رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 17 نوفمبر، 2018 0 تعليق

باختصار – النقاب ومعركة الوعي

الحملة القائمة الآن على النقاب حملة قديمة حديثة، وهي أحد مظاهر الصراع يبن الحق والباطل، ولئن جعل القائمون بهذه الحملة النقاب شعارًا لحملتهم، فلن يتورعوا عن المطالبة بمنع الحجاب مستقبلاً إن سنحت لهم الفرصة لذلك، وتأتي هذه الحملة ضمن مجموعة من الحملات التي تستهدف ثوابت الدين وقيمه ومبادئه؛ لذلك لابد ألا نكتفي بالقراءة السطحية للحدث والانشغال به دون الوقوف على أبعاده ومآلاته.

     ولقد حكى الله -تعالى- في كتابه مشاهد معركة الحق والباطل المتكررة في كل عصر، قد تختلف الصور لكن لاشك تبقى الحقائق، حتى يتعجب المؤمن من تطابق هذه الحملات قديمًا وحديثًا، في أسسها ومبادئها ونفسيتها وأساليبها ومراحلها؛ فلا يزيده هذا إلا يقينًا في زوالها، وهذا ما حدث في قصة قوم لوط -عليه السلام- وجوابهم على التخويف بالله وبعذابه، قال -تعالى-: {وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ}.

- من هنا فلابد أن ندرك أن هذه الحملات التي لا تكل ولا تمل، ولا تترك ميدانًا إلا ولجته، تمثل جزءا من معركة الوعي في هذه المرحلة الفارقة في تاريخ أمتنا، هذه المعركة التي يحاول فيها أصحاب الباطل التزييف المتعمّدٍ للوعي، معركة تحاول أن تغير نظرة المسلمين للأشياء، معركة تحاول تغيير معاييرهم في الحكم على الصواب والخطأ، معركة تحاول أن تجعلهم يقتنعون بما كانوا يرفضون، ويرفضون ما كانوا يعتقدونه، معركة تريد منهم باختصار أن يخرجوا من ذواتهم، وأن يدخلوا مكانها ذواتًا أخرى جديدة بعيدة عن مبادئ الوحي والشرع والدين، وهذه المعركة ولا شك لها ضحايا كثرٌ؛ فلابد أن ننتبه وأن نكون على مستوى الصراع.

- ومن سمات أنِّ هذه المعركة أنها قديمةٌ بقدم الصِّراع بين الحق والباطل، منذ أن أمر الله -سبحانه- إبليس بالسجود لآدم -عليه السلام-فأبَى وعصى وتكبَّر على أمر الله، ومنذ ذلك اليوم والحرب لَم تتوقف بين الفريقين، ولم يتغيَّرْ أي شيء من أهدافها المعلَنة من الشيطان وجنده، بل لَم تتغيرِ مبادئهم وإن تغيرتِ أساليبهم.

-  كذلك علينا إدراك أن هذه الحملات أشبه بحرب استنزاف، يحاول فيها العلمانيون إرهاق الإسلاميين واستنفاذ جهودهم، وإشغالهم عن أهدافهم الكبرى في البناء والتربية، ومحاولة إعادتهم إلى المربع الأول؛ لذلك لابد من الانتباه والموازنة بين مواجهة تلك الحملات، والانشغال بها، والتصدي لها، وبين أهدافنا الكبرى والسير قدمًا نحو تحقيقها.

-  كثير من الإسلاميين يقعون في قراءة خطأ للحدث؛ فيعممونه على أن الدولة أصبحت دولة مارقة خارجة عن الدين معادية له، وهذا من عدم الإنصاف وتحميل الأمور ما لا تحتمل، والتعميم في هذه الأمور يُعد خلطا للأوراق.

- هذه الحملات وإن لم تحقق مرادها إلا أنها تحدث خسائر ولا شك، ولاسيما أنها تُستغل بطريقة سيئة وسلبية إعلاميًا، في ظل الفراغ الدعوي الهائل الذي تعيشه الأمة بعد ثورات الخراب العربي؛ لذلك لابد من التخطيط الجيد لمواجهتها وعدم التهوين من تداعياتها، والاستمرار بنَفَس طويل في مواجهتها.

      وأخيرًا، على الذين سلكوا طريق الدعوة إلى الله -تعالى- ألا يهتز يقينهم، ولا يتزعزع إيمانهم حتى وإن رأو تكالب الأمم واشتداد الخطوب؛ لأنهم يعلمون أن الأمر كله لله -تعالى- وأن العاقبة للحق وأهله، وأن المستقبل لهذا الدين: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} (المجادلة:21).

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك