رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: ريهام حلمي 17 يناير، 2018 0 تعليق

المفاهيم العشر لمنظومة الزواج الناجح

عن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّاب رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّمَا الأعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ»، كم يغيب عنا هذا المقصد الشرعي الذي منه تنبع الأعمال كلها حين نقوم بالزواج! فلا يكون للعمل رسوخ إلا بوجود النية من ورائه؛ فحين يقوم الإنسان بعمل ما دون تحديد غايته منه، يصبح العمل اعتياديا رتيبا، يفتقد الروح والشغف، فكيف يكون راسخا إن لم يكن واضحا؟

     وعندما نتحدث عن منظومة الزواج، فما أغرب أن يغيب عنا هذا المقصد المهم! كيف يتزوج البشر دون وضوح وتحديد للغاية من الزواج؟  فيتضح هيكل الزواج الذي تحت ظله يستشعر الزوجان الأمان، كيف صار الزواج اعتياديا كسائر أعمال الدنيا من طعام وشراب ورتابة في شؤون الحياة؟ فلا يتم التفكير فيه إلا بناء على الرغبة والاشتهاء، واتباعًا لتقاليد الآباء والموروثات، دون تحديد للأهداف والغايات، ولا شك أن قلة الوعي بالغاية، وقلة الإدراك لأسس إدارة نموذج الزواج بواقعية، هو أهم سبب لاختلال المنظومة وعدم نجاح الزيجات، والواقع يحتم علينا أن نهتم بالزواج اهتمامًا تامًا؛ فالبيت ينتج عنه صناعة البشر وبناء الأمم، فكيف لا نهتم به ونعامله معاملة الموروثات والتقاليد؟

     نحتاج لتوضيح مفاهيم ثابتة لمواجهة إعصار التحديات في الزواج، فيصير الزوجان نواة لانطلاق الأمة بحق؛ فعدم وجود هيكل واضح لإدارة الزواج يعرضه لعدم الثبات أمام العواصف والأعاصير في الحياة؛ ولهذا أقدم لكم عشر نقاط مهمة لترسيخ هيكل الزواج، الذي تحت سقفه يحيا الزوجان برسوخ وثبات:

شركة الزواج

     الزواج ليس مجرد تلبية رغبات وحب، بل شراكة بين اثنين تشتمل على الكثير من الإدارات المختلفة تحت قيادتهما سويا، شركة يتم افتتاحها بجهودهما فقط، يواجهان فيها تحديات كثيرة، كل منهما عنده مهارات وقدرات واحتياجات محددة تعينه على إدارة تلك الشركة، ووضوح الاختلاف في القدرات، والتواصل بوعي حول دور كل من الزوجين في إدارة تلك الشركة باختلاف إدارتها ومسؤولياتها يساعد كثيرًا على الابتعاد عن التوقعات التي تجعل كلاً منهما يحيا بظنون عن الآخر ليست واقعية وغير مناسبة لحقيقة شخصه وانفراده، فقط سويا يقومان بتحديد الأدوار في الإدارة بما يناسب تفرد كل منهما، فيصيرا سويا في تكامل وليس في هروب وضغط الآخر بالمسؤوليات والتوقعات الخيالية.

تحديد الغاية من الشراكة الزوجية

وضع هدف وغاية للأسرة يجتمع عليها الزوجان، كما وضحنا حتى لا تسير بهما الحياة دون تحديد لوجهتهما؛ فالهدف هو الذي يجمعهما ويثبتهما على أرض صلبة في ظل المتغيرات.

تحديد الأدوار بوضوح

     يجب الاتفاق على الأدوار التي يتم تنفيذها في البيت بوضوح تام؛ فلا يجب أن نعتمد على الأدوار المطروحة اجتماعيا دون النظر في تفرد كل منكما في استطاعته لإدارة المسؤوليات، فلا يجب الاعتماد على الصورة النمطية في الإدارة وهي أن الزوج فقط يتكسب المال، والمرأة فقط تعتني بالبيت، قد يحتاج الزوجان لتعديل هذه الصورة بما يريحهما سويا بعد بيان قدراتهما واحتياجتهما المختلفة بواقعية، وبناء هذا التصور بما يليق بهما فقط .

الرجل والمرأة يختلفان

     الرجل والمرأة يختلفان فسيولوجيا، وليس اختيارا، فبعد تحديد الأدوار بناء على اختلاف الاحتياجات، القدرات المخلتفة، نحتاج لزيادة الوعي بالقراءة في اختلاف تفكير الرجل عن المرأة حتى نستطيع التكيف مع التحديات بواقعية؛ ومما يزيد الحياة صعوبة حين يعامل كل منهما الآخر بمنظور بني جنسه فقط؛ فهي تتوقع منه أن يكون لها داعما مثل صديقتها، وهو يتوقع منها منطقية التعامل مع الأمور كصديقه الرجل!

نسف التوقعات السابقة

     يجب مسح التوقعات السابقة عن تصورنا لنهج الحياة الزوجية المستقاة من الإعلام والروايات والخيال، والنظر لواقعية الأمر، اثنان استثنائيان بكيان مستقل متفرد اجتمعا ليكونا تحت ظل سقف واحد؛ فأنتجا كيانا ثالثا مشتركا يظللهم سويا؛ (فالشراكة الزوجية) كيان مستقل بذاته وتجربة جديدة ولاسيما بوجودهما المتفرد، ولا يجب أن تستقى -أي الشراكة الزوجية- من أي تجارب سابقة سوى التعلم والوعي واكتساب الخبرات التي يجب تعديلها لتناسب هذا الانفراد؛ فيجب في مرحلة التعليم والتطبيق أن نتوقف عن التقليد والمقارنة، والاجتهاد بانتاج علاقة تناسب قدراتنا، وليس قدرات أحد سوانا؛ فنحن من نحيي تلك العلاقة وليس هؤلاء الذين نقلدهم ونتبعهم عميانا.

الإنجاب مسؤولية وليس رغبة ورفاهية!!

     نحن لا ننجب فقط لتلبية احتياجنا للسعادة بوجود أبناء من أصلابنا؛ فالإنجاب مسؤولية تستدعي الوعي بها؛ فهي مسؤولية تتطلب مرونة في الضغط على القدرات، وتتولد من التجربة جوانب أخرى لذاتك لم تدر عنها شيئا سابقا؛ فالاستعداد النفسي والعملي مهم جدًا، وعدم البناء فقط على مفاهيم متوارثة أيضا، وينبغي توفر اجتماعات دورية مع شريك الحياة لمناقشة التحديات وإدارة تلك المسؤولية المهمة.

لا تذوبا تحت ضغط الكيان االزوجي

ما يحدث للعلاقة بعد مسؤولية الإنفاق، والأطفال، أن يذوب كيانكما في كيان الزواج، فتنسيان أنكما كيانان اجتمعا سويا لإدارة العلاقة، فكيف ننسى وجودنا متكاملين؟

التغافل درب الصالحين

     كفى تركيزًا على العيوب والإكثار من تناول الضعف بشكل جلي للعيون، هلا غضضنا الطرف عن مواطن الضعف؟ فنجعل كلماتنا كلها تقديراً؛ فتسجن العين في رؤية الجميل، وستر القبيح، ولا يعني هذا ترك العيوب التي تستدعي التغيير دون إدارة، ولكن من الواجب أن يتم التعامل معها بعد بيان مواطن التميز دوما كافة؛ فيكون هناك رصيد سامح للعمل على العيوب دون الشعور بتهديد.

تعديل المسار دوريا

تعديل المسار كل فترة أمر واجب، ليناسب تغير الشخصية والاحتياجات بسبب تغير المراحل العمرية وشكل التحديات الحياتية التي تواجه كلا منهما في اللحظات المختلفة.

العدو الخفي (حائط الألم)

     احذر حائط الألم الذي يبنى بينكما دون إدراك, إن تم إهمال المشاعر والمشكلات ولحظات الصدام دون إدارة؛ فمن التفاصيل الصغيرة مايهدم العلاقات الكبيرة القوية؛ فلا تغفل عن التفاصيل، ولا تتركا بينكما لحظة صدام دون صفاء وحديث وحل، وللرجال خصيصًا، فالمرأة حين تتألم قد لا تتحدث بإيجابية، وقد يدفعها الحديث أن تتعامل بعاطفية؛ فعليك بالاحتواء والتقدير لمشاعرها مهما بدت لك تافهة، وحين تشعر بالاحتواء ستهدأ، وحين الهدوء فقط يتم الحديث لحل المشكلة عملياً ومنطقياً.

     وللمرأة، تعلمي أن الرجل حين يشعر بغضب، قد يحتاج أن يتقوقع في كهفه قليلاً حتى يهدأ الضغط، ولا يحتاج مثلك للتواصل المباشر؛ فدعي له تلك المساحة، وانتظري اللحظة المناسبة لحل الأزمة بهدوء، فلا يشرب الحساء وهو ساخن أبدا!!

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك