رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سالم الناشي 10 أغسطس، 2017 0 تعليق

المفهوم الإنساني في القرآن الكريم (1) حواء.. عنوان المودة والرحمة وتقوى الله

 - قال الله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَال كَثِيرًا وَنِسَاءً} (النساء/1). وقال -عز من قائل-: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا..} (الأعراف:189)

- تدل هاتان الآيتان الكريمتان وغيرهما من نصوص الكتاب والسنة وكلام سلف الأمة ومن تبعهم من الأئمة على أن آدم -عليه السلام- هو أصل النوع البشري، ثم خلق الله منه زوجه حواء، فبث منهما البشر جميعا.

- قال ابن كثير -رحمه الله-: «{وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} وهي حواء عليها السلام، خلقت من ضِلعه الأيسر من خلفه وهو نائم، فاستيقظ فرآها فأعجبته، فأنس إليها وأنست إليه» (تفسير ابن كثير) (2 /206).

- وروى البخاري، ومسلم  عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ».

- وحذر ربنا -تبارك وتعالى- آدم وحواء من الأكل من الشجرة فقال -جلا وعلا-: «وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ» (البقرة:35) و الأية: {وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ}.

- كما حذرهما من إبليس وإغوائه لهما قال -تعالى-: {فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى} (طه:117).

- ولكنهما لم يلتزما التحذير؛ {فَأَكَلا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} ( طه:121).

- ولعل عاطفة حواء غلبت في الملك الذي لا يبلى، فدعت آدم للأكل من الشجرة، فرق لها واستجاب فوقعا في مخالفة التحذير؛ لذا قال -[-: «لولا حوَّاءُ لم تخن أنثى زوجَها الدَّهر» (صحيح مسلم) َ والخيانة هنا بمعنى تَرْكِ النَّصيحةِ في أمْرِ الشَّجرةِ لا في غيرِ ذلك.

- ولا تعارض بين قوله -تعالى-: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ} (الأعراف:20)، وقوله: {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى* فَأَكَلا مِنْهَا} (طه: 120- 121) وبين الحديث؛ فالشيطانُ وسوسَ لهما وهي ايضًا زينَّتْ ﻵدم فاجتمع على آدم الأمران.-

- وفي الحديث: إشارةٌ إلى تَسليةِ الرِّجالِ فيما يقَع لهم مِن نِسائهم بما وقَع مِن أُمِّهن الكُبرى، وأن ذلك مِن طبعهنَّ؛ فلا يُفرِط في لوم مَن وقَع منها شَيءٍ خصوصًا إذا كان من غيرِ قصْدٍ إليه، أو على سَبيل النُّدور. (الموسوعة الحديثية).

- والله يمتن على عباده أن خلقهم من نفس واحدة؛ مما يعني الألفة والتعاون والتراحم، ويمتن عليهم أنه خلق المرأة من هذه النفس، أي أنها تحمل خصائصه وطبعه، فيأنس بها، ويرق لها، ويسكن إليها، فتتجلى الْمَوَدَّة وَالرَّحْمَة بينهما، قال -تعالى-: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الروم:21)؛ لذا عليهم تقوى الله ومحبته -سبحانه- واتباعه فيما أمر والانتهاء عما نهى وزجر.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك