رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سالم الناشي 9 أغسطس، 2018 0 تعليق

الموقف الشرعي في غزو الكويت

 

- في2/8/1990 استخدم الرئيس العراقي صدام حسين الجانب الشرعي في اعتدائه الآثم على الكويت؛ فقد سوغ عدوانه الظالم بأن الكويت (تسرق) النفط العراقي لسنوات، وهذه (السرقة) هي قطع للرزق؛ لذا أجاز صدام لنفسه الاعتداء على الكويت، وكان يستشهد بالعبارة الآتية تجاه الكويت «قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق»،      

- وكانت هذه الفرية العظيمة مبدأ الشرارة التي أشعلت حربًا أثرت في المنطقة كلها، مع أن حل المشكلات تكون بالحوار والنقاش، وليس بقطع الأعناق! وقد رد العلماء هذا الاستشهاد بردود بينة واضحة؛ فقالوا: إن من اعتقد أن غير الله يَرزق أو يَمنع الرزق فقد أشرك بالله؛ فإنه لا مانع لما أعطى الله، ولا مُعطي لما مَنَع.

- كما يجب على المسلم أن يعتقد أن الناس لا يَملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا، ولا موتا، ولا حياة، ولا نشورا؛ فإذا كانوا لا يملكون ذلك لأنفسهم؛ فكيف يملكونه لغيرهم؟

وفي وصيّته صلى الله عليه وسلم  لابن عمِّه ابن عباس: «واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لم يضرّوك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف».

- وهذه الكلمة أي «قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق» ليست حديثا، بل هي مقولة يتداولها بعض الناس للدلالة على أهمية حفظ الرزق، وأن قطع الأعناق أهون من قطع الأرزاق مبالغة منهم في أهمية حفظ الأرزاق، ولا شك أن ظاهر المقولة غير صحيح؛ فإن عظمة الدماء عند الله أعظم من عظمة الأموال؛ ولذا كان حفظ النفس مقدما على حفظ المال.

- وهذا المثال من الناحية الشرعية لا يصح؛ لأن الله حرم قطع الأعناق، أيّ قتل الأنفس بغير حق شرعي، أما الأرزاق؛ فلا يقطعها أحد غير الله -عز وجل-؛ فهو الرزاق ذو القوة المتين؛ وما دام الإنسان حيا فرزقه مضمون من الله -عز وجل- قال الله -تعالى-:{وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا < وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} (هود6)، وفي الحديث: «إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها؛ فاتقوا الله وأجملوا في الطلب» صحيح البخاري

- فالله -سبحانه وتعالى- يقول: {قل لن يصيبنا إلا ماكتب الله لنا}، ويقول -جل شأنه-: {هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور}، وقال -تعالى-: {إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين}.

- والناس لا يملكون قطع الأرزاق، وبالتالي لا صحة لهذا المثل حتى من ناحية شرعية؛ فالله -سبحانه وتعالى- قد نزع هذه الصلاحية من البشر، وجعل للإنسان السعي، والحركة، والبحث، والله مقدر له الأسباب؛ فإذا سلك المخلوق هذه الأسباب، وصل -بعون الله- إلى المسببات، والآية تبين لنا ذلك، وتأمرنا بالسعي لكسب الرزق، يقول -تعالى-: {فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور}.

- وقد استغل صدام آية قرآنية في الاستشهاد والتسويغ لغزوه الكويت، وهي قوله -تعالى-: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً}(الإسراء16)؛ فهنا أعطى صدام نفسه الحق في الإهلاك والتدمير، فقط حينما يغلب على ظنه أن دولة ما قد فسق مترفوها، ونسي صدام في وقته أن دولا كثيرة فيها من الفساد ما الله به عليم، ولم يطبق عليها ما طبقه على الكويت، ومثال ذلك أن الكويت ينص دستورها في مادته الثامنة على (أن دين الدولة الإسلام، والشريعة مصدر رئيسي للتشريع)، كما أنه يُمنع فيها شرب الخمور والاتجار بها، وغير ذلك من مظاهر الفساد العلنية؛ فكيف تجرأ صدام على استغلال بعض آيات القرآن الكريم في تجاوز الحد والطغيان والدخول في حرب، جرَّت على نفسه وشعبه وشعوب المنطقة الدمار والخراب؟

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك