رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 8 مايو، 2012 0 تعليق

بأمر خادم الحرمين الشريفين- أكبر توسعة في تاريخ المسجد الحرام وصحن المطاف

 

يجسد مشروع توسعة المسجد الحرام وعمارته اهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله-، بتوفير الرعاية الشاملة لحجاج بيت الله الحرام لأداء نسكهم وعباداتهم بكل يسر وسهولة، وقد وضع هذا المشروع في مقدمة الاهتمامات الكبرى للملكة العربية السعودية، انطلاقا من إيمانها العميق أن تلك أمانة شرفت بها فتحملت مسؤولياتها حتى وفق الله تعالى قيادتها للإنفاق على هذا العمل الجليل أداء للواجب واضطلاعا بالمسؤولية دونما انتظار شكر أو ثناء، وإنما رجاء المثوبة والأجر عند الله سبحانه وتعالى، وتسهيلا لأداء المسلمين مناسكهم وتوفير الأمن والطمأنينة لهم.

       وقد روعي في تنفيذ المشروع أن يكون متميزا من حيث التصميم والتنفيذ، وأن يكون مترابطا مع المبنى العام للحرم من حيث الطابع المعماري، وحظيت منطقة الحرم المكي الشريف في عهد خادم الحرمين الشريفين بالنصيب الوافر من الاهتمام والمتابعة والبذل، فسجلت المشاريع العملاقة أكبر توسعة في تاريخ البلد الحرام، فوظف العلم الحديث والمعرفة التقنية والهندسية والمعمارية لخدمة هذه المشاريع العملاقة.

نقطة الانطلاق

       في التاسع عشر من شهر رمضان من العام 1432هـ رعى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- حفل وضع حجر الأساس لمشروع التوسعة الجديدة للمسجد الحرام على مساحة تقدر بـ400 ألف متر مربع، وبعمق 380 مترا، بطاقة استيعابية بعد اكتماله بأكثر من مليون ومئتي ألف مصل تقريباً، حيث تقدر القيمة المالية للعقارات المنزوعة لصالح المشروع بأكثر من أربعين مليار ريال، وجاءت الموافقة السامية على مشروع التوسعة لتواكب الازدياد المطرد في أعداد الحجاج والمعتمرين والمصلين في جنبات المسجد الحرام في أوقات الذروة من العام، وخصوصا في رمضان والأعياد وموسم الحج؛ حيث ستسهم هذه التوسعة في زيادة الطاقة الاستيعابية للساحات المحيطة بالحرم وتذويب التكدس العمراني الموجود حول منطقة المسجد الحرام المتمركز في الجهات الشمالية والغربية وفي الجهة الشمالية الشرقية.

حركة انسيابية

       ستؤدي التوسعة إلى تفريغ المناطق المحيطة بالمسجد الحرام لتسهيل حركة المصلين والآمّين لبيت الله الحرام، وإعطاء مزيد من الراحة والطمأنينة للمصلين، فضلاً عن تحسين البيئة العمرانية وتجميلها بالشكل الذي يواكب التطور العمراني في هذا العصر، مع الأخذ في الاعتبار روحانية المكان وقدسيية.

       وسيضم المشروع هيكلة إنشاء شبكة طرق حديثة مخصصة لمركبات النقل منفصلة تماما عن ممرات المشاة، وأنفاق داخلية مخصصة للمشاة مزودة بسلالم كهربائية تتوافر فيها جميع معايير الأمن والسلامة، وسط منظومة متكاملة من الخدمات التي تساعد على سهولة الحركة والانتقال من وإلى الساحات الشمالية والغربية بعيدا عن الحركة  المرورية، بما يوفر مصليات جديدة واسعة.

       وتلبي التوسعة جميع الاحتياجات والتجهيزات والخدمات التي يتطلبها الزائر، مثل نوافير الشرب والأنظمة الحديثة للتخلص من النفايات وأنظمة المراقبة الأمنية، إلى جانب تظليل الساحات الشمالية.

       وترتبط التوسعة الحالية بالتوسعة السعودية الأولى والمسعى من خلال جسور متعددة لإيجاد التواصل الحركي المأمون من حيث تنظيم حركة الحشود، وستؤمن منظومة متكاملة من عناصر الحركة الرأسية، حيث تشمل سلالم متحركة وثابتة ومصاعد روعي فيها أدق معايير الاستدامة، من خلال توفير استهلاك الطاقة والموارد الطبيعية، بحيث تم اعتماء أفضل انظمة التكييف والإضاءة التي تراعي ذلك.

