رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 16 سبتمبر، 2014 0 تعليق

المولى النصير

صاحبي من محبي اللغة العربية الفصحى.. سألته.

- ما الفرق بين (المولى والولي)؟

- (المولى) على وزن «مفعل» من (ولي)، (يلي)، و(الولي) هو من يتولى الأمر ويتدبر الحال وهذه من الأمور العامة لا خصوصية فيها، أما (المولى) فهو من تركن إليه وتحتمي به عند الشدة، وتعتمد عليه حال الرخاء فهو من الأمور الخاصة، وهو من انعقد بينك وبينه سبب «يواليك به»، ولذلك وصف الله -عز وجل- نفسه بأنه مولى (الذين آمنوا).

‏{‏ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ‏}‏ (محمد:11).

واعتز المؤمنون بمولاهم واطمأنوا له سبحانه وتعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (التوبة:51).

- ما أجمل العلم باللغة العربية!.

قلتها مظهرا استحسانا لما قال!.

- بل الأجمل منه العلم بالتوحيد ولاسيما بالأسماء والصفات، أخبرني أنت كم مرة ورد اسم (المولى) لله عز وجل في القرآن العظيم؟

- ورد هذا الاسم من الأسماء الحسنى مطلقا مرتين في كتاب الله، والآيتان هما:

{وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ ۚ نِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ} (الأنفال:40).

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ  ﴿77﴾وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ۚ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۚ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ۚ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ ۖ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ } (الحج:77-78).

وفي التفسير:

(وإن تولوا) ولم ينتهوا عن كفرهم (فاعلموا أن الله مولاكم) ناصركم فثقوا به ولا تبالوا بمعاداتهم. (نعم المولى) فلا يضيع من تولاه، و(نعم النصير) فلا يغلب من نصره.

- كأن الله اشترط (الإيمان  لنيل ولايته)؟!

- نعم.. على قدر الإيمان تكون ولاية الله لعبده، ففي معنى (المولى) أنه كل من انعقد بينك وبينه سبب يواليك به.. وأي سبب أعظم من توحيد العبد لربه.. وتحقيق العبودية له؟ فمن فعل ذلك فقد استحق أن يكون الله مولاه، ويكون هو وليا لله، كما في الحديث القدسي: «من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب».

- وماذا عن اسم الله (النصير)؟

- ورد اسم الله النصير مطلقا، في الآيتين اللتين ذكرتا في كتاب الله، وورد مقيدا في آيات كثيرة مثل قوله سبحانه: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَىٰ بِاللَّهِ نَصِيرًا} (النساء:45).

و(النصير) في اللغة -كما تعلم- صيغة مبالغة من (ناصر) وجمع (نصير) أنصار كما في (شريف و أشراف).

و(النصير) هو الذي يعين من يستنصره على العدو، فهو سبحانه ينصر رسله وأنبياءه وأولياءه على من عاداهم وهذه إحدى سنن الله عز وجل: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} (غافر:51)، ومن ينصره الله عز وجل فهو غالب لا محالة: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ۖ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ} (آل عمران:160).

علق صاحبي:

- إن (نعم) في اللغة تستخدم للمدح والاستحسان، وقد سبقك اسم الله (المولى)، ومرة أخرى أتت قبل (النصير)، فلا أحسن من أن يكون الله (مولاك)، ولا أحسن من أن يكون الله (نصيرك). و(المولى) يقتضي (النصرة)، ولكن الله ذكر جزءا من الولاية وهو (النصرة) على الأعداء، زيادة طمأنينة للمؤمنين وحثا لهم بطلب (النصرة) على وجه الخصوص من المولى، فالله سبحانه (نعم المولى ونعم النصير).

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك