النَّوازِل الفِقهيَّة المتعلِّقة بالقُرآنِ الكَريمِ
- جاءت هذه الرسالة لِدراسةِ النَّوازلِ الحادثةِ فيما يَتعلَّقُ بالقُرآنِ الكريمِ سَواءٌ في كِتابتِه أم تِلاوتِه أم تَسجيلِه أم الاستماعِ إليه أم فَهْمِه أم ما يُسمَّى بالمصْحفِ الإلكترونيِّ أم غيْرِ ذلك مِن النَّوازلِ
بين أيدينا مصنف مميز بـعنوان (النَّوازِل الفِقهيَّة المتعلِّقة بالقُرآنِ الكَريمِ)، أصله أطروحة علمية تقدم بها مؤلفها الباحث: خليل بن عبد الرحمن المبارَك لنيل درجة الدكتوراة في الفقه من كلية التربية بجامعة الملك سعود، قسم الدراسات الإسلامية، وحصل بها الباحث على درجة الدكتوراة بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى، وقد قامت الجمعية الفقهية السعودية بطباعتها ضمن سلسلة الدراسات الفقهية، وقدم لها كلا من فضيلة الشيخ أ. د. سعد بن تركي الخثلان وفضيلة الشيخ أ.د مُساعِد بن سليمان الطَّيَّار.
التَّعريفُ بمَوضوعِ الكتابِ وأهميته
لم يَزَلْ عُلماءُ الشَّريعةِ وفُقهاءُ الإسلامِ في كلِّ عصْرٍ يُولُون النَّوازلَ في أعصارِهِم عِنايةً بالغةً، بَحْثًا وتَخريجًا، ولم يكُنْ عصْرُنا الحاضرُ بمَنأًى عمَّا تَقدَّمَه مِن العُصورِ، غيْرَ أنَّه تَميَّزَ بكَثرةِ النَّوازلِ الفِقهيَّةِ في مُختلَفِ الأبوابِ؛ وذلك بسَببِ التَّطوُّرِ التِّقنيِّ والصِّناعيِّ الهائلِ الذي شَهِده هذا العصْرُ، ومِن ذلك ما يَتعلَّقُ بالقُرآنِ الكريمِ، سَواءٌ في كِتابتِه، أو تِلاوتِه، أو تَسجيلِه، أو الاستماعِ إليه، أو فَهْمِه، أو ما يُسمَّى بالمصْحفِ الإلكترونيِّ، أو غيْرِ ذلك مِن النَّوازلِ الكثيرةِ، لذلك جاءت هذه الرسالة لِدراسةِ هذه النَّوازلِ؛ وبَيانِ أحكامِها مِن جِهةٍ، وبَيانِ عَظَمةِ الشَّريعةِ وصَلاحيَّتِها لكلِّ زَمانٍ ومَكانٍ مِن جِهةٍ أُخرى. ولقدْ درَس الباحثُ -في طِيَّاتِ هذا البحثِ- مائةً واثْنتَي عشْرةَ مَسألةً مِن نَوازلِ القرآنِ الكريمِ، واشتمل على خمسة فصول رئيسية.الفصل الأول: نوازل المصحف
جاء الفصلَ الأوَّل بعنوان (نَوازلِ المصْحَفِ)، وكان مُشتمِلًا على مَبْحثَين:المَبْحَثُ الأوَّلُ: (نَوازلُ المصْحَفِ الورَقيِّ)
وفي هذا المبحثِ تحدَّثَ عن النَّوازِلِ المتعلِّقةِ برسْمِ المصحَفِ؛ فتَحدَّثَ عن تَغييرِ رسْمِ المصحَفِ العُثمانيِّ إلى الرَّسمِ الإملائيِّ، وكِتابتِه بطَريقةِ (بِرايل) للْمَكفوفين، وكتابتِه بغيْرِ الحروفِ العربيَّةِ، واستعمالِ عَلاماتِ التَّرقيمِ في كِتابتِه، وعن استخدامُ الألوانِ في المصاحفِ، فخلص في هذه المسألة أنه لا ينبغي تلوين الأسماء الحسنى أو بعضها في المصحف بلون مغاير للون الكلمات كالأحمر، وتَكلَّمَ في عِدَّةِ مَسائلَ تَتعلَّقُ بذلك، منها: تَلوينُ المصاحفِ للتَّجويدِ، وتَلوينُ المصاحفِ للْقراءاتِ، ثمَّ تكلَّم عن حكم كِتابةِ دُعاءِ ختْمِ القرآنِ في آخِرِ المصحَفِ، والسَّفرِ به إلى بِلادِ الكفَّارِ في هذا العصْرِ، وتَمزيقِ المصاحفِ التَّالفةِ بآلاتِ تَقطيعِ الورَقِ، وذهب المؤلف لرجحان: جواز إتلاف أوراق المصحف بآلات تقطيع الورق الحديثة، بشرط ألا يبقى شيء من الكلمات والحروف، وإعادةِ تَصنيعِ أوراقِه التَّالفةِ للاستفادةِ منها في شَيءٍ آخَرَ، ووضْعِ المصحَفِ في السَّيَّارةِ ونحْوِها للتَّبرُّكِ به، وعمَلِ الكافرِ في طِباعتِه، وطِباعتِه في حجْمٍ مُصغَّرٍ، وأخيرًا: تَوزيعُ المصاحفِ في غُرَفِ الفنادقِ.المَبْحَثَ الثَّانيَ: (نَوازل المصحفِ الإلكترونيِّ)
واشتمَلَ هذا المَبْحَثُ على ثَمانيةِ مَطالِبَ، تكلَّم فيها على التَّرتيبِ عن الآتي: مَفهومِ المصحفِ الإلكترونيِّ وأنواعِه وتَكييفِه، والنَّوازلِ المتعلِّقةِ بصِناعةِ المصحفِ الإلكترونيِّ، والطَّهارةِ لِلَمسِه وتَعظيمِه، وأحكامِ القراءةِ في المصحفِ الإلكترونيِّ، وأحكامِ المصحفِ الإلكترونيِّ في العقودِ، ونسْخِ بَرامجِ القرآنِ الكريمِ المحْميَّةِ، ورفْعِ المصحفِ الإلكترونيِّ على المواقعِ المشْبوهةِ، والمصاحفِ الإلكترونيَّةِ المحرَّفةِ وكَيفيَّةِ التَّعامُلِ معها.الفصل الثاني: نَوازل كِتابةِ نَصِّ القرآنِ
جاء الفصلُ الثَّاني بعنوان: (نَوازلِ كِتابةِ نَصِّ القرآنِ)، وفيه ثَلاثةُ مَباحثَ: المَبْحَثَ الأوَّلَ: (كِتابةِ الآياتِ على هيْئةِ زَخارفَ وتَعليقِها والاتِّجارِ بها)، والمَبْحَثَ الثَّانيَ: وضْعِ آيةٍ قُرآنيَّةٍ في خلْفيَّةِ الأجهزةِ أو مَواقعِ الإنترنتِ، وذلك بالتَّوقيعِ في مُنتدياتِ الإنترنتِ ونحْوِها، وتكلَّم في المَبْحَثِ الثَّالثِ: عن (نَوازلَ مُتعلِّقةٍ بالتَّأدُّبِ في كِتابةِ القرآنِ)، ومِن أهمِّ المسائلِ التي نُوقِشَت في هذا المَبْحَثِ: الاقتباسُ مِن القرآنِ الكريمِ، أو مُحاكاتُه في الشِّعرِ أو النَّثرِ على وَجْهِ السُّخريةِ، واستعمالُ الآياتِ القرآنيَّةِ في الدِّعايةِ والإعلانِ، ونقْشُ القرآنِ على الحُليِّ، وتَسميةُ الأفلامِ السِّينمائيَّةِ بآياتٍ قُرآنيَّةٍ.الفصل الثالث: نَوازل قِراءةِ القرآنِ والاستماعِ إليه وتَسجيلِه
ثمَّ تَطرَّقَ في الفصلِ الثَّالثِ إلى (نَوازلِ قِراءةِ القرآنِ والاستماعِ إليه وتَسجيلِه)، وفيه ثَلاثةُ مَباحثَ: المَبْحَثُ الأوَّلُ: (نَوازلُ قِراءةِ القرآنِ). والمَبْحَثُ الثَّاني: (نَوازلُ الاستماعِ إلى القرآنِ)، والمَبْحَثُ الثَّالثُ: (نَوازلُ تَسجيلِ القرآنِ)، وتحْتَ كلِّ مَبحَثٍ مَطالِبُ عِدَّةٌ. وذهب الباحث أن الراجح: عدم جواز استخدام التلاوة المسجلة للقرآن في انتظار الرد على الاتصال، وعدم جواز استخدام آيات القرآن نغمةَ تنبيهٍ للاتصال في الهواتف المحمولة وما في حكمها، كما أنه رأى أن لا بأس بتشغيل التلاوة المسجلة قبل النوم، وإن استمر المسجل ونحوه في التلاوة أثناء نوم الشخص، وينبغي أن يكون المقصود من ذلك التدبر لا مجرد استجلاب النوم.الفصل الرابع: نَوازلُ تَعليمِ القرآنِ والرُّقيةِ به
كان الفصل الرَّابعِ بعنوان (نَوازلُ تَعليمِ القرآنِ والرُّقيةِ به)، وفيه مَبحثانِ: كان المَبْحَثُ الأوَّلُ: عن (نَوازل تَعليمِ القرآنِ)، وتكلَّم فيه عن صَرْفِ الزَّكاةِ في حَلقاتِ تَحفيظِ القرآنِ، والمُسابقاتِ القُرآنيَّةِ، وتَعليمِ القرآنِ بوَسائلِ التِّقنيةِ الحديثةِ، وغيرِ ذلك، والمَبْحَثُ الثاني: عن (نَوازِل الرُّقيةِ بالقرآنِ)، وتَحدَّث فيه عن مَسائلِ الرُّقيةِ، والتي منها: اتِّخاذُ الرُّقيةِ الشَّرعيَّةِ مِهنةً، والرُّقيةُ بالقُرآنِ عن طَريقِ الوسائلِ الحَديثةِ، والرُّقيةُ عن بُعدٍ مِن غيْرِ أيِّ اتِّصالٍ، والرُّقيةُ الجماعيَّةُ.الفصل الخامس: نَوازلُ إعجازِ القرآنِ وتَفسيرِه وتَرجمتِه
ثمَّ جاء الفصلُ الخامسُ والأخيرُ: (نَوازلُ إعجازِ القرآنِ وتَفسيرِه وتَرجمتِه)، وفيه ثَلاثةُ مَباحِثَ: المَبْحَثُ الأوَّلُ: (نَوازلُ إعجازِ القرآنِ)، والمَبْحَثُ الثَّاني: (نَوازلُ تَفسيرِ القرآنِ وبَيانِ مَعانِيه)، والمَبْحَثُ الثَّالثُ: (نَوازلُ تَرْجمةِ القرآنِ).النتائج والتوصيات
ختم الباحث مصنفه بعدد من النتائج والتوصيات نذكر أهم ما جاء فيها فيما يلي:- الأحكامَ التي قدْ يَتغيَّرُ الاجتهادُ فيها هي الأحكامُ الاجتهاديَّةُ المَبْنيَّةُ على الأعرافِ والمصالِحِ المُرْسَلةِ ونحْوِها، وتَغيُّرُ الاجتهادِ فيها بِناءً على التَّغيُّرِ الطَّارئِ في تلك الأعرافِ والمصالِحِ، أمَّا الأحكامُ الأساسيَّةُ الثَّابتةُ بصَريحِ النُّصوصِ أو الإجماعِ؛ فهذه لا تَقبَلُ التَّبديلَ مهْما تَبدَّلَ المكانُ وتَغيَّر الزَّمانُ، بلْ هي شَريعةٌ ثابتةٌ دائمةٌ.
- للنَّوازلِ أثرٌ واضحٌ في تَغييرِ الاجتهادِ، خُصوصًا إذا لم تكُنِ النَّازلةُ جَديدةً كُلِّيًّا، وإنَّما طرَأَ في المسألةِ القديمةِ ما يَسْتدعي إعادةَ النَّظرِ فيها؛ لتغيُّرِ عُرفٍ، أو تَبدُّلِ مَصلحةٍ، أو حُدوثِ ضَرورةٍ، أو تَطوُّرِ وَسيلةٍ، أو غيْرِ ذلك، فيَتغيَّرُ الاجتهادُ السَّابقُ؛ لِيُلائِمَ الأحوالَ الجديدةَ للنَّازلةِ.
- تَكييفُ المصحَفِ الإلكترونيِّ: هو أنَّه لا يُعَدُّ مُصحفًا، ولا يَأخُذُ أحكامَه إذا كان في وضْعِ الإغلاقِ، أمَّا إذا كان في وضْعِ التَّشغيلِ، وكان القرآنُ مَعروضًا على الشَّاشةِ؛ فإنَّه يَأخُذُ أحكامَ المصحَفِ الورَقيِّ في الجُملةِ، وقدْ يُخالِفُه في بعْضِ الأحكامِ نظَرًا لطَبيعتِه الإلكترونيَّةِ.
- التوصيةُ بالعِنايةِ بالنَّوازلِ الفِقهيَّةِ المتعلِّقةِ بالقرآنِ، وتَدريسِها في الجامعاتِ والكُلِّيَّاتِ الشَّرعيَّةِ، وتَوجيهِ عِنايةِ الباحثينَ لها؛ لدِراسةِ ما يَستجِدُّ مِن مَسائلِها.
- التوصيةُ بضَرورةِ مُبادَرةِ الهيْئاتِ العِلميَّةِ والمَجامعِ الفِقهيَّةِ إلى إيجادِ لَجْنةٍ عِلميَّةٍ تَقومُ بالرِّقابةِ على المصاحفِ الإلكترونيَّةِ وتَطبيقاتِ القُرآنِ الكريمِ؛ نظَرًا لانتشارِ تَطبيقاتِ القُرآنِ المحرَّفةِ.
- كما أوْصى بمُتابعةِ ما يَصدُرُ مِن تَرْجماتِ المستشرقين البارزينَ للقُرآنِ، لا سيَّما الَّتي لها صِفةُ الذُّيوعِ والانتشارِ في اللُّغاتِ الحيَّةِ العالميَّةِ، ودِراستِها دِراسةً شاملةً لكشْفِ زيْفِها وأغراضِها الفاسدةِ، وتَحذيرِ المسلمينَ منها.
لاتوجد تعليقات