رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 27 أكتوبر، 2014 0 تعليق

الولي الحميد

     ذكرنا فيما مضى أن الفرق بين (الولي) و(المولى) أن الولي هو من يتولى أمرك ويتدبر شؤونك أنت وغيرك، فهو عام للجميع، أما (المولى)، فهو من تحتمي به  وتركن إليه وتعتمد عليه في جميع أحوالك.

- هل نستطيع أن نذكر هنا (الرحمن) و(الرحيم)، بأن (الرحمن) من شملت رحمته الواسعة كل شيء، و(الرحيم) من اختص المؤمنين برحمة خاصة؟!

- نعم، ولذلك ورد (المولى) مقترنا بـ(النصير) في نصرة المؤمنين و(الولي) ورد عاما لجميع الخلق، في مثل قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ} (الشورى:28).

- وهل ورد (الولي) في موضع آخر من كتاب الله؟

- لم يرد مطلقا إلا في هذا الموضع مقترنا بـ(الحميد)، وورد منفردا في سورة الشورى أيضا في الآية 9: {أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۖ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (الشورى:9)، وورد في مواضع كثيرة مقيدا، كقوله  عز وجل: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَٰذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا ۗ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ } (آل عمران:68).

     كنت وصاحبي (جاسم) بانتظار طائرتنا التي أعلن عبر شاشات المطار أنها ستتأخر خمسين دقيقة عن موعد الإقلاع، كان صاحبي أكثر هدوءا مني لأنه كثير السفر، وتعود على مثل هذه الأمور، تابعنا حديثنا، وقد رجعنا إلى الجهاز الإلكتروني الصغير الذي يحمل مكتبتنا.

     وذكر صفتي (الولي الحميد) دون غيرهما لمناسبتهما للإغاثة؛ لأن الولي يحسن إلى مواليه والحميد يعطي ما يُحمد عليه، ووصف حميد فعيل بمعنى مفعول. وذكر المهدوي تفسير {ينشر رحمته} بطلوع الشمس بعد المطر.

قوله عز وجل: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا} والقنوط الإياس، قال قتادة.

قيل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه : جدبت الأرض وقنط الناس فقال: مطروا إذن. والغيث ما كان نافعا في وقته، والمطر قد يكون ضارا ونافعا في وقته وغير وقته.

{وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ} بالغيث فيما يعم ويخص.

{وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ} فيه وجهان:

أحدهما: الولي المالك، والحميد مستحق الحمد.

الثاني: الولي الممالك، والحميد المستحمد.

{هُوَ الْوَلِيُّ} الذي يتولى عباده بأنواع التدابير، ويتولى القيام بمصالح دينهم ودنياهم. {الْحَمِيدُ} في ولايته وتدبيره، الحميد على ما له من الكمال، وما أوصله إلى خلقه من أنواع الإفضال.

قوله: {وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ} يقول: وهو الذي يليكم بإحسانه وفضله، الحميد بأياديه عندكم، ونعم عليكم في خلقه.

- وماذا عن كتب اللغة؟

- لك ذلك.

(الولي) ضد العدو، المتولي لأمور غيره، والولاية بكسر الواو (السلطان) وبالفتح (النصرة).

- نعم الأمر واضح في الفرق بين (الولي) و(المولى).

- إن اسم الله (الولي) لم يقترن إلا بـ(الحميد) فهو سبحانه (الولي الحميد) الذي تولى شؤون جميع خلقه فاستحق أن يحمده جميع خلقه، وهكذا هو الأمر إلا من كفر من الإنس والجن، واجتمع الاسمان (الولي الحميد) ليفرغ العبد قلبه من غير الله في تدبير شؤونه كلها، في قضاء حاجاته وتلبية دعائه ونصرته حال ضعفه، (الولي الحميد) محمود في ولايته، ويكفي عباده، فلا حاجة لهم لغيره: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} (الزمر:36)، بلى أنه هو (الولي الحميد).

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك