رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: أيمن الشعبان 8 مايو، 2017 0 تعليق

المهمات في صفات القدوات من القرآن الكريم


هذه همسات تربوية وخواطر قرآنية من هداية كلام رب البرية، وهي فوائد وإرشادات مقتضبة،  ووصايا وتوجيهات مختصرة، وبرقيات عاجلة، تنير الطريق، وترسم المعالم، مستقاة من أخلاق الكبار وصفات العظماء، من الأنبياء والأصفياء، لصناعة قُدوات عملية ونماذج ربانية وإيجادها.

إرجاع الفضل والإنجاز لله سبحانه

وهذا ما قاله سليمان -عليه السلام- بعد أن رأى عرش بلقيس أمامه، {قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي}(النمل:40)، كما أن ذا القرنين قال مباشرة بعد أن أتم بناء الردم: {هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي}(الكهف:98)، وهذه حال الخلفاء الصالحين، إذا مَنَّ الله عليهم بالنعم الجليلة، ازداد شكرهم وإقرارهم، واعترافهم بنعمة الله. تفسير السعدي ص486.

النِّعَم تزيدهم تواضعا

 بخلاف أهل التجبر والتكبر والعلو في الأرض فإن النعم الكبار، تزيدهم أشرا وبطرا (تفسير السعدي ص486)، قال سليمان -عليه السلام- لما حضر عرش ملكة سبأ مع البعد الكبير، قال: {هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُر}(النمل:40)، بخلاف قارون الذي قال: {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي}(القصص:78).

الحرص على هداية الناس

 كان صلى الله عليه وسلم يحرص أشد الحرص على هداية الناس، حتى إنه كان يضر بنفسه ويكاد يُهلك نفسه، قال سبحانه: «فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا» سلسلة دروس في شرح تفسير ابن كثير، عبد العزيز الراجحي، الدرس 17.

الدعاء بالثبات على الشكر والصلاح

 إذ فيها حسن التجاء وارتباط واعتماد على الله سبحانه، متوكلا عليه طالبا عونه في ديمومة عبادة الشكر على النعم والاستقامة على الصلاح، قال -سبحانه- عن سليمان -عليه السلام-: {وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ}(النمل: 19)، وينظر تفسير (روح البيان) (6/336).

الاختلاط

فلا ينبغي للقائد القدوة أن يكون بمعزل عن الأتباع؛ ففي آيات عدة ورد قوله -سبحانه- مبينا توجيهات موسى -عليه السلام- {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ}، وهذا فيه إشارة للتعايش معهم والخلطة عن قرب.

إتقان العمل

     سمة مهمة للقائد الناجح؛ إذ ضرب الله -تعالى- مثالا عجيبا في إتقان ذي القرنين بناء السد وإنشائه، باستخدامه أعلى المواصفات، {حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا}(الكهف:96)، بَنَاهُ مِنَ الْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ وَسَاوَى بِهِ الْجِبَالَ الصُّمَّ الشَّامِخَاتِ الطِّوَالَ فَلَا يُعْرَفُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ بِنَاءٌ أَجَلُّ مِنْهُ وَلَا أَنْفَعُ لِلْخَلْقِ مِنْهُ فِي أَمْرِ دُنْيَاهُمْ. البداية والنهاية لابن كثير (2/132).

تقييد مقصد طلب الذرية بالصلاح

صفة مهمة للقدوة، لتحقيق مجتمع نموذجي وجيل مثالي يحمل هم الأمة وقضاياها، قال -تعالى- عن عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ}(الفرقان:74)، وقال -سبحانه- عن إبراهيم -عليه السلام- لما سكن فلسطين {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ}(الصافات:100-101).

البذل

      والعطاء من مال وعلم وجهد ووقت عنصر أساسي للقائد الفعال في حياة الأمة؛ فعلى الرغم من أن الله -سبحانه- قد مكّن لذي القرنين في الأرض، إلا أنه لم يتوقف في السعي وبذل الأسباب للدعوة والجهاد ونفع الناس، {إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا فَأَتْبَعَ سَبَبًا}(الكهف:84-85)، قال القاسمي: وأن على قدر بذل الجهد يكون الفوز والظفر. تفسير القاسمي (7/67).

تقديم مصالح الأمة على مصلحته

 من أهم أخلاق القائد المؤثر والقدوة الرباني، فيعقوب -عليه السلام- من مصلحته بقاء ولده بنيامين معه لشبهه من يوسف وتسليته به، لكن مصلحة القرية والمجتمع إرساله ليزدادوا كيل بعير، {فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُوا يَاأَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}(يوسف:63).

العفو

      من الصفات المهمة للقدوة المتميز، التي تكسبه راحة النفس وانشراح الصدر، وتأليف القلوب وتماسك الصفوف، فيوسف -عليه السلام- النبي القائد مع كل ما فعله به إخوته عفا عنهم، {قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}(يوسف:92)، وهذا نهاية الإحسان الذي لا يتأتى إلا من خواص الخلق وخيار المصطفين. تفسير السعدي ص404.

حُسن توزيع المهام

 ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب صفة مهمة للقدوة الناجح، قال -سبحانه- واصفا حال نبينا صلى الله عليه وسلم : {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ}(آل عمران:121)، إن الحق يذكر بمسؤوليات القائد، الذي يوزع المهام؛ فهذا جناح أيمن؛ وذاك جناح أيسر، وهذا مقدمة وهذا مؤخرة. تفسير الشعراوي (3/1726).

الشورى

 تسدد رأي القدوة والرمز والقائد المثالي؛ بحيث لا يتخذ القرارات المهمة لوحده، ولننظر التوجيه الرباني للنبي[: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}(آل عمران:159)، فَتَعَيَّنَ أَنَّ الْمُشَاوَرَةَ الْمَأْمُورَ بِهَا هُنَا هِيَ الْمُشَاورَة فِي شؤون الْأُمَّةِ وَمَصَالِحِهَا. التحرير والتنوير (4/147).

اتخاذ المستشار الأمين

 ذي الرأي السديد والخبرة الكبيرة والكفاءة العالية؛ من أولويات القائد الناجح؛ لذلك لم يؤجل موسى -عليه السلام- هذا الأمر عندما كلمه ربُّهُ، قال -سبحانه- على لسانه موسى {وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي . هَارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي . وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي}(طه:29-32).

اتخاذ مجلس شورى مخلص

 لاتخاذ القرارات وإدارة الأزمات، وهذا ما فعلته ملكة سبأ كما قص -سبحانه- من شأنها: {قالت يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ}(النمل:32)، فقد كان لها مجلس شورى مكون من أكابر القوم، وفي استشارتهم دليل على حلمها وعلمها وحكمتها. سلسلة دروس صوتية. (تفسير أحمد حطيبة) رقم 147.

الثبات على المبدأ

 تكشف عن طهارة قلبه وحسن سريرته وعدم التفاته لمغريات الدنيا مهما عظمت، ولنتأمل موقف سليمان -عليه السلام- ورده القوي وثباته وإصراره، في دعوة ملكة سبأ للإسلام ورفضه هديتها، {قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ}(النمل:36).

 

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك