رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: أسامة شحادة 22 مارس، 2018 0 تعليق

المصلح مكانه (دائرة الحلول)

  

     إن وظيفة المصلح إصلاح الخلل الواقع في حياة الأمة والناس مِن خلال تقديم الحلول الصحيحة والسليمة لمشكلاتهم، وما يواجهونه مِن عقباتٍ أو صعوبات؛ حيث تتعدد أسبابها ودوافعها مِن جهلٍ أو انحرافٍ بتفريط وتضييع، أو تشدد وتنطّع، أو بسبب كيد الشيطان والأعداء.

      فالمشكلة تتفاقم حين يسجن المصلح نفسه في دائرة الشكوى والتبرم، واللوم والعتاب على ما يحصل للأمة والمسلمين مِن نكباتٍ وضعفٍ وتخلف، أو يكتفي بتوزيع الاتهامات واللوم على الآخرين، والغرق في نظرية المؤامرة دون أي جهدٍ حقيقي نحو تجاوز المشكلة والمأزق.

     والقضية الأساس هنا هي: قضية (عقلية الأزمة) و(عقلية الحل)؛ فكثيرٌ مِن الناس «يستسهل» عقلية الأزمة، وتستغرقه تفاصيلها؛ فهو لا ينفك عن الحديث عن المشكلة وتفاصيلها وأسبابها، وتاريخها وآثارها ونتائجها، وقد يكون كثير مِن ذلك غير دقيق أو غير صحيح أصلًا، لكن هذا كل ما لديه؛ تكرار اجترار الشكوى عبْر الزمن!

     وما أصدق قول إبراهيم طوقان في هؤلاء: أفـنـيـتَ يا مسكيـن عـمـرك بالتـأوه والحَـزَنْ وقعدتَ مكتوف اليدين تقول: حاربني الزمن ما لم تـقـم بالعبء أنتَ، فمَن يـقـوم به إذاً؟ كم قـلتَ: أمـراض البلاد وأنتَ مِن أمراضها بينما منهج الإسلام وسنة النبي العدنان صلى الله عليه وسلم هو التخندق في خندق الحلول، والمبادرة لحل المشكلات، وهذا ما تعلمه الصحابة الكرام مِن مدرسة النبوة؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم بادر لطرح منهج المؤاخاة بيْن المهاجرين والأنصار، لعلاج المشكلة الاجتماعية للمهاجرين، وحين تعرضت المدينة لهجوم الأحزاب؛ فكر النبي صلى الله عليه وسلم بتحييد اليهود عن التحالف مع الأحزاب بمقابلٍ مادي، وهكذا في أمثلةٍ كثيرة. وفي زمن الصحابة والخلفاء الراشدين: رأينا كيف سارعوا لعلاج مشكلة قتل قراء القرآن وحفظه بجمع مصحفٍ كامل عند الخليفة الصديق، ومِن ثَمَّ في زمن عثمان ذي النورين تم تدوين المصحف في مصاحف، وتوزيعها على الأمصار بإشراف لجنةٍ علمية موثوقة.

وكيف عالج (الفاروق) مشكلة الأراضي المفتوحة بمنع توزيعها وتوزيع ثمرتها وخراجها على المسلمين؛ حتى تكون ذخرًا للأجيال القادمة، وعشرات الأمثلة التي لا مجال لسردها هنا.

ولا يشترط في المصلح أن يعالِج مشكلة كبيرة، لكن المهم أن يكون في (مربع حل المشكلات) التي تواجهه في بيئته التي له فيها تأثير.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك