رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 8 أكتوبر، 2012 0 تعليق

المفكرون الفلاسفة

 

     بعض الناس يحمل لقب (مفكر إسلامي).. وحيث إن هذا اللقب لا يتطلب شهادة معينة.. ولا يمكن الحصول عليه وفق برنامج أكاديمي محدد، اجتهدت أن أستجمع المواصفات والمؤهلات اللازمة لنيل اللقب لا رغبة فيه.. بل لمحاولة فهم من يحمله!!!

تابعت بأحدهم في مقابلة متلفزة:

- الفقه.. لا يغير الأمة.. العقيدة.. لا  تغير الأمة.. الفكر هو الذي يغير الأمة ويستنهضها.

- هل يمكن أن نصفك فنقول «مفتي»؟!

- كلا.. وإن كنت لا أعجز عن الإفتاء.

تابعت (مفكراً ) آخر ضمن كتاباته.. وفي إحدى المقابلات المنشورة:

- كتبت في العقيدة.. وفي الدعوة.. وفي السيرة.. منذ أكثر من ثلاثين سنة.

- ما الذي تدعو له؟

- أدعو إلى نظرة جديدة للدين.. طريقة جديدة للتفكير في الشريعة.. منهج جديد لتطبيق السنة.

- من الذين تتلمذت على أيديهم من الشيوخ؟!

- كثير من المشايخ جلست معهم وسمعت منهم.. ولا أريد أن أحدد اسماً أو أسماء.

     وأنا أعرف هذا وذاك.. كلاهما تخرج في الجامعة، الأول مهندس والآخر إداري، وأتما دراسة الدكتوراة في إدارة التنمية والإدارة البشرية.. والعلوم الاجتماعية.. بمعنى آخر.. لم يدرسا الشريعة.. ولم يحفظا كتاب الله.. ولم يقرآ في أي تخصص من تخصصات الدراسات الإسلامية.. قراءة منهجية.. ومع ذلك كتب أحدهما في كل شيء.. ونشر كتباً في جميع فنون الدراسات الإسلامية!!!

     وفي نهاية المطاف وجدت أن أقرب الفئات للمفكرين.. الفلاسفة.. أو بطريقة أدق.. المفكرون اليوم يحاكون فلاسفة الأمس.. وكلنا يعلم أن أساطين الفلسفة.. المسلمين.. رجعوا عن فلسفتهم بعد أن أفنوا حياتهم فيها.

     ويعلم كل عاقل أن لكل علم طريقة ومنهجا لاكتسابه.. وحتى تكون من أهل الاختصاص في أي فرع من فروع العلم يجب أن تتبع منهجاً علمياً أقره أهل هذا الاختصاص حتى تكون من أهله.. وإن الكتابة في العقيدة.. بعد الاطلاع على بعض كتب العقيدة.. لا تؤهلك أن تقيّم مكانتها في دين الله.. وكذلك في السيرة أو الفقه.. أو غير ذلك من التخصصات الشرعية.

     أول خطوة لنيل العلم الشرعي.. هي الإخلاص وتقوى الله.. والملاحظ في هؤلاء المفكرين على كثرة حفظهم لأقوال أمثالهم.. أنهم لا يحفظون إلا شيئاً يسيراً من كتاب الله.. أما أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم  فهم لا يحفظون إلا بعض المتون التي يحتاجونها بين فترة وأخرى.

     عندما «يفكر» المرء.. بموضوعية.. وتجرد.. ليعرف السبيل الأمثل للنهوض بالأمة.. لن يختلف اثنان أن منهج الرسول صلى الله عليه وسلمهو السبيل الأمثل.. والكل يدعي أنه يسلك منهج النبي صلى الله عليه وسلم.

     ولكن.. ألا يلزم من يريد أن ينهض بالأمة أن يكون حافظاً لكتاب الله.. عالماً بسنة النبي صلى الله عليه وسلم.. متبعاً لهدي النبي صلى الله عليه وسلم في مظهره ومخبره.. عالماً بأصول الفقه والأحكام الفقهية؟! نعم يكفى أن يكون متخصصاً بأحد هذه التخصصات مطلعاً على غيرها.. ولكن أن يأتي بفكر لا أساس له من كتاب الله.. ولا سنة النبي صلى الله عليه وسلم ثم يقول إنه يريد أن يستنهض الأمة.. فإنه بهذا يفتن نفسه.. ويفتن من يستمع إليه أو يقرأ له.. وهذه فتنة عظيمة يصعب على كثير من «المفكرين» الاستفاقة منها.

     خلاصة الأمر.. إن كان المفكرون اليوم هم فلاسفة الأمس.. فإننا نحذر المسلمين من كل ما يطرحونه.. لأن منهج الفلاسفة لا يؤدي إلى الحق.. وإن كان المفكرون اليوم شيئاً جديداً لم يسبقهم إليه أحد.. فليس المسلمون بحاجة إليهم. فقد كفانا منهج المصلحين عن أفكارهم وأطروحاتهم.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك