رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 22 يناير، 2023 0 تعليق

باختصار – اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ من الفقْرِ والقِلَّةِ والذِّلَّةِ

     الفقر في نظر الإسلام مصيبة وبلاء، لذلك كان النبي - صلى الله عليه وسلم - دائم الاستعاذة منه، بل كان من سُنَّته - صلى الله عليه وسلم - أن يقرن معه الاستعاذة من الكفر، فكان - صلى الله عليه وسلم - يقولُ في دُبُرِ الصَّلاةِ: «اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بكَ مِنَ الكفرِ، والفقرِ، وعذابِ القبرِ».

     كما استعاذ النبي - صلى الله عليه وسلم -، من الفقر في أدعية أخرى، فكان من دعائه - صلى الله عليه وسلم -: «اللّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفَقْرِ، وَالْقِلَّةِ، وَالذِّلَّةِ».

      أعوذ بك من «الْفَقْرُ»، وهو خلوّ ذات اليد من المال، سواء عنده بعض كفايته، أو لم يجد كفايته، فيدعو الَله: أعذني من عدم كفايتي من المال الذي أقوت به نفسي، وأهلي وأولادي، وأخاف من أن يؤدي بي إلى عدم الصبر، وإلى التسخط وعدم القناعة، وتسلط الشيطان عليَّ بذكر نعم الأغنياء، وأعذني يا إلهي من شدة الحاجة إلى الخلق، والتعرض لهم بالسؤال والطلب والاحتياج إلى غيرك، لأنه قد يفضي إلى نقصانٍ في الدين والمروءة.

     وأعوذ بك من «القلّة»، والمراد بها قلة المال التي يخاف منها قلة الصبر، وقيل المراد قلة أبواب الخير والبر، أو قلة العدد أو المدد، أو قلة الأنصار، والراجح: القلة في أبواب البر وخصال الخير؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يؤثر الإقلال في الدنيا ويكره الاستكثار من الأعراض الفانية.

     وأعوذ بك من «الذِّلَّةِ»، وهي الصغار والهوان، مثل انحطاط القدر عند الناس، فاستعاذ - صلى الله عليه وسلم - من أن يكون ذليلاً في أعين الناس، وقيل: إنها استعاذة من كل أنواع الذِّلَّةِ، وهذا من جوامع الكلم التي أوتيها نبينا - صلى الله عليه وسلم .

     إن للفقر مخاطر جمَّة، وآفات كثيرة؛ لذلك كان النبي - صلى الله عليه وسلم -، يستعيذ بالله منه، ويسأل ربه الغنى، ويقول: «اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ الهُدى والتُّقى والعَفافَ والغِنى».

      فمن مخاطر الْفَقْرِ، أنه مدعاة لانتشار بعض المنكرات من سرقة ونهب، وما أشبه ذلك، وقد يؤدي إلى الكفر، وذلك بأن يبيع دينه بالدينار والدرهم، فقد روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا»، فبَيْعُ الدِّينِ هنا كان بعَرَضٍ من الدنيا، وقيل هذا في حقِّ الفقراء.

      ومن مخاطر الْفَقْرِ أنَّ الإنسان قد يصبح عبدًا للمال، فلربما قدَّم المال عن كل شيء، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميصة، إن أعطي رضي، وإن لم يعط لم يرض».

      إن أنين بيوت الفقراء وأصحاب الحاجة والعوز، لا يقلّ إيلامًا عن أنين المرضى والمعذبين، فكثير من الأسر الفقيرة والعائلات لا تجد قوت يومها، وقد ضاقت عليها الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم، بعد أن تسلل غول الفقر إلى أجسادهم فأقعدهم وأوجعهم.

      إن المطلوب منا في هذه الأوقات الصعبة أن نلجأ إلى الله تعالى أن يرفع عنا الغلاء والبلاء، وأن يتحمل كل إنسان مسؤوليته تجاه هؤلاء الذين يخنقهم الجوع، في ظل الظروف الراهنة التي نعيشها، وهذا من أبرز صور الرفق والرحمة والتكافل بين المسلمين التي أمر بها الإسلام وحث عليها.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك