رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سالم الناشي 9 فبراير، 2021 0 تعليق

المياه الراكدة

- في العلم قد تمر على الإنسان المسلم أيام وشهور، بل سنون لا يستزيد من العلم والفهم، فلا يقرأ ولا يتعلم ولا ينهل من العلوم الشرعية، وقد يصرف وقته فيما لا يفيد من الألعاب، والتسلية، والجلسات العادية.. فعلى المسلم أن يتعلم شيئا من القرآن الكريم، {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} (الإسراء:9)، ويتعلم العقيدة ومعنى لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله؛ فيخلص عمله لله وحده، ثم يتعلم كيف يتطهر؟ وكيف يصلي؟ وكيف يصوم؟ وكيف يزكي؟ وكيف يحج؟ ويتعلم الحقوق المطلوبة منه وهكذا. ولا حرج في تعلم العلوم الأخرى النافعة؛ لقصد نفع الناس في دنياهم.. ولا يكون كالماء الراكد.

- وفي الحياة الأسرية يجب على المسلم الإحسان إلى الأبوين؛ فقد قال -تعالى- في حقهما: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} (الإسراء:23-24)، وكذلك عليه أن يحسن إلى زوجته، قال -عز وجل-: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (النساء:19)، والزوجة عليها السمع والطاعة لزوجها في المعروف، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «خَيرُكم خَيرُكم لأهلِه، وأنا خَيرُكم لأهلي». وكذلك الأبناء ورعايتهم والقيام بنصحهم، فقال - صلىالله عليه وسلم -: «مُروا أولادَكُم بالصَّلاةِ وَهُم أبناءُ سبعٍ» والاقارب وصلة الأرحام، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «يا أيها النَّاسُ أفشُوا السَّلامَ وأطعِمُوا الطعامَ وصِلوا الأرحامَ وصَلُّوا بالليلِ والنَّاسُ نِيامٌ تدخُلوا الجنَّةَ بسلامٍ».. ولا يكون كالماء الراكد.

- وفي العلاقات الاجتماعية على المسلم أن يبني علاقات متميزة مع إخوانه؛ فقد قال - صلىالله عليه وسلم -: «المسلمُ أخو المسلمِ لاَ يَظلمُهُ ولاَ يَشتمُهُ»، وعليه أن يبذل من وقته وعلمه وجهده لدعوة إخوانه، ولا يبخل بالنصح والمعاملة الطيبة وكرم النفس والمسامحة، ويتجنب أن يكون فظا غليظا، يبحث عن الزلات والأخطاء.. ولا يكون كالماء الراكد.

- هذه المعاني مستوحاة من الآية الكريمة {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (الرعد:11)، فهي آية عظيمة تدل على أن الله -تبارك وتعالى- بكمال عدله وكمال حكمته لا يُغير ما بقوم من خير إلى شر، ومن شر إلى خير، ومن رخاء إلى شدة، ومن شدة إلى رخاء، حتى يغيروا ما بأنفسهم، فإذا كانوا في صلاح واستقامة، وغيروا، غير الله عليهم بالعقوبات والنكبات والشدائد والجدب والقحط والتفرق وغيرها جزاء وفاقا، قال -سبحانه-: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ} (فصلت: 46).

- وقد يمهلهم -سبحانه- ويملي لهم ويستدرجهم، لعلهم يرجعون ثم يؤخذون على غرة كما قال -سبحانه-: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} (الأنعام: 44) يعني آيسون من كل خير، وقد يؤجلون إلى يوم القيامة، فيكون عذابهم أشد، كما قال -سبحانه-: {وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ} (إبراهيم: 42). والمعنى أنهم يؤجلون ويمهلون إلى ما بعد الموت، فيكون ذلك أعظم في العقوبة وأشد نقمة.

- وقد يكونون في شر وبلاء ومعاص، ثم يتوبون إلى الله ويرجعون إليه، ويندمون ويستقيمون على الطاعة؛ فيغير الله ما بهم من بؤس وفرقة، ومن شدة وفقر، إلى رخاء ونعمة واجتماع كلمة، وصلاح حال بأسباب أعمالهم الطيبة وتوبتهم إلى الله -عز وجل.

 

 

8/2/2021م


لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك