رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عبدالقادر علي ورسمه 1 سبتمبر، 2015 0 تعليق

اليمن بين الحسم العسكري والحل السياسي؟

الحوثيون يستهدفون المدنيين ويرتكبون انتهاكات متعددة لحقوق الإنسان

الأزمة اليمنية ما تزال تراوح مكانها رغم الانتصارات العسكرية التي تحققها المقاومة الشعبية والجيش اليمني على حساب المجموعات الانقلابية بسبب انسداد الأفق السياسي وتعنت جماعة الحوثي وحليفهم علي عبد الله صالح، وكما أن الحكومة اليمنية رفضت المشاركة في لقاءات مسقط للتفاوض مع المتمردين الحوثيين وممثلي علي صالح إلا أنها اقترحت خطة يتم من خلالها التصالح بين الفرقاء اليمنيين إيمانا منها بأن مواصلة الحرب لن تحل الأزمة ولا بد من الحلول السياسية، وتتضمن هذه الخطة الحكومية أن يعلن الحوثيون التزامهم بوقف شامل لإطلاق النار لمدة 15 يوما قابلة للتمديد وسحب مسلحيهم وقوات حلفائهم من جميع المدن ومن بينها العاصمة صنعاء وصعدة، كما تشمل الخطة المقترحة تكوين فريق مراقبين عسكريين من قبل الأمم المتحدة لمتابعة تنفيذ تلك البنود.

بوادر انفراج لحل الأزمة

     وفي سياق المصالحة اللبحث عن حلول سياسية للأزمة قال وزير في الحكومة اليمنية: بأن هناك بوادر إيجابية تجاه حل الأزمة اليمنية بين الحكومة الشرعية مع المتمردين من ميليشيات الحوثيين والموالين للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، عبر المباحثات التي يجريها إسماعيل ولد الشيخ أحمد، المبعوث الأممي لليمن في مسقط، مشيرًا إلى أن الحكومة اليمنية تتعامل بروح المسؤولية، وحريصة على إنجاح مشاورات ولد الشيخ هناك.

     وأوضح عز الدين الأصبحي، وزير حقوق الإنسان اليمني لـ(الشرق الأوسط)، أن الحكومة الشرعية لمست بوادر إيجابية من مشاورات المبعوث الأممي في مسقط، وأن الحكومة تتعامل بروح المسؤولية، وحريصة على إنجاح المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وتقدم كافة الدعم له لنجاح مهمته، مشيرًا إلى أن الحكومة «تدعم خطواته في الوصول لأي حل عملي وتنفيذ القرار الدولي، وإعادة المؤسسات كافة إلى عملها».

     وأضاف: نحن على ثقة بأن الرؤية التي قدمتها حكومتنا إيجابية، وانطلقت من روح المسؤولية وحرصت بشدة على اليمن، ونأمل أن يتم التعاطي إيجابياً مع المبادرة من 10 نقاط، كون أن الحكومة اليمنية الشرعية تريد أن تنقذ البلاد من الكارثة الواقعة وعدم استمرار الحرب وحل كافة النزاعات القائمة بما يضمن الحقوق المتساوية ورفض الخروج على القانون، ورفض منهج إلغاء الآخر.

     وبدوره أشار إسماعيل ولد الشيخ أحمد إلى مساعي الأمم المتحدة للتوصل إلى إطار مشترك لانطلاق الحوار السياسي بين مختلف القوى اليمنية، وقال بعيد زيارته لطهران: رغم الصعوبات إلا أن الحوار السياسي يتم متابعته في أجواء ايجابية، وأن كافة القوى تؤكد على الحل عبر الطرائق السياسية، ودون شك فإن اللجوء إلى الحلول السياسية والتخلي عن الحرب ستعزز هذه الجهود، وستساعد على إحلال السلام والاستقرار في اليمن والمنطقة.

الجبير: الحل سياسي

     وفي سياق متصل قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير: إن حل الأزمة في اليمن سياسي عبر تطبيق القرار الأممي 2216، وأعرب الجبير -في مؤتمر صحفي جمعه ونظيره البريطاني فيليب هاموند- عن التزام بلاده وشركائها بمساعدة اليمن في المستقبل، وإعادة الإعمار من أجل التخفيف من معاناة الشعب اليمني، والبدء في تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية في اليمن.

استمرار المواجهات

     ومن جهة ثانية، قالت مصادر في المقاومة: إنها تمكنت من السيطرة على عدد من القرى والمناطق في مديرية عتمة بمحافظة ذمار، وأضافت المصادر أن مقاتلي المقاومة سيطروا سيطرة كاملة على مناطق المهلالة ويفاعة والشقر وضلمان.

     وفي تعز، أفاد المراسل بأن 23 من الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح قتلوا وأصيب 34 في اشتباكات عنيفة مع المقاومة الشعبية، في حين قتل أربعة من المقاومة وأصيب 19 آخرون، وكان عدد من المدنيين قتلوا وأصيب آخرون في قصف من الحوثيين وقوات صالح على أحياء في تعز في الساعات الماضية.

     واندلعت اشتباكات متقطعة بين المقاومة الشعبية والحوثيين بمديرية الزاهر بمحافظة البيضاء (وسط اليمن)، بينما أغارت طائرات التحالف على تجمعات وآليات قوات الحوثي وصالح بالمديرية.

استهداف المدنيين

     ومع تصاعد عمليات استهداف المدنيين اليمنيين بطريقة مقصودة من قبل قوات الحوثي والقوات الموالية للرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح، تدور تساؤلات عديدة بشأن الهدف من وراء هذا الاستهداف، الذي عزاه بعض المراقبين إلى استراتيجية تحقق أهدافا إيرانية أميركية مشتركة، بينما عده آخرون بمثابة مؤشر على حالة انكسار عسكري، وتأتي هذه التساؤلات في وقت كشفت منظمات حقوقية في عدن أن نحو 70% من ضحايا الحرب الدائرة في اليمن هم من المدنيين؛ جراء عمليات القصف العشوائي للمسلحين الحوثيين وقوات صالح على التجمعات السكانية.

جرائم حرب

     وقالت المنظمات الحقوقية: إن تلك العمليات العسكرية تصنف «جرائم حرب»، وتوعدت بملاحقة المسؤولين عنها أمام القضاء، وخلال الأشهر الأربعة الماضية قتل أكثر من 4300 مدني بسبب الحرب الدائرة في 19 من أصل 22 محافظة يمنية، غير أن تقارير الأمم المتحدة تقول إن العدد الحقيقي للضحايا هو أضعاف هذا الرقم، مشيرة إلى أن عدد الضحايا الحقيقي لم يوثق من قبل المنظمات الإنسانية.

عمل ممنهج

     ويرى أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء عبد الباقي شمسان أن استهداف المدنيين من قبل تحالف الحوثي وصالح عمل ممنهج يأتي ضمن استراتيجية تحقق عدد من الأهداف المشتركة بين إيران وأميركا وبعض الدول الغربية، وقال: إن «هناك توجّها لإعادة صياغة شكل الدول البسيطة والمركبة الهشة، لتكون قائمة على تعايش محفوظ برعاية إقليمية ودولية بهدف إعادة إنتاج القوى ذاتها دستوريا من خلال أعمال عنف وصراعات، تستدعي الهويات ما قبل الوطنية منها الهويات المناطقية والمذهبية.

     وأضاف شمسان تم قصف المدنيين بطريقة مباشرة في عدن بجنوب اليمن؛ لأن هناك تقسيما جغرافيا وطائفيا؛ فالحوثيون وإيران يريدون دولتهم في مجالهم الجغرافي التاريخي، ولا يريدون الجنوب؛ ولهذا أدى هذا الاستهداف إلى حدوث مزاج شعبي رافض لكل ما هو شمالي.

مؤشر انهيار عسكري

     غير أن رئيس مركز أبعاد للدراسات والبحوث عبد السلام محمد رأى أن ما يجري من استهداف للتجمعات السكانية بمثابة مؤشر على حالة انهيار عسكري لقوات الحوثي وصالح، ودليل على إرهاق وتراجع أو عدم القدرة على إحداث تقدم عسكري على الأرض، وقال: إن قوات الحوثي تتخذ استراتيجية عسكرية واحدة منذ بدء عملياتها العسكرية في دماج وهي استخدام المدنيين بوصفها ورقة ضغط على خصومها، فحين تتعرض لهزيمة أثناء المواجهات المسلحة تقوم بقصف عشوائي على المدنيين أو أنها تتراجع إلى وسط الازدحام السكاني بآلياتها وتتخذهم دروعا بشرية.

     وأضاف: هذه القوات ولأنها لا تقاتل من أجل المدنيين فهي لا تملك أية مسؤولية أخلاقية تجاههم وغالبية ضحاياها من المدنيين أطفالا ونساء، لذلك هي تتبع استراتيجية تحميل الخصم المتفوق عليها أو غير القادرة على هزيمته، عبئا إنسانيا يعرقله حتى تتمكن من الاستفادة من الوقت لتغيير ميزان المعركة.

انتهاكات حقوقية

     من جانبه أكد المسؤول الإعلامي لمنظمة هود للحقوق والحريات موسى النمراني أن الاستهداف بالقتل المباشر من قبل قوات الحوثي وقوات صالح ليس هو الخطر الوحيد الذي يتهدد حياة المدنيين، مشيرا إلى تعدد «أنواع الانتهاكات ضد المدنيين»، وذكر من تلك الانتهاكات «فرض الحصار والتجويع للمدنيين وحرمانهم من الخدمات العامة كالماء والكهرباء واحتكار البنزين، وإغلاق الأسواق العامة، وقطع الطرقات، فضلا عن إغلاق المستشفيات العامة في وجوه المدنيين وتخصيصها لجرحى الحرب من المقاتلين».

     ومع الأسف الشديد فإن منظمات الحقوقية الدولية لا تتحدث عن هذه الانتهاكات الواضحة التي ترتكبها هذه المليشيات، كما أن الأمم المتحدة ما تزال تتعامل معهم بوصفهم جماعة سياسية، ولا تبرز جرائمها وانتهاكاتها لحقوق الإنسان التي قد ترقى إلى جرائم حرب.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك