رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سالم أحمد الناشي 29 نوفمبر، 2010 0 تعليق

المفتي السابق للقدس عكرمة صبري في حوار خـاص لـ(الفرقان): شتان بين الدعم اليهودي لإسرائيل وبين الدعم الإسلامي لفلسطين


أعرب المفتي العام السابق للقدس الدكتور عكرمة صبري عن سعادته بفشل المفاوضات مع إسرائيل، معللا ذلك بأن الشروط الإسرائيلية شروط قاسية تريد الاستسلام من خلال المفاوضات ولا تريد السلام العادل، ونحن لا نتوقع حدوث سلام مع إسرائيل؛ لأنها دولة قائمة على الاغتصاب.

وقال: إن الدور المصري في القضية الفلسطينية تراجع مشيرا إلى أن السبب في ذلك هو الحصار الذي فرض على الشعب الفلسطيني ومشاركة مصر في الحصار على أبناء الشعب في غزة. وأعرب الشيخ عكرمة عن خيبة أمله من تراجع الدعم للقضية الفلسطينية على مستوى الدول العربية والإسلامية، مشيرا إلى أنه شتان بين الدعم اليهودي لإسرائيل وبين الدعم الإسلامي لفلسطين، فاليهود يدعمون إسرائيل دعما مطلقا ولهم استراتيجية واضحة  تنفذ الآن.

وأوضح أن السلطات الإسرائيلية تنفق المليارات سنويا على مدينة القدس من قبل اللوبي الصهيوني العالمي، وشدد على ضرورة مساندة السودان بشكل قوي حتى لا يتم الانقسام الذي سيكون خرابا على المنطقة برمتها وسيكون سابقة لانقسام دول أخرى ولاسيما وإن مصر الآن هي المهددة بعد ذلك. وإلى تفاصيل الحوار:

- كيف ترى الساحة الفلسطينية الآن بعد توقف عملية السلام وهل تعتقد أن إسرائيل تريد السلام؟

- المفاوضات انتهت بتعنت القيادة الإسرائيلية وفي نظري أن انتهاء المفاوضات أمر إيجابي وليس سلبيا؛ لأن الشروط الإسرائيلية شروط قاسية تريد الاستسلام من خلال المفاوضات ولا تريد السلام العادل، والمفاوضات التي كانت جارية لم تصل إلى سلام عادل، بل كلها تنازلات واستسلام، وعلينا أن نهتم بمؤسساتنا وعلينا أن نضع استراتيجية للاقتصاد حتى نصل إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي ونتحرر من الضغوطات الغربية والأمريكية التي تهدد دائما بقطع المساعدات عن الشعب الفلسطيني.

نحن لا نتوقع حدوث سلام مع إسرائيل لأنها لا تريد أي سلام؛ لأنها دولة قائمة على الاغتصاب، فلو أرادت السلام لما بنت هذه المستوطنات في الضفة الغربية، فهي تعد الضفة الغربية مكانا لقيام دولة فلسطينية، فكيف تقوم دولة فلسطينية والمستوطنات مزقت البلاد وشتتت العباد ولم تبق مدينة فلسطينية متصلة مع بعضها إلا بوجود مستوطنة بين أرجائها؟!

دور مصر

- كيف تصف دور مصر الآن في القضية الفلسطينية؟

- لم يعد خافيا أن الدور المصري في القضية الفلسطينية تراجع، والسبب هو الحصار الذي فرض على غزة ومشاركة مصر في الحصار على أبناء الشعب في غزة.

- كيف تقيّم التفاعل مع القضية الفلسطينية في الوقت الراهن... هل تراجع أم لا يزال محافظا على مكانته؟

- لقد تراجع الدعم على مستوى الدول العربية والإسلامية، أما على المستوى الشعبي فهناك تفاعل في الشوارع العربية والإسلامية، وهناك أيضا متابعة من الإعلام العربي والإسلامي وبعض الإعلام الغربي الحر، وأحب أن أشير هنا إلى أن الفضائيات العربية تؤدي دورا مهما للغاية في إظهار الحقيقة للعالم من خلال ما تنقله من اعتداء إسرائيلي سافر على الشعب الفلسطيني وتفضح المخططات الإسرائيلية الرامية إلى تهجير الشعب الفلسطيني ومدى المعاناة التي يعيشها هذا المواطن على أرضه وقد تزايد الاهتمام من قبل الإعلام بوجه عام، وهذا يشعرنا بأن صوتنا يصل إلى العالم كله، فالوضع الإعلامي هذه الأيام أكثر اهتماما من ذى قبل.

العرب وإسرائيل

- هل أنتم مرتاحون للدعم العربي الإسلامي للشعب الفلسطيني وكيف تقيم هذا الدعم بالمقارنة بالدعم اليهودي لإسرائيل؟

- شتان بين الدعم اليهودي لإسرائيل وبين الدعم الإسلامي لفلسطين، فاليهود يدعمون إسرائيل دعما مطلقا ولهم إستراتيجية واضحة  ينفذونها الآن لدعم إسرائيل المحتلة.

السلطات الإسرائيلية تنفق المليارات سنويا على مدينة القدس من قبل اللوبي الصهيوني العالمي، فملياردير يهودي واحد وهو (مسكوفيتش) ينفق أضعاف ما ينفقه العرب على مدينة القدس، ونحن ننزف دما حينما نرى اهتمام اليهود بالقدس أكثر من اهتمام الدول الإسلامية والمسلمين بها.

استرايتيجية2020م

- إسرائيل تعبث بشكل يومي وعدواني يكشف عن وجهها القبيح وتمضي قدما في تنفيذ مخططاتها لاغتصاب المدينة المقدسة بعد أن عملت على  تهويدها ومحو عروبتها.. فكيف يمكن الحفاظ على ما تبقى من المدينة وما الحل من وجهة نظرك؟

- لقد وضع الصهاينة واليهود في العالم  استراتيجية مستقبليه لدعم ومساندة إسرائيل من عام 2010 إلى 2020، وخلال العشر سنوات ستكون هناك برامج ومشاريع من شأنها استكمال تهويد مدينة القدس من حيث الأراضي  والمستوطنات من الجهة الشرقية والجهة الجنوبية، بالإضافة إلى تهجير أكبر عدد ممكن من قاطني مدينة القدس من الفلسطينيين.

اليهود يركزون على تهويد مدينة القدس في كل المجالات من الشجر والحجر والبشر، فهم يصادرون الأراضي ويبنون المستوطنات بدلا منها، وبنوا الجدار العنصري العازل الذي يحيط بمدينة القدس بحيث يعزل القدس عن سائر المناطق الفلسطينية، وانتشار الحواجز العسكرية المتعددة على حدود مدينة القدس وتهجير أكبر عدد ممكن من الأهالي من بيوتهم وهدمها.

ولقد شملت الأعمال العدوانية الإسرائيلية لتهويد القدس والقضاء على عروبتها مصادرة الكثير من الأراضي العربية داخل القدس القديمة وحولها، وزرع العديد من المستوطنات حول المدينة المقدسة من جميع الجهات لمحاصرتها وعزلها عن بقية المدن والمناطق الفلسطينية.

وسلطات الاحتلال الإسرائيلية ماضية في إقامة ما تسميه «القدس الكبرى» من خلال توسيع مساحتها باغتصاب المزيد من الأراضي العربية، الأمر الذي يكشف بجلاء أن خطرا شديدا يحيط بالقدس ومقدساتها، وأن هذا الخطر يتفاقم ويزداد يوما بعد يوم.

فموضوع تهويد القدس يأخذ مسارات وإجراءات عدة عدوانية تعسفية، ونحن لا ندرك حجم المصيبة التي ستحل بنا من هذه الخطط الإسرائيلية بسبب تهويد القدس ومحو عروبة  المدينة.

أولويات الشعب

- ما أولويات الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة؟

- من أهم الأولويات توحيد الصف الفلسطيني ودعم المؤساسات الإقليمية في مجال التعليم والصحة والأهم من ذلك البحث عن استراتيجية اقتصادية للاكتفاء الذاتي واعتماد الشعب الفلسطيني على نفسه في لقمة عيشه.

- هناك من يتخوف من التبرع  لفلسطين بسبب الفساد المستشري في السلطة الفلسطينية وفقدان الثقة،  ماذا تقول؟

- من يتخوف من ذلك فعليه أن يدعم المشاريع القائمة بالفعل في فلسطين؛ فهناك المستشفيات في أمس الحاجة إلى الدعم، وهناك قطاع التعليم وجامعة القدس وهناك المؤسسات الخيرية التي تعمل على توفير ما يحتاجه الفقراء وأبناء الشهداء، كل هذه المؤسسات في احتياج شديد للمساعدة، وأحب أن أشير هنا إلى أن فلسطين فوق الجميع ويجب أن نبذل قصارى جهدنا من أجل هذا الشعب ومن أجل المسجد الأقصى.

فتح وحماس

- كيف يمكن أن تتم المصالحة بين و(فتح) و(حماس) حتى يتفرغ الكل للقضية الأم؟

- دائما أردد أن فلسطين فوق الجميع، والقدس فوق الجميع، والأقصى فوق الجميع، وعلى جميع الفصائل والأحزاب أن تتفق على العوامل المشتركة الرئيسة وأن تترك الخلافات الجانبية والفرعية جانبا في هذه الأوقات؛ حتى يمكن أن يتفرغ الجميع لإنهاء الاحتلال لفلسطين الجريحة .

ومع ذلك رغم وجود عدة أحزاب وتوجهات لكن القدس كلها متوحدة في الدفاع عن القدس، فلا يوجد عندنا توتر أو تشنج كما هو موجود في رام الله أو غزة.

دويلات صغيرة

-هل تعتقد أن تقسيم العالم الإسلامي إلى دويلات صغيرة، ولاسيما تقسيم العراق  ومخطط تقسيم السوادان، نفذ خصيصا من أجل أمن إسرائيل؟

- العراق قسمت، وأمريكا الآن تقف بقوة في اتجاه تقسيم السودان لصالح إسرائيل، والدول العربية تقف عاجزة.. إلى متى سيظل الصمت العربي تجاه قضيانا المصيرية؟!

والغريب أن أمريكا لديها 51 ولاية، لماذا لا نسمع عن انفصال أية ولاية منها؟ ولماذا تقف أمريكا بجانب الانفصاليين؟ كل هذه الأمور واضحة وضوح الشمس، فمن أجل عيون إسرائيل، تقوم أمريكا بتفتيت الدول حتى تكون إسرائيل قوة مهيمنة على المنطقة، ومن هذا المنطلق أحب أن أوجه رسالة إلى الدول العربية والإسلامية بضرورة مساند السودان بشكل قوي حتى لا يحصل هذا الانقسام الذي سيكون خرابا على المنطقة برمتها وسيكون سابقة لانقسام دول أخرى ولاسيما أن مصر الآن هي المهددة بذلك، ليست مهددة بالانقسام فقط، بل بتحويل منابع النيل لإسرائيل.

تركيا

منذ ثلاثين عاما وضع الاستعمار خطة شيطانية من أجل تقسيم المقسم من العالم العربي، ولكن نحن العرب والمسلمين لم نضع خطة للحفاظ على وحدتنا؛ لأننا لم نأخذ درسا من الخلافات السابقة؛ فينبغي على الشعوب العربية والحكام والأنظمة العربية أن تعمل فيما بينها على اتحاد على غرار الاتحاد الأوروبي؛ حتى تحمي نفسها وشعوبها وأرضها وعالمها، حتى الاتحاد يحمي كراسي الحكام، من المصلحة للجميع أن يكون هناك اتحاد عربي إسلامي، ونحن نثمن الجهود التي تبذلها تركيا في التقارب مع العرب؛ لأنه من المستحيل أن يوافق الاتحاد الأوروبي على ضمها، وبالتالي لامجال لها إلا بالتقارب مع الشعوب العربية والدول العربية.

- إذاً هل تنادي بضرورة مساندة الدول العربية لتركيا في الوقت الراهن؟

- نعم وهذا أفضل بكثير من التفكك الموجود الآن بين الدول، وهذا في مصلحة الجميع وقد طالبنا مرات عدة بذلك.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك