رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عبدالقهار أغكو كومبا 21 يناير، 2014 0 تعليق

الوالد الفاضل جمال الحداد- إنسان عرفته دول جنوب شرق آسيا


إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن بوفاة والدنا الغالي الشيخ الفاضــــل جمال يوسف الحداد - رحمه الله -.

لا أعرف من أين أبدأ؟ وأين أنتهي؟ وأيّ من سيرته الجميلة أقتطف منها؟ ذاك الرجل الفذ، المربي الفاضل؛ ولاسيما أنني -شخصيا- لازمته منذ عام 1987م أثناء دراستي في المعهد الديني، وعندما أسافرإلى الفلبين- وهو موجود هناك بشخصه الكريم وبأعماله الجليلة -، فأنا أعرفه عن قريب، بل أفتخر بأنه يعدني ابنا له في التربية والرعاية – رحمه الله-.

     ولكن من باب ردّ الجميل، واذكروا محاسن موتاكم، أسطر هذه الكلمات المتواضعة: الوالد الشيخ جمال يوسف الحداد -رحمه الله-، سمّاه أبناؤه الطلبة الدارسون في الكويت (الوالد الفاضل)، وما من طالب العلم في جنوب شرق آسيا الذي درس في الكويت إلا للوالد الفاضل نصيب في تربيته ورعايته، ربّاهم على العلم والأخلاق وحب الآخرين، يتفقدهم عندما يصلون إلى الكويت، يسألهم عن حاجتهم ومشكلاتهم، يواسيهم بالمال والعلم والأدب والأخلاق. ويخرج معهم إلى البر والمخيمات للترفيه والنزهة، يتكلم مع كل واحد منهم ويصغي إليهم، لا يفرق بين طالب وآخر، يفرحهم إذا حزنوا كأنه والدهم الحقيقي، ودائما يقول لهم: يا أبنائي هذه لجنة جنوب شرق آسيا أنشئت لأجل بلادكم جنوب شرق آسيا، فأنتم أصحابها، اهتمّوا بالعلم النافع والعمل الصالح، حتى ترجعوا إلى بلدانكم علماء وقادة. وفعلا – رحمكم الله – يا والدنا الفاضل أثمرت تلك التربية والرعاية، فالآن كم من طالب تبوّأ مكانا مرقوما في بلاده، أصبح حافظا لكتاب الله، داعية إلى الله. بل منهم الأكاديميون في الجامعات الحكومية والأهلية، لك فيهم الأجر والثواب – إن شاء الله -.

     وأما عن الجاليات العاملة في الكويت فلم يتركهم الوالد الفاضل – رحمه الله -، بل أنشأ قسم الجاليات التابع للجنة جنوب آسيا لهدف دعوتهم إلى الإسلام، وإقامة الأنشطة الدعوية والعلمية والثقافية والترفيهية لهم، وبفضل الله تعالى أسلم كثير من تلك الجاليات ولاسيما الجالية الفلبينية منهم. ثم اهتمّ الوالد الفاضل بمشروع العمرة والحج لتلك الجاليات، يؤدون العمرة والحج عن طريق لجنة جنوب شرق آسيا، فضلا عن الأنشطة الترفيهية والمخيمات لهم – رحمه الله رحمة واسعة.

     وأما المشاريع الخيرية والدعوية في جنوب شرق آسيا، فلا أستطيع أن أذكرها لكثرتها، وأذكر -على سبيل المثال- أعماله في الفلبين، أهل الفلبين يتذكرون الشيخ جمال الحداد- رحمه الله – كثيرا، بل هناك أسر سموا أولادهم باسمه، أو باسم عائلته (الحداد) حبا في الشيخ – رحمه الله – لم يترك مجالا للخير إلا والشيخ له فيه بصمة في الفلبين، مساجد عمرت، مدارس شيدت، أيتام آواهم في مراكز متكاملة، أنشأ أول إذاعة إسلامية تغطي معظم الجزر الجنوبية عام 1994م. لم يترك محافظة ومدينة للمسلمين في جنوب الفلبين إلا وقد زارها، لا يعرف الكلل والملل، ليس في قاموسه التعب، واليأس، دائما مبتسما، يعرف كيف ينصح، ويرشد، ويوجه، من حيث لا يشعر المخاطب بأنه غاضب عليه، ملازمتي له أيام الدراسة، يدعوني إلى مائدته إذا جاءه ضيوف من جنوب شرق آسيا؛ لأشارك معهم، ويقدمني على كبار الشخصيات والمتبرعين، ودائما يقول لهم: (هذا ابني)، زرع فيّ حب العلم، وطلب العلا، تعلمت منه الأخلاق الفاضلة، واستفدت منه في العمل الخيري الدؤوب، إذا جالسته تعرف أنه رجل واسع الاطلاع، همه الأمة شرقا وغربا شمالا وجنوبا، ولا تخرج عنه إلا وقد أخذت منه فوائد قيمة، لم تكن تعرفها من قبل، يحب الخير للجميع، فهو فعلا والد الجميع (طلبة جنوب شرق آسيا في الكويت). خرج من جنوب شرق آسيا وذهب إلى العالم، ولكن ترك هناك أجيالا علمهم وربّاهم، خرج من الدنيا، ولكن الأجيال يتذكرونه بأعمال وإنجازاته، فقد ترك بصمة في أغلب الدول، يا والدنا الفاضل – رحمك الله -.

     وكلية (مينداناو) الحديثة بالفلبين خير دليل على سعة اطلاعه، وحسن تربيته لأبناء المسلمين، فإن الإخوة المؤسسين لهذه الكلية من الشباب الذين تربوا على يديه أيام أن كانوا طلابا في الكويت، والكلية – بدعم المتبرعين الكرام من دولة الكويت المعطاء - فتحت تخصصات متعددة: الشريعة – الدراسات الإسلامية – إدارة الفنادق والمطاعم، الرعاية الصحية، المدرسة الشاملة الابتدائية، لكنها معترفة ومعتمدة في الحكومة الفلبينية، في وزارة التربية والتعليم العالي، والهيئة العامة للتعليم التطبيقي، أتعبت من بعدك يا أبا عبد الرحمن، يصدق عليك القول بأنّك أمة في رجل.

     أسأل الله تعالى أن تكون تلك الأعمال الجليلة، والانجازات المتميزة في ميزان حسنات الوالد، وأن يغفر له، وأن يرحمه، وأن يدخله فسيح جناته، وأن يلهم ذويه الصبر والسلوان. والحمد لله رب العالمين. 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك