؤكد حقيقة إيمانية وتربوية تشتد إليها الحاجة فى ظروف أمتنا الراهنة، وهى أن حاجة الأمة إلى بناء الرجال، مقدم على حاجتها المادية من مال ونحو ذلك؛ فالرجال هم الذين ينجزون الحضارة، ويبنون الأمة، ويجعلونها في مقدمة الأمم.

وهكذا الدعوات، تسمو وترتقي برجالاتها، فالداعية هو الوجه العملي لدعوته، يرى الناس دعوته فيه، فإن كان صاحب خلق حسن، قالوا هذه دعوة طيبة وأقبلوا إليها، وإن كان صاحب خلق سيء، قالوا هذه دعوة مذمومة وانصرفوا عنها.

     انتابتني هذه المشاعر ونحن نعد الملف الخاص بالشيخ الراحل (عبدالله عيسى الخالد) -رحمه الله-، ولا سيما حين وجدت اهتمامًا بالغًا من الشيخ سالم الناشي (رئيس التحرير) بهذا الشيخ الراحل، ومن خلاله أدركت أهمية هذا الرجل في هذا البناء المبارك (بناء الدعوة السلفية)؛ فهو من رعيلها الأول، وأحد المؤسسين لها، وحديث المشايخ الفضلاء عنه، وثناؤهم عليه، كوَّن لي صورة ذهنية عن هذا الجبل، وعشت ساعات من الذكريات والمشاعر الفياضة، للزمن الجميل لهذه الدعوة المباركة.

     كثير من الكلام النظري الذي كنا نسمعه من مشايخنا عن صفات الداعية الحق، وجدته حقيقةً ماثلةً أمامي في الشيخ أبي خالد -رحمه الله- نحسبه والله حسيبه؛ فالدعوة إلى الله -تعالى كما ذكر الشيخ ابن جبرين رحمه الله-، تكون بالقول وبالفعل؛ فالداعية إلى الله لابد أن تتوفر فيه السمات الرفيعة، والخصال الشريفة التى يحبها الله -تعالى- ويأمر بها.

- فرجل الدعوة الحق دائم التفكير في دعوته، عظيم الاهتمام بها، غدوه ورواحه وحديثه وكلامه وجده ولعبه لا يتعدى مجال دعوته وخدمتها ونصرتها، فهو يعطي دعوته من وقته وجهده وماله، لا يبخل عليها بشيء.

- ورجل الدعوة الحق أسيرٌ في يد الشريعة، يلتزم بالسنة وآدابها، ويُعَظِّمُ حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يتجاوزه، وشعاره الاتباع وليس الابتداع.

- ورجل الدعوة الحق متواضع، يدعو الناس بأخلاقه وأفعاله، قبل أن يدعوهم بلسانه ومقاله، ووثيق الصلة بهم، ويحنو عليهم، فهو ابنٌ للكبير، ووالد للصغير، يعاملهم معاملة حسنة، لا يرتفع عليهم بعلمه ومكانته، ولا يفرق بين سيِّدهم وخادمهم، ولا بين قويِّهم وضعيفهم، ولا بين غنيِّهم وفقيرهم، ولا بين كبيرهم وصغيرهم؛ بل الكل عنده سواء.

- ورجل الدعوة الحق مخلص؛ فالإخلاص سر نجاحه، وأقوى الأسباب لالتفاف الناس حوله، فمن يؤمن بدعوته تمام الإيمان، يحاول إيصالها للناس بكل جوارحه، وتشعُر أن حديثه نابع من القلب؛ لذا فهو يصل إلى القلوب.

- إن رجالات الدعوة هم رأس مالها الحقيقي الذي لا يعوض، إنهم رجال خالفوا أهواءهم، وحنت قلوبهم للتقوى، علموا أنهم لا ينزلون عن رواحلهم إلا بين القبور، فنفضوا عنهم أدران الدنيا؛ فَتعالت هممهم، وصح سلوكهم، وكَرُمَت أخلاقهم، وزكت نفوسهم {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}، ونحسب أن الشيخ عبدالله عيسى الخالد منهم ولا نزكيه على الله، فغفر الله له وتقبله في الصالحين.

 

 

 

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك