رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الشيخ: فَتْحي بِن عَبدِ الله المَوْصِليِّ 13 يونيو، 2021 0 تعليق

انتصرنا بالسبب… وهُزمنا بالشرط

 

النصر في ميزان الشرع لا بلغة العرف حقيقة عامة جامعة لا مفردة مستقلة خاصة، يندرج تحتها كثير من الأنواع والصور، حتى نكاد يُجزم أن النصر هو الإعانة على فعل المطلوب في كل وقت بحسب مصلحة ذلك الوقت؛ لهذا تعددت معانيه وتنوعت مضامينه حتى صار يطلق تارةً على مجرد الأخذ بالأسباب، وتارة أخرى يطلق على شروطه المكملة لتلك الأسباب، وعليهما وصفا تام يطلق تارة ثالثة، وهذا من اتساع اللسان العربي المبين ومن دلالة النصر الشرعي في مقاصده واستعماله؛ لأن لغة العرب وحقائق الشرع مبنيّة على التفاؤل وعلى الظفر بالفوز بكل مطلوب لهذا كانت ألفاظها واصطلاحاتها خادمة لمعانيها ومقاصدها.

النصر في لغة الشرع

النصر في لغة الشارع الحكيم يطلق على:

- الضعف الذي لا حيلة لإزالته؛ عندما يكون الضعيف عاجزاً عن الأخذ بالأسباب الحسية؛ فليست العبرة على الدوام بالأسباب الحسية والقوة المادية؛ فقد تكون العبرة بالأسباب المعنوية والحقائق الإيمانية؛ فيكون -أحياناً- الضعف مع الدعاء قوة، والقلة مع الصلاة كثرة، والنقص مع الإخلاص كمالاً.

- ويطلق النصر على دفع الله عن المستضعفين في الأرض عندما يتمكن أعداء الله منهم؛ فدفع الله عنهم هو نصر كبير وفوز عظيم بنص القرآن: {إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَار}.

- ويطلق النصر على ظهور المؤمنين على أعداء الدين بالأسباب الحسية والقوة المعنوية، كما قال -تعالى-: {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِىٌّ عَزِيزٌ}، وهنا النصر تام في أسبابه وشروطه، فنصر بالضعفاء، ونصر بدفع الله عنهم ونصر بالظهور والتمكين.

النصر على الفعل حتى مع تخلف الشروط

لهذا قد يطلق النصر على الفعل حتى مع تخلف الشروط أو نقصانها، أي على مجرد وجود أسباب النصر، ولو في حدها الأدنى؛ فهو نصر بوجود السبب مع تخلف الشرط، وقد يكون هذا التخلف عن الشرط بعذر أو دون عذر.

وإن لم يكن بعذر؛ فهو نصر في السبب لا في الشرط؛ وقد هزم المنصورون في ميدان الوفاء بالشروط، وكانت نسبتهم إلى النصر نسبة سبب لا نسبة شرط.

وهنا يقع الفرق: فالنصر بلا شرط هو نصر ناقص، وهو لا يخلو من فرحة ونشوة؛ وقد يكون طريقا إلى العزة؛ لكن لا يكون تمكيناً وقوة إلا بالنصر التام بأسبابه وشروطه.

وعندما تنتقص أسباب التمكين ويتأخر ثبات القدم على النصر لضعف الأسباب، أو لتأخر الشروط؛ فالواجب المتعين على أهل هذا الجيل أمور ثلاثة:

- الأول: المراجعة الشاملة والمحاسبة الصادقة للأفعال والأقوال والمواقف على ضوء الكليات والمصالح.

- والثاني: أن يجتهد أهل هذا الجيل على نقل الدين المصفى والشرع المنزل المنقى إلى الأجيال القادمة، روايةً ودرايةً، سماحةً ورحمةً، فروسيةً وشجاعةً.

- والأمر الثالث: أن يعملوا على -وجه التعاون والتكامل لا وجه التقاطع والتنازع - تحصيل الأسباب والشروط وعلى رفع الموانع والعوائق.عندئذٍ يكون النصر تاما والتمكين حاصلا.

 

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك