رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 23 سبتمبر، 2013 0 تعليق

الواسع العليم

 

     في رمضان ترى وجوها جديدة في المسجد، وترجو أن يستمر وجودها بعد رمضان ولا سيما وأنك تعتاد عليها يوميا طيلة الشهر الفضيل، بعد أن تدارسنا لاسمي (التواب الرحيم)، رافقني أحدهم وأنا خارج من المسجد عرفني باسمه، وبعد المقدمات.

ما معنى (الواسع)؟ وقبل ذلك هل هو اسم ثابت لله عزّ وجلّ؟!

- كنت قد حضرت الموضوع ليكون درسنا بعد يومين.

- هل تريد الإجابة الآن؟ أم تنتظر يومين لحين موعد الدرس؟

- بل الآن إن كان ممكنا.

استجبت لصاحبي، جلسنا في الزاوية اليمنى قبل المخرج.

- نعم (الواسع) من الأسماء الحسنى، ورد في كتاب الله عزّ وجل ثمان مرات، واقترن فيها بـ(العليم) سبع مرات، وبـ(الحكيم) مرة واحدة.

{وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ۚ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (البقرة:115).

     {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا ۚ قَالُوا أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ ۚ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ} (البقرة:247)، وهكذا في جميع كتب التفسير.

(واسع) كثير الإحسان (عليم) بمن يصلح للإحسان».

واسع الفضل جزيل المنن قد عمت رحمته كل شيء، ويوسع على أوليائه من فضله ما لا يكون لغيرهم؛ ولكنه عليم بمن يستحق الفضل فيعطيه.

- وماذا عن آية القبلة؟ {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (البقرة:115).

- في تفسير ابن كثير، نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم إذنا من الله أن يصلي التطوع؛ حيث توجه من شرق أو غرب في مسيره في سفره وفي حال الحرب وشدة الخوف. وقال ابن جرير: نزلت هذه الآية في قوم عميت عليهم القبلة فلم يعرفوا شطرها، فصلوا على أنحاء مختلفة.

     وعن عبدالله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة سوداء مظلمة، فنزلنا منزلا فجعل الرجل يأخذ الأحجار فيعمل مسجدا يصلي فيه، فلما أصبحنا إذا نحن قد صلينا على غير القبلة، فقلنا: يا رسول الله، لقد صلينا ليلتنا هذه لغير القبلة؟ فأنزل الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ۚ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (البقرة:115)، مسند الإمام أحمد.

{مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (البقرة:261).

{الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (البقرة:268).

     {وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَىٰ هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتَىٰ أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ ۗ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (آل عمران: 73).

     {يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِيْنِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّوْنَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِيْنَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِيْنَ يُجَاهِدُوْنَ فِيْ سَبِيْلِ اللهِ وَلاَ يَخَافُوْنَ لَوْمَةَ لاَئِمٍ} (المائدة:54).

{وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا}(النساء: 130).

{وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ۚ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (النور:32).

هذه المواضع الثمانية التي ورد فيها اسم الله (الواسع)، ولو تدارسنا التفسير لعرفنا الحكمة من اقتران (الواسع) بـ(العليم)، مثلا في تفسير الطبري: (الواسع) يسع خلقه كلهم بالكفاية والإفضال والجود، (عليم) بمن يستحق الفضل،  ومن لا يستحقه.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك