المنكرات في الأعراس
الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد: فإن المرأة المسلمة مستهدفة في دينها وذاتها وعفتها من قبل أعدائها بطرائق مباشرة غير مباشرة؛ مما يؤكد العناية بهذا الأمر والاهتمام به وبأنه لله وصيانة للمرأة وحفظ للأعراض، فالمرأة زوجة كانت أو بنتاً أم أختاً أم أماً هي أعز ما يملك ذو المروءة والشهامة والديانة؛ ولذا تواجه نساؤنا هجمة شرسة على مختلف الأصعدة والمستويات تستهدف دينها وعرضها وكرامتها التي خصها الله بها، وأولتها الشريعة عنايتها اللائقة بها.
وكان من أوسع الأبواب التي فتحت على نساء المسلمين، بلية التشبه بالغرب من خلال نسائه الكافرات والماجنات تحت دعاوى زائفة عن حرية المرأة وحقوق الإنسان.. تسمية للخمر بغير اسمها.
هذا وقد ابتليت كثير من الجهات بمظاهر مخالفة للديانة تشبه فيها الناس ولا سيما النساء بأهل الكفر والفسق والانحلال ونالت مناسبات الأفراح والأعراس من ذلك نصيبها.
ومن ذلك ما يُسمى بتشريعة الزوجة، وذلك بعرضها بكامل زينتها وجمالها على المتفرجات من النساء، وربما صاحب ذلك نوع من الموسيقى تسير الزوجة على إيقاعها.
ويعظم الأمر وتشتد خطورته إذا صاحبها زوجها في هذه المسيرة والجلوس أمام أعين النساء، وهو الخطر الجسيم على الدين وعلى العرض، بل على زواجهما. وهذا المظهر اشتمل على مفاسد عديدة منها التشبه بالكفار وأهل الانحلال، وصح عن النبي[ أنه قال: «من تشبه بقوم فهو منهم»، ومن ذلك الدخول على نساء لسن محارم للزوج، وقد نهى النبي[ عن الدخول على النساء، حتى شبَّه الحمو بالموت، وهو قريب الزوج، وكذلك نظر الزوج إلى الحاضرات للزواج من معشر النساء وهن بحلة الزينة والجمال، مما يزهده في زوجته، ويصرف نظره إلى غيرها، ومنها ما يحصل في هذه التشريعة من التحاسد والتغاير وإيغار الصدور بالهم والفهم وسيئ الظن.
ومما بلي به بعض الناس في أفراحهم استجلاب المغنيات والمغنين بآلات المعازف، والغناء الفاحش الماجن الرخيص، بالمبالغ الباهظة مما يستدعي حلول النقمة عليهم بهذا الزواج، وفساد ذات البين؛ لبدئه بمعاصٍ عظيمة لله عزَّ وجلَّ، والله عزَّ وجلَّ يقول في أول سورة لقمان: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ} (لقمان: 6).
والحديث هذا هو الغناء كما حلف به ابن مسعود رضي الله عنه وغيره، وفي صحيح البخاري وغيره عن النبي[ أنه قال: «ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف»؛ مما يدل على حرمتها قبل ذلك، ولا سيما أنها قد ضمت إلى كبائر الذنوب الخمر والزنى والحرير على الرجال.
هذا وأبيح للنساء الضرب بالدف في الأعراس بكلام فيه الشجاعة والمروءة، لا بكلام المغنين المطربين والمطربات، ذاك المشتمل على الفحش والسخافة وساقط القول والوصف.
ومما تشتمل عليه بعض الزواجات للأسف الشديد اختلاط الرجال بالنساء، ولا سيما عند الطعام، أو دخول الرجال والشباب على النساء في حفل الزفاف، وهو البلية العظمى التي خشيها النبي[ على أمته بدخول الرجال مع النساء، وبأنه ما ترك فتنة أضر على الرجال من النساء، والعاقل ذو المروءة والصيانة يدرك ما ينتج هذا الاختلاط من مفاسد تنال الديانة والعرض والمروءة، وافتتان الرجال بالنساء، والنساء بالرجال، والجميع بلباس الزينة وحالة التجمل مع ضعف وازع الخوف من الله، والغيرة على الأعراض، وعلى محارم الله.
كما نسمع عن انتشار ظواهر تصوير حفلات العرس ولا سيما الزوجان ورقص النساء بأنواع آلات التصوير بالفيديو والكاميرا أو غيرهما، ومع شدة حرمة التصوير بذاته، كما جاء في الصحيحين وغيرهما من حديث عائشة وابن عباس وأبي هريرة – رضي الله عنهم – في التشديد والزجر والتهديد من ذلك بكونهم أشد الناس عذاباً يوم القيامة.
كيف وفيه هتك ستر الفضيلة، ونشر الرذيلة، وفضح الأعراض واطلاع الأجانب من الرجال على صور النساء بكامل زينتهن في أنفسهن وألبستهن؟! وما يجره ذلك من ترك العفاف، وافتتان الشباب بالشابات والهم والغم وسريان الفساد، وقد جاءت الشرائع كلها والفطر بحفظ الأعراض، ألا فليحذر ذلك المؤمنون والمؤمنات، الذين في قلوبهم الخوف من الله وتعظيم أوامره، والغيرة على محارمه، ولينتبه لذلك ذو الغيرة والعقل والمروءة والكرامة.
وعليه فإذا اشتمل حفل العرس على ذلك أو على بعض منه فإنه يحرم على المسلم ذكراً أو امرأة حضور هذا الزواج أو المشاركة فيه؛ لئلا يكون مشاركاً في الإثم والذنب والله -عزَّ وجلَّ- يقول: {وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَان} (المائدة: 2).
ومن حضر هذه الأعراس يحاول تغيير هذا المنكر أو التقليل منه وإلا وجب عليه الخروج منه، وعدم الجلوس فيه، والله يُعصى أمره بمثل هذا المكان. ولو ترتب على ذلك قطيعة الرحم؛ فإن الله أمر بصلة الأرحام لكن لا عن طريق معصيته.
ويجب على أولياء النساء من الآباء والأزواج والإخوان مراعاة ذلك والتنبه له عندما يحضرون أهليهم لهذه الزواجات؛ قال النبي[: «كلكم راع وكل مسؤول عن رعيته».
وليحذر الزوجان ابتداء حياتهما بمثل هذه المعاصي فإنها شؤم عليهما في دينهما ودنياهما.
لاتوجد تعليقات