اليونسكو: المسجد الأقصـى موقـع إسـلامي مقـدس
الكيان الصهيوني استبق التصويت بتعليق تعاونه مع المنظمة الدولية احتجاجا على نص يمثل إنكارا للتاريخ ويعطي دعما للإرهاب
يطالب المشروع الكيان الغاصب للقدس بإتاحة العودة إلى الوضع التاريخي الذي كان قائما حتى سبتمبر من عام 2000
لن يستطيع اليهود أن يسلبونا ما نملك لأن وثائق الملكية وشرعية الحق الشرعي والتاريخي للمسلمين والعرب في القدس والمسجد الأقصى أن تنازعنا عقيدة أو تاريخياً أو قانونياً
عقدة الاضطهاد وتمثيل دور الضحية لازم اليهود منذ القدم مما دفعهم للبكاء عند الرموز الدينية كحائط البراق الذي أسموه زوراً حائط المبكى
بعد أن تبنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو) الثلاثاء 18 أكتوبر مشروع قرار بالحفاظ على التراث الثقافي الفلسطيني وطابعه المميز في القدس الشرقية؛ حيث تم اعتماد القرار بعد تصويت المجلس التنفيذي للمنظمة عليه تصويتا نهائيا، بعد أن كانت لجنة تابعة للمنظمة صوتت عليه وأقرته، ليكون تصويت المجلس التنفيذي نهائيا ولا رجعة فيه، رغم الضغوطات الصهيونية الكبيرة على الدول الأعضاء في المنظمة لثنيها عن دعم القرار.
وكان الكيان الصهيوني قد استبق التصويت بتعليق تعاونه مع المنظمة الدولية احتجاجا على نص يزعمون أنه يمثل (إنكارا للتاريخ ويعطي دعما للإرهاب)، وينص مشروعا القرارين اللذين تم اعتمادهما الخميس 13 أكتوبر، خلال جلسة لإحدى لجان منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونيسكو) بأغلبية 24 صوتا مقابل ستة أصوات معارضة وامتناع 26 عضوا عن التصويت وغياب ممثلي دولتين، على الحفاظ على التراث الثقافي الفلسطيني وطابعه المميز في القدس الشرقية، وعدّ المسجد الأقصى وكامل منطقته موقعا إسلاميا مقدسا ومخصصا للعبادة.
ويطالب المشروع الكيان الغاصب للقدس بإتاحة العودة إلى الوضع التاريخي الذي كان قائما حتى سبتمبر من عام 2000؛ «إذ كانت دائرة الأوقاف الإسلامية الأردنية، السلطة الوحيدة المشرفة على شؤون المسجد»، كما يطالب الاحتلال بوقف انتهاكاته بحق المسجد، مؤكدا أن تلة باب المغاربة هي جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى، ويرفض الإجراءات التي يمارسها الاحتلال أحادية الجانب.
وأثار هذا النص غضبا واسعا لدى حكومة الاحتلال ولاسيما أنه لا يأتي على ذكر (جبل الهيكل)؛ إذ عَدَّ رئيس وزراء الاحتلال (بنيامين نتنياهو) أن النصين الجديدين يمثلان إنكاراً للعلاقة بين الشعب اليهودي ومنطقة المسجد الأقصى، واصفا هذا النفي بنفي صلة الصين بسور الصين العظيم والعلاقة بين مصر والأهرامات، حسب زعمه.
في السياق ذاته، دعت الولايات المتحدة منظمة اليونيسكو إلى عدم اعتماد القرار؛ إذ أعرب الناطق بلسان الخارجية الأمريكية عن قلق واشنطن إزاء تكرار هذه القرارات السياسية واصفا إياها بغير المفيدة.
المسجد الأقصى ومزاعم اليهود
من المزاعم التي اختلقها اليهود لتسويغ اغتصابهم لأرض فلسطين، أكذوبة أن الجدار الغربي من المسجد الأقصى هو الجزء المتبقي والأثر الوحيد من هيكلهم المزعوم؛ ولذا يبكون عنده وينوحون ويعملون لإعادة بنائه!! وقد انسحب الأمر على بقعة المسجد الأقصى كاملة.
وغدا هذا الحائط من أهم المعالم اليهودية، بل ويعد رمزا يهوديا وطنيا ومزاراً ليس ليهود العالم فقط بل للنصارى المتصهينيين، من قادة دول وزعماء وقساوسة يعتقدون أن: «المسيح لن يظهر ثانية إلا وسط مجتمع يهودي، وإنه لن يعود إلا في صهيون، ولذلك تحقيقاً للإرادة الإلهية بتسهيل العودة الثانية للمسيح وتسريعها لا بد من تجميع اليهود، ولا بد من إقامة صهيون حتى يظهر بينهم».
فالبراق هو الحائط الذي يقع في الجزء الجنوبي الغربي من جدار المسجد الأقصى المبارك، ويبلغ طوله حوالي (50 متراً) وارتفاعه حوالي (20 متراً)، وهو من الأملاك الإسلامية ووقف إسلامي. ويُطْلِقُ عليه اليهود (حائط المبكى)؛ حيث زعموا أنه الجزء المتبقي من الهيكل المزعوم، وتأخذ طقوسهم وصلواتهم عنده طابع العويل والنواح على الأمجاد المزعومة.
في السنوات العشر الأُولى للانتداب البريطاني قام اليهود بمحاولات عدة للاستيلاء على الحائط وعلى منطقة حارة المغاربة، وبعد أحداث البراق في عام 1929م كونت الحكومة البريطانية لجنة تحقيق في أحداث البراق تقدمت بعدها بتوصية إلى عصبة الأمم المتحدة لتأليف لجنة لهذا الغرض، فوافقت، ووصلت اللجنة المشكلة إلى القدس في 19 يونيو 1930 وأقامت شهراً، وعقدت خلال إقامتها 23 جلسة أبرز المسلمون خلال الجلسات 26 وثيقة وأبرز اليهود 35 وثيقة، وقد انتهت اللجنة في تقريرها في ديسمبر 1930، ووافقت بريطانيا وعصبة الأمم على استنتاجها فأصبحت بالتالي وثيقة دولية مهمة.
وتلخصت استنتاجاتها في أن للمسلمين وحدهم تعود ملكية الحائط الغربي؛ فحائط البراق لا خلاف في أنه جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى الذي هو من أملاك الوقف، وهذا ما أقرت به عصبة الأمم المتحدة في عام 1929 م «على أن للمسلمين وحدهم تعود ملكية الحائط الغربي، وملكية الرصيف الكائن أمام الحائط وأمام المحلة المعروفة بحارة المغاربة لأنه وقف أيضاً».
علماً بأن اليهود -أمام لجنة شو - لم يدعوا ملكيتهم للحائط، لكنهم طالبوا بحقهم في الدعاء أمامه، وإقامة طقوسهم، وجلب أدواتهم ولباسهم.
وأول عمل قام به اليهود بعد احتلالهم مدينة القدس عام 1967م الاستيلاء على حائط البراق، ودمروا حارة المغاربة وضموا حارة الشرف، لتكون ساحة لعبادتهم عند ذلك الحائط؛ بعد أن شردوا سكانها المسلمين؛ وكان في حارة المغاربة قبل أن تهدم أربعة جوامع، والمدرسة الأفضلية وأوقاف أخرى، وأصبحت حارة المغاربة في ذاكرتنا بعد أن كانت أوقافاً إسلامية، وأطلق اليهود عليها بعد ذلك ساحة المبكى بعد أن دفنوا تاريخ حارة وقفية إسلامية.
والثابت أنه حتى القرن السادس عشر لم يكن أي ارتباط لليهود بذلك الحائط، وكان تجمّعهم حتى عام 1519م قريبا من السور الشرقي للمسجد الأقصى قرب بوابة الرحمة ثم تحولوا إلى السور الغربي!!.
وقد نُشرت تصريحات لحاخام يهودي (يهورام مزور) أمين سر مجلس اليهودية التقدمية في العدد الأول من مجلة (بلتم) اليهودية الصادرة عن المجلس في عام 1999م تحت عنوان: (هل من المهم تأدية الصلاة على وجه التحديد عند حائط البراق)؟!
وأجاب الحاخام (مزور): «لا توجد قدسية لحائط المبكى في الديانة اليهودية»، ويرفض إقامة حفلات البلوغ أو أي شعائر أخرى هناك.
وأضاف: «إننا نلتقي طوال ساعات اليوم أشخاصا في هذا المكان يؤدون الصلاة في موقع هم الذين قدسوه، وإن ذلك يشبه عبادة الأوثان، وإن على مجلس الحاخامات التقدميين في إسرائيل اختيار موقع أخر لصلاة اليهود».
والحاخام (هيرش) -رئيس جماعة الناطوري كارتا- الذي يعيش في القدس على بعد أمتار من الحائط، يرفض زيارته، ويؤكد أن تقديس الحائط إن هو إلا حيلة من الحيل السياسية للصهيونية.
وذكرت الكاتبة الأمريكية (كارين ارمستونج) في كتابها: (القدس مدينة واحدة لعقائد ثلاث) أنه: «لم تكن تقام هناك طقوس رسمية للعبادة، غير أن اليهود كانوا يحبون قضاء فترة ما بعد الظهيرة هناك، يقرعون المزامير، ويقبلون الأحجار، وسرعان ما اجتذب الحائط الغربي أساطير كثيرة، فقد تم ربط الحائط بأقاويل من التلمود تخص الحائط الغربي وهكذا أصبح الحائط رمزا لليهود».
لا شك أن الدموع التي يذرفها اليهود عند حائط البراق ليست جديدة، فلليهود عبر التاريخ ميل شديد للبكاء عند بكائيات أوجدوها من العدم، أو أحداث سطروا حولها الأساطير، فالبكاء عند اليهود صنعة أجادوها عبر السنين ليكسبوا استعطاف العالم، وها هو ذا بكاؤهم عند ذلك الحائط يعيد أمامنا تاريخ دموعهم، وكيف جندوها لمكاسب قصدوها!
فعقدة الاضطهاد وتمثيل دور الضحية لازم الشخصية اليهودية منذ أن كانوا حتى اليوم، وتبع ذلك الميل للبكاء عند رمز من الرموز سواء كانت دينية -كحائط البراق- والذي أسموه زوراً - حائط المبكى-!!، أم إيجاد أسطورة من الأساطير – كالمحرقة النازية - وغيرها، وهم على ما يبدو لن يكتفوا بتلك البكائيات لاستمرار البحث واختراع أماكن جديدة لممارسة صنعة البكاء عندها.
ويصعب على أي باحث معاصر أن يحصي بكائيات اليهود في هذا المجال، فالزعم بأن حائط البراق – الذي يسمونه حائط المبكى – هو جزء من هيكلهم المزعوم؛ كشفت زيفه الدراسات العلمية الحديثة؛ حيث أكد الباحث الدكتور (شموئيل بريجو فيتش): «أن حائط البراق وقف إسلامي خالص».
وكتب (بول فندلي) – عضو الكونجرس الأمريكي السابق – في كتابه: (الخداع): «من الواضح أن قبول المغالطات حول إسرائيل ليس عرضياً، إنه حصيلة عمل كثير من الناس يسخرون طاقاتهم للقيام بهذه المهمة بدأب والتزام»، وأضاف: «وإن معظم الأباطيل من صنع الأنصار المتدينين من اليهود والمسيحيين على حد سواء، الذين يكثرون من ترديدها سنة بعد أخرى إلى حد أنها غدت بوجه عام مقبولة عموماً بوصفها حقائق».
وبموجب القانون الدولي وبموجب معاهدة وادي عربة فإن المسجد الأقصى قانوناً تحت رعاية الحكومة الأردنية بصفتها الوصية على شرقي القدس، وليس من حق السلطات اليهودية أو بلدية القدس التابعة للاحتلال تغيير أي جزء منه أو تبديله أو ترميمه الأقصى المبارك؛ حيث صدر عن الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي عشرات القرارات الدولية برفض ضم الكيان اليهودي لشرقي القدس، ورفض أية إجراءات مادية أو إدارية أو قانونية تغير من واقع القدس واعتبار ذلك لاغيا.
والحائط الغربي الذي نسج حوله اليهود أساطير كثيرة؛ كان وما زال عنوان الصراع مع اليهود الغاصبين، ومقياس التهدئة والتصعيد، والشعلة والفتيل لتصاعد الأحداث، وكثير من الأحداث الجسام على أرض فلسطين اشتعلت شرارتها من المسجد الأقصى المبارك، مروراً بأحداث البراق في عام 1929م عندما حاول اليهود السيطرة على حائط البراق، وحرق المسجد الأقصى، وإحداث النفق أسفله، إلى اقتحام المجرم (شارون) ساحات المسجد الأقصى، وتلاها تهديدات الجماعات اليهودية باقتحام المسجد الأقصى، وممارسات يهودية نعايشها الآن من تغيير المعالم وإقامة المنشآت والكُنس اليهودية؛ فتمسك أهل فلسطين بمقدساتهم وبذل الدماء في سبيل الله من أجل حمايتها لخير دليل على عقيدتنا الراسخة بالمسجد الأقصى وبركته ومكانته في نفوس المسلمين.
ولن يستطيع اليهود – مع كل ممارساتهم - أن يسلبونا ما نملك؛ لأن وثائق الملكية وشرعية الحق الشرعي والتاريخي للمسلمين والعرب في القدس والمسجد الأقصى وحائط البراق لا يمكن لليهود مهما قدموا من مزاعم أو أقدموا على عمليات التهويد أن ينازعونا إياها عقيدة أو تاريخياً أو قانونياً.
لاتوجد تعليقات