       وشهد بناء المسجد الحرام وعمارتة على امتداد أكثر من 14 قرنا، نقلات معمارية كثيرة على مر العصور، إلا أن هذه التوسعة شهدت تطورا وتوسعا أفقيا ورأسيا وخدميا؛ حيث تعد علامة بارزة في تاريخ عمارة المسجد الحرام تضاف إلى المشروعات العديدة التي شهدها المسجد الحرام في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله ابن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- ومنها توسعة المسعى الذي ارتفعت طاقته الاستيعابية من 44 ألف ساع في الساعة إلى 118 ألف ساع في الساعة، مما سهل على الحجاج والمعتمرين إكمال مناسكهم، ثم ارتبط بهذه التوسعة دراسة توسعة المطاف والأمر بتكييف كامل المسجد الحرام، اللذين يتوقع ظهورهما قريبا، تسهيلا وتيسيرا للمسلمين، ومن تلك الإنجازات مشروع سقيا زمزم الذي وفر الماء المبارك بأسلوب تقني متطور.

       وتأتي هذه المشروعات امتدادا لما شهده المسجد الحرام من توسعات وإنشاءات في العهد السعودي منذ تأسيس الدولة على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن رحمه الله.

توسعة المسعى

       ومن المشروعات التطويرية التي أمر بتنفيذها خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله، مشروع توسعة المسعى، حيث تعد أكبر توسعة يشهدها المسعى في تاريخه في مشروع متميز يهدف إلى تسهيل مناسك الحج والمعتمرين، مراعيا الاعتبارات الشرعية والجغرافية.

       وجاءت التوسعة الجديدة لتضاف إلى إنجازات سابقة، فقد زاد عرض المسعى الكلي إلى الضعف، فبعد أن كان عرض المسعى 20 مترا تمت توسعته ليصل إلى 40 مترا، مستغلا المساحات الملاصقة للحرم، وبلغ عدد الطوابق 4 طوابق بمساحة إجمالية تجاوزت 87 ألف متر مربع، أي بزيادة تجاوزت 43 ألف متر مربع قبل التوسعة، فيما تبلغ مسطحات البناء الإجمالية بجميع الأدوار لمناطق السعي والخدمات حوالي 125 ألف متر مربع، وهو ما يعني بالتأكيد تخفيف الازدحام بشكل ملحوظ، وبالتالي ضمان سلامة الحجاج والمعتمرين.

       ويوفر هذا الإنجاز الكبير لزوار بيت الله الحرام 3 أدوار و4 مناسيب للسعي تتصل مباشرة بأدوار التوسعة السعودية الأولى للحرم، فيما يرتفع دور سطح المسعى الجديد عن أدوار الحرم الحالي، ويتم الوصول إليه عن طريق سلالم متحركة ومصاعد، فضلاً عن 3 جسور علوية وممر للجنائز من قبو المسعى إلى الساحة الشرقية عبر منحدر ذي ميول مناسبة لتوفير الراحة، واشتمل المشروع على توسعة منطقتي الصفا والمروة بشكل يتناسب مع التوسعة العرضية والرأسية، وتركيب 4 سلالم كهربائية جديدة من جهة المروة، لنقل الزوار خارج المسعى، حتى يتمكن الحجاج والمعتمرون من الخروج بيسر بعد الفراغ من نسكهم، كما تؤمن التوسعة الجديدة ممرات مخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة، إضافة إلى توفير مناطق للتجمع عند منطقتي الصفا والمروة.

وقف الملك عبدالعزيز

       ومن المشروعات التي أمر بتنفيذها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- لخدمة الحرمين الشريفين مشروع وقف الملك عبدالعزيز للحرمين الشريفين، حيث يعد الوقف الواقع بجوار الحرم أكبر مبنى سكني وتجاري في العالم من حيث المساحة المبنية التي تبلغ 1.5 مليون متر مربع، كما أنه ثاني أعلى مبنى في العالم ويشتمل المشروع على مواقف كبيرة للسيارات مرتبطة بالأنفاق الأرضية تحت المبنى وخزانات لتأمين المياه تزيد سعتها على 53000 متر مكعب لضمان توفير المياه، خصوصا في أوقات الذروة، كما يشتمل على الاحتياجات الإضافية اللازمة لشبكة مكافحة الحريق التي يجب أن تكون متوافرة على مدار الساعة، كما تم ربط الأبراج السكنية فيما بينها عبر جسور على ارتفاعات مختلفة للتنقل ما بين الأبراج ولاستعمالها للإخلاء السريع عند الطوارئ.

