رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: أسامة شحادة 18 فبراير، 2019 0 تعليق

اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ

مِن رحمة الله -جلَّ وعلا- بعباده المؤمنين أن جعلهم يردّدون هذا الدعاء كل يوم 17 مرة في صلاتهم المفروضة، وأضعاف ذلك في شهر رمضان خاصة، والهداية للصراط المستقيم إن حصلت للمؤمن والمؤمنة فقد فازا فوزًا عظيمًا.

     قال الإمام ابن القيم: «ولما كان سؤال الله الهداية إلى الصراط المستقيم، أجلّ المطالب لنيل أشرف المواهب، علّم الله عباده كيفية سؤاله، وأمرهم أن يقدموا بيْن يدي الدعاء حمده -سبحانه-، والثناء عليه وتمجيده، ثم ذكرهم عبوديته وتوحيده؛ فهاتان وسيلتان إلى مطلوبهم: توسل إليه -سبحانه- بأسمائه وصفاته، وتوسل إليه بعبوديته والاستعانة به -سبحانه».

    وفي هذه المرحلة الصعبة التي نعيشها والمليئة بالفتن والشبهات والتحديات، نحتاج لكثرة سؤال الله -عز وجل- الهداية للصراط المستقيم، وعلى المستويات كافة؛ فها هي ذي شبهات الإلحاد والتنصير، والروحانيات، والأفكار المنفلتة تغزو الشباب والشابات، وتُسقط في شباكها مَن ضلّ عن الصراط المستقيم وحاد عن دين الإسلام برغم أنه ولد مسلمًا، بل وقد يكون مِن أهل الصلاح والالتزام.

ومَن قصّر في طلب الهداية للصراط المستقيم قد ينجو مِن الشبهات والفخاخ التي تصل به للخروج عن دين الإسلام، لكنه قد يتورط في انتهاج مسلك علماني يَقصر الدين على العبادات والشعائر، والسلوك الشخصي، أو يتبنى نهجًا علمانيًّا معاديًا للدين والإسلام!

ومَن لم يهده الله إلى الصراط المستقيم قد تتلقّفه أفكار ودعاوى الفرق الضالة مِن البهائية وضلال الصوفية والقرآنيين، أو دعاة الضلال مِن العلمانيين والحداثيين الذين نصّبوا أنفسهم أئمة للدين والإسلام، وحقيقتهم أنهم دعاة على أبواب جهنم!

     ومَن نجّاه الله مِن هذه الانحرافات والمزالق عليه أن يكثر مِن الدعاء بالهداية للصراط المستقيم أيضًا حتى لا تزلّ به القدم؛ فيبتعد عن الحق بتهاونه في طلب العلم الشرعي الصحيح؛ مما يحرمه مِن حسن الالتزام بمنهج أهل السُّنة والجماعة، والعمل بما علّمه الله مِن العلم.

وسؤال الله الهداية للصراط المستقيم مهم جدًّا أيضًا لمَن هداه الله -عز وجل- لمنهج أهل السُّنة والجماعة؛ ذلك أن الانتساب لهذا المنهج يلزمه أيضًا الدعوة له والصبر على تبعات ذلك، بعيدًا عن غلو دعاة العنف أو دعاة التبديع.

والمسلم والمسلمة وهما يتحركان بمنهج أهل السُّنة والجماعة يحتاجان إلى هداية الله -تعالى- لهما للصراط المستقيم في فهم الواقع والتعامل معه؛ فإن كثيرًا ممَن يرفع شعار فقه الواقع ليس لهم منه إلا رفع الشعار فقط.

     ومع تكالب أعداء الله -عز وجل- وأعداء دينه على المسلمين؛ بحيث تختلط الأمور نتيجة الإشاعات والأراجيف، ونتيجة الضعف وقلة الإمكانيات يحتاج المسلم والمسلمة لدوام سؤال الله -عز وجل- الهداية للصراط المستقيم للنجاة مِن هذه الإشاعات، والتورط في خيارات ومواقف خاطئة!

     وكلما تصاعدت المسيرة الدعوية، زادت الفتن والتحديات التي تحتاج اللجوء والاعتصام بالله -عز وجل- وسؤاله الهداية للصراط المستقيم؛ ولذلك رحمنا الله -عز وجل-، وجعلنا نكرر دعاءه في يومنا 17 مرة على الأقل، ولكننا نحتاج إلى الوعي بأهمية هذا الدعاء وحضور القلب فيه.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك