انتفاش الفساد !
- الفساد (Corruption): هو إساءة استخدام السلطة الرسمية الممنوحة للشخص، سواء في مجال المال العام أم النفوذ، أم التغافل عن تطبيق النظام أم المحاباة، وكل ما يضر بالمصلحة العامة، وتعظيم المصلحة الشخصية؛ فهو بذلك خيانة للأمانة وجريمة مشينة؛ للحصول على مزايا غير مشروعة.
- وهناك عوامل تساعد على انتشار الفساد، وأهمها وضع مسؤولين غير أكفاء في مناصب مهمة دون التحقق من أمانتهم؛ فلا وجود للعدالة في التعيين؛ فيترتب على ذلك إساءةٌ للمناصب العامة لتحقيق مكاسب شخصية، فضلا عن ضعف الرقابة الإدارية والمالية، وضعف المحاسبة وفرض العقوبة المناسبة.
- والفساد قد يكون أيضا بنشر العقائد الباطلة، والأفكار الهدامة، والعمل بالمعاصي والرضا بها، وهو رأس الأمر؛ فإذا فسد الدين عند الناس، فسد كل شيء في حياتهم ومستقبلهم، ومما يزيد الأمر سوءا، أن الشخص يعتقد أنه يصلح وهو يفسد! قال - تعالى- : {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} (البقرة:11) وهذا الجمع بين الفساد والإصلاح، أمر غريب، فكيف يُجمع الباطل مع الحق، والظلام مع النور؟!
- ومع الأسف! فإن المفسدين لهم اجتهاد ومسارعة وبذل من أجل فسادهم، قال - تعالى -: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ}(البقرة:205). وهو بهذا يدمر المجتمع بأسره؛ حيث تقل البركة في كل شيء؛ بسبب كثرة الفساد والمعاصي.
- وبسبب سعي المفسدين واجتهادهم في نشر فسادهم؛ فإنه يظهر واضحا في كل مكان، قال - تعالى -: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (الروم:41)، فتفسد حياة الناس، وتنقص البركة، وتحل الآفات والكوارث والأمراض والأوبئة وغير ذلك؛ بسبب ما قدمت أيديهم، وقد عُجل لهم بعض العذاب ليكون رادعا لهم، ومذكرا بعذاب الآخرة، إن هم استمروا على فسادهم.
- ولعل من أهم أسباب الفساد ضعف الوازع الديني، والانصياع لشهوات النفس، وضعف مخافة الله -سبحانه وتعالى-، وأيضا الانصياع للعادات والتقاليد والموروثات الجاهلية، أو بسبب ظروف الحروب والصراعات والكساد، وارتفاع تكاليف المعيشة والظلم.
- وللقضاء على الفساد ومحاربته، يجب أن نعزز القيم والممارسات الدينية، ونعلم الناس أهمية الالتزام بالدين، ونؤكد قيمة الأمانة في كل شيء: فالكذب حرام، والغش حرام، والسرقة حرام .. وهكذا، وأن يأخذ المفسد عقابه المشروع، وأن تُحفظ حقوق الناس وأملاكهم، وألا تُستغل المناصب، أو يكون هناك نفوذ، مع سن الأنظمة والتشريعات والقوانين؛ للحد من الفساد، كما ويجب التعامل بشفافية في اختيار المناصب القيادية، والتوظيف والقبول في الجامعات.
28/10/2024م
لاتوجد تعليقات