       كما يتضمن الوقف نظام تكييف مركزي صمم في مبنى منفصل على بعد أكثر من كيلو متر عن المشروع؛ وذلك لتجنب الضوضاء الناتجة عن تشغيل المبردات، كما أن مباني الوقف مزودة بنظام تحكم ومراقبة لعمل الأجهزة الأساسية بما فيها المضخات والمراوح والمعدات الكهربائية، وذلك لمراقبة عملها وتأمين الخيارات البديلة في حال تعطله، وروعي في مباني وقف الملك عبدالعزيز للحرمين الشريفين إبراز النواحي الجمالية، والمحافظة على البيئة والطابع المعماري الإسلامي بشكل يليق بأهمية المشروع وموقعه قرب المسجد الحرام.

       ويعد الوقف مدينة متكاملة الخدمات؛ إذ يحتوي على سبعة أبراج سكنية، يشمل كل برج منها على فندق وشقق فاخرة ومفروشة وأجنحة من جميع المستويات، إضافة إلى مجمع تجاري وأسواق مركزية ومنطقة مطاعم، وفرض حجم المجمع الهائل والأعداد الكبيرة من الضيوف والزوار والنزلاء توفير المصاعد وسلالم كهربائية عديدة حتى يتسنى للجميع الحركة بكل سهولة ويسر والوصول إلى الحرم بسرعة، وذلك عبر 412 مصعدا في الأبراج تتحرك معظمها بسرعة ستة أمتار في الثانية فضلا عن 140 سلما كهربائيا.

       ويحتضن المشروع مباني الوقف للحرمين الشريفين ومركزا ثقافيا، بالإضافة إلى مركز خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لدراسة ومتابعة منازل القمر، ومركز أبحاث علوم الفلك، ومركز رصد فلكي، ومهبطين للطائرات العمودية على اتصال مباشر بجميع الأبراج السكنية، كما يضم مركزا طبيا متكاملا، فضلا عن تجهيز مقر للمؤتمرات بطاقة استيعابية تبلغ 1500 شخص، ومحطات خاصة للحافلات، وتوفير أحدث وسائل الأمن والسلامة باستخدام النظام المتكامل للإنذار المبكر ومكافحة الحريق، وزود المشروع بمحطتين لمعالجة مياه الصرف وإعادة استعمالها في دورات المياه.

توسعة المطاف

       ومن ضمن المشروعات التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله، مشروع توسعة المطاف بالمسجد الحرام؛ حيث سيتسع المطاف بعد تنفيذه بمشيئة الله تعالى لـ130 ألف طائف، ويستغرق تنفيذ المشروع ثلاث سنوات.

       ويأتي المشروع لمواكبة القيادة الرشيدة -حفظها الله - للزيادة المطردة في أعداد المسلمين لزيارة البيت وأداء المناسك بتطوير عمارة المسجد الحرام، فقدمت إنجازا جديدا لمشروع عملاق تمثل في تطوير المسعى لتصل طاقته الاستيعابية إلى 108 آلاف ساع في الساعة، وهو الأمر الذي دعا إلى العمل على زيادة الطاقة الاستيعابية للمطاف، فبات من الضروري التخطيط لمنظومة تعمل على زيادة الطاقة الاستيعابية للمطاف بفكر علمي مدروس ورؤية استراتيجية عالية المستوى،  فجاءت الفكرة لتتمحور حول إنشاء رواق سعودي جديد خال من الأعمدة، مع تعزيز الطواف بصحن المطاف من خلال إعادة التعامل مع أرض صحن المطاف والرواق المحيط بها، إلى جانب ربط جميع الأدوار المخصصة كمساحات للمطاف بنفس مستوياتها من المسعى بما يسمح بالتوازن في حركة الطائفين والمعتمرين بجميع الأدوار.

       كما تم تخصيص مسطحات بدور الميزانين المضاف بالدور الأول لطواف العربات لكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، حيث تتسع لما يقارب 6 آلاف طائف في الساعة، كما تم تخصيص مسطحات لصلاة سنة الطواف وربطها بالمسعى من الجهة الشرقية من خلال جسور ربط لمستوى حركة العربات المضاف مع المستوى المماثل له بالمسعى الجديد.

       وسيساعد المشروع الجديد في رفع طاقة المطاف من خمسين ألفا في الساعة كما هي في الوضع الراهن، إلى ما يقارب 130 ألفا في الساعة، وتم تدعيم تلك المسطحات الجديدة والمضافة بمسارات حركة تعزز من كفاءة حركة الدخول والخروج للطائفين، فمنها ما يعمل على الوصول المباشر من خلال جسور مرتبطة بساحات تجمع تم توفيرها وتهيئتها على مسافات مناسبة بعيدة عن مداخل الحرم وساحاته، وذلك لتخفيف العبء عنها ولتسهيل عمليات الإخلاء السريع والوصول غير المباشر عبر ممرات ما بين مسطحات الصلاة في الدورين الأول والثاني.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك