رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عبدالقادر علي ورسمه 25 أغسطس، 2015 0 تعليق

اليـمـــــن بين تدمير المليشيات واستراتيجية التحالف العربي

الأمم المتحدة تدين تحرير ميناء الحديدة وتتعايش مع من يرفض تطبيق القرارات الدولية ويسبب أزمة

المقاومة اليمنية على تخوم صنعاء والحوثيون على وشك خسارة المنافذ البحرية

على الهيئات الدولية محاولة إزالة أسباب الأزمة حتى تحول بين وقوع المجاعات المتوقعة

 

تتواصل المواجهات العسكرية في اليمن بين الحكومة الشرعية والمليشيات الحوثية وحليفهم الرئيس السايق علي عبد الله صالح منذ أربعة أشهر، ومازال الشعب اليمني يعاني مما آل إليه أمره، وقد وصل الأمر إلى حد يرثى له رغم أن دول مجلس التعاون الخليجي مستمرة في مساعداتها الإنسانية فضلاً عن دفعاها عن الشرعية اليمنية أمام الإرهاب الذي تمارسه المجموعات الانقلابية، وتؤكد التقارير الدولية وصول المساعدات الإنسانية إلى العديد من الأماكن المحررة من المليشيات الانقلابية، بينما يعيش الشعب اليمني حرمانا شبه كامل في العديد من المناطق التي ما تزال تقع تحت سيطرة الانقلابيين وهذا ينذر بخطر وشيك إذا لم تتمكن قوات التحالف العربي إنقاذ الشعب اليمني بأسرع وقت ممكن، وهذا يتطلب تضافر الجهود الدولية لحل هذه الأزمة ولاسيما فإن جزءا كبيرا من تحقيق هذا الأمر منوط بالأمم المتحدة ومجلس الأمن، ويجب عليهم مراقبة تطبيق القرارات الدولية بدلا من اهتمامهم بتحركات التحالف الدولي الرامية إلى تحرير الأرض تمهيدا لعودة الشرعية اليمنية.

- اليمن لن يعود إلى الوراء

     وفي تصريح له يؤكد ثقته الكاملة بأن الشرعية اليمنية تستعيد كامل الأراضي اليمنية قريبا من المجموعات الانقلابية قال الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إن العلم اليمني سيرتفع في مرّان بمحافظة صعدة، معقل الحوثيين شمالي البلاد, وإن اليمن لن يعود إلى عصر الإمامة, وتابع الهادي قائلا: إنّ مخرجات الحوار الوطني ستنفذ بمشروع الأقاليم الستة لليمن «شاء من شاء ورفض من رفض». وكان الحوار الوطني الذي عقد بين مارس 2013 ويناير 2014 قد أفضى إلى مخرجات من بينها تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم, وعارضت جماعة الحوثي التقسيم بهذه الطريقة، كما أشاد الرئيس اليمني بدول الخليج العربي, وفي مقدمتها السعودية، ووصف قرارها بشن (عاصفة الحزم) في مارس الماضي بأنه قرار شجاع، وفي الاتجاه الصحيح.

     وأكد الرئيس اليمني مرارا ضرورة تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 2216 الذي ينص على انسحاب الحوثيين وحلفائهم من جميع المدن التي استولوا عليها, وحظر توريد السلاح إليهم.

     وأشار هادي إلى «أن أي حوارات أو محادثات تتم في أي دولة كانت يجب أن تكون للضغط من أجل تنفيذ القرار رقم 2216، وما لم يكن الأمر كذلك فإن تلك الحوارات والمحادثات لا تعني الحكومة اليمنية الشرعية بشيء».

     وفي حديث ذي صلة شدد مجلس الوزراء السعودي على أهمية التطبيق غير المشروط لقرار مجلس الأمن الدولي 2216 لإخراج اليمن من أزمته مع ضرورة تكثيف الجهود لتوفير المساعدات الإنسانية لأبناء اليمن، وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن هذا الموقف جاء خلال تطرق المجلس في جلسته الأسبوعية التي عقدت اليوم برئاسة نائب خادم الحرمين الشريفين الأمير محمد بن نايف إلى الجهود المبذولة لدعم الشعب اليمني وحكومته الشرعية.

     وينص قرار مجلس الامن رقم 2216 على إدانة العمليات العسكرية التي شنتها الميليشيات الحوثية ضد الحكومة الشرعية في اليمن وفرض عقوبات ضد الميليشيات وزعيمها إضافة الى صالح علي عبدالله صالح نجل الرئيس السابق كما دعا بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الى استئناف العملية السياسية على أساس مبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية وآلية تنفيذها ونتائج مؤتمر الحوار الوطني.

- المقاومة اليمنية تتمدد

     استطاعت المقاومة الشعبية والجيش اليمني بإعادة الكثير من المناطق اليمنية إلى قبضة الشرعية من عدن وحتى ذمار التي تبعد عن مركز العاصمة مئة كيلومتر فقط، أما في تعز جنوب غربي اليمن، فقد أكدت المقاومة الشعبية أنها توشك على طرد الحوثيين وحلفائهم من المدينة ومن المحافظة برمتها، بعد أن سيطرت على مزيد من المواقع السيادية والعسكرية إثر مواجهات شرسة تكبد فيها الحوثيون خسائر كبيرة.

     أما في إب، فقد سيطرت المقاومة والجيش الوطني الأيام القليلة الماضية على عدد من المديريات، وتوقع الناطق باسم المقاومة الشعبية بالمحافظة الشيخ عبد الواحد حيدر إخراجَ مليشيات الحوثي من المحافظة وتحريرها بالكامل في غضون فترة قصيرة إذا توفر السلاح، مؤكدا سيطرة المقاومة على ثماني مديريات فيها.

     وبالانتقال إلى الغرب وتحديدا في الحديدة، يشن التحالف سلسلة غارات وصفت بالأعنف استهدفت تجمعات للحوثيين بميناء المدينة، بينما تكثف المقاومة الشعبية هجماتها على تجمعات الحوثيين بهجمات متفرقة، وفي حال استعادة محافظتي تعز والحديدة اللتين تضمان ثلاثة موانئ (المخا والحديدة والصليف) فضلا عن إلى مضيق باب المندب الاستراتيجي، فسيعني ذلك خسارة الحوثيين لسيطرتهم على جميع المنافذ البحرية.

     أما في محافظة شبوة جنوبي اليمن، فقد بدأت الحياة تعود إلى طبيعتها إثر استعادة المقاومة الشعبية سيطرتها على مديريات المحافظة ومناطقها، وقد باشر الناس أعمالهم فيها، مع إعلان السلطات المحلية إجراءات تستهدف خلق حالة من الاستقرار في المحافظة، ويكتسب تحرير شبوة أهمية عسكرية كبيرة بالنسبة للمقاومة الشعبية والقوات الموالية للشرعية؛ نظراً لما تمثله المنطقة من أهمية استراتيجية، فضلاً عن كونها آخر معقل لمليشيا الحوثي وقوات المخلوع في محافظات جنوب البلاد.

     وتأتي اشتباكات أرحب في وقت تمكنت فيه المقاومة ووحدات الجيش المساندة لها من التقدم في محافظة ذمار (جنوب صنعاء) لتصبح على مسافة مئة كيلومتر فقط من العاصمة بعدما سيطرت على مديرية عتمة.

- مواقف عجيبة من الأمم المتحدة

     أعلنت الأمم المتحدة أن الغارات الجوية التي ينفذها التحالف العربي على ميناء الحديدة اليمني تقيد إمكانية المنظمة في تقديم المساعدات الإنسانية لسكان البلاد، وأشار ستيفن أوبراين نائب الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في خطاب أمام مجلس الأمن الدولي إلى أنباء عن غارات جوية وحوادث قصف في ضواحي الحديدة، التي «ألحقت أضرارا بالطرق الحيوية لإيصال المواد الغذائية والأدوية والوقود». وأضاف أن «تضرر ميناء الحديدة قد يؤثر سلبيا على البلاد برمتها ويزيد الأزمة الإنسانية سوءا»، وقال أوبراين: إن «هذه الهجمات انتهاك سافر للقانون الدولي الإنساني»، واصفا إياها بـ(غير المقبولة».

     على صعيد متصل أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، أنه سيصل إلى الرياض للقاء بطرف الحكومة اليمنية من أجل إحياء العملية السياسية، بعد جولة أوروبية شملت بريطانيا وألمانيا ودول أخرى، بحث خلالها الأوضاع في اليمن ومهامه، ويبدو أن الأمم المتحدة تحاول اللعب على الحبلين وإرضاء الجميع، وتعتقد أن هذه الإدانات المتكررة قد تتيح له فرصة الوسيط النزيه، بينما يرى الآخرون أن هذه التصرفات والأقوال المتاقضة، وعدم إعطائها أولوية لتطبيق قرارتها قد يطيل أمد الأزمة، ويجعل الشعب اليمني يعيش تحت صفقات تجار الحرب الدوليين، ومواقف الأمم المتحدة في العديد من الدول التي دخلت الأزمات والحروب الأهلية يؤكد أنها تتعايش مع الأزمات أكثر مما تبحث عن حلول جذرية.

- إزالة سبب المجاعة

     توقعت العديد من المنظمات الدولية أن يصل الأمر في اليمن إلى حالة المجاعة؛ بسبب الحرب الدائرة وعدم وصول المساعدات الإنسانية بطريقة منتظمة وكافية، في هذا الصدد حذر برنامج الأغذية العالمي من أزمة وشيكة في اليمن؛ بسبب قلة التمويل وصعوبة الوصول إلى المناطق المنكوبة، وشدد وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة، (ستيفن أوبراين)، على أن المساعدات لا يمكن أن تلبي حاجات دولة بأكملها، كما أن الهيئة الأممية باتت تواجه أزمة مالية مع نقص أموال المتبرعين، وأوضح أن معظم اليمنيين لا يستطيعون الوصول إلى مياهٍ نظيفة أو دواء، وأن الأوبئة بدأت تـتفشى.

     ومن الجدير بالذكر أن الأمم المتحدة لم تتطرق إلى أسباب المجاعة التي يجب إزالتها، ويجب على الهيئات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة أن تهتم بإزالة هذه الأسباب بكل السبل الممكنة ويدرك الجميع أن السبب الرئيس للمشكلة اليمنية والمجاعة المتوقعة هي التصرفات الطائشة وغير المسؤولة التي اتخذها الحوثيون وحليفهم علي عبد الله صالحة حينما انقلبوا على الشرعية الدستورية في البلد، واحتلوا عاصمته، وفرضوا أمر الواقع على الحكومة والشعب اليمنيين، ورغم أن مجلس الأمن أصدر قرارات واضحة في دعم الحكومة اليمنية وإدانة الحوثي إلا أن تصريحاتهم الأخيرة وإداناتهم المتكررة لعمليات التحالف تؤكد أنهم يكيلون بمكيالين، ويتدخلون في الشأن اليمني بطريقة سافرة تخالف القوانين الدولية وإلا كيف نفسر تذمرهم من تحرير بعض المناطق المهمة وإدانتهم لقصف ميناء الحديدة رغم أن القصف لم يؤد إلى ضحايا مدنيين، وأن استعادة المواني اليمنية تمثل خطوة مهمة لتحرير البلاد وإزالة أسباب المجاعة المتوقعة؛ حيث إن المجاعة ما تزال تزداد في المناطق التي تقع خارج سيطرة الشرعية التي يسيطر عليها الانقلابيون الحوثيون.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك