رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 12 مارس، 2018 0 تعليق

المشاركون في ندوة مركز ابن خلدون للدراسات الاستراتيجية – جَعْل القدس عاصمة للكيان الصهيوني لايغير هويتها العربية والإسلامية

الْقُدْسُ عَرَبِيَّةٌ إِسْلَامِيَّةٌ وَسَتَظَلُّ إِنْ شَاءَ اللهُ -تَعَالَى- كذلك، وقد دلَّ على ذلك دلائل كثيرة من القرآن الكريم والسنة النبوية، قال -تعالى-: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ}(الإسراء: 1)، وعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى إلَى بَيْتِ المَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا»، وَعَنْ أَنَسٍرضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم : «كَانَ يُصَلِّي نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَنَزَلَتْ: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}(البقرة: 144).

   

     من هنا كان الهدف من ورشة العمل التي عقدها مركز ابن خلدون للدراسات الإستراتيجية يوم الأحد 4 مارس 2018 لترسيخ هذا المفهوم، وتأصيله في قلوب المسلمين، وبيان سبل مقاومة الهجمة الشرسة لتهويد المسجد الأقصى وإبعاد المسلمين عنه بين النظريَّةِ والتَّطبيقِ، وقد استضاف المركز ثُلَّة من الأساتذة المتخصصين والمهتمين بالشأن الفلسطيني؛ حيث استضاف المركز من الكويت أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت أ.د. عبد الله الشايجي، ومن تركيا استضاف الكاتب والمفكر التركي مصطفى أوزجان، ورئيس مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية، جهاد العايش، ومن مصر استضاف المفكر والباحث، د. أحمد خليل خيرالله.

 التهاون في تهويد القدس

      وقد حذر د. عبد الله الشايجي الأستاذ بجامعة الكويت، من أن الخطر الحقيقي يكمن في التهاون مع تهويد القدس، داعيًا إلى ضرورة غرس القضية الفلسطينية في الأجيال على أنها قضية عربية إسلامية في المقام الأول، وأشار الشايجي إلى أن المناهج التي تدرس في الدول العربية باتت تؤصل لفكرة أن القدس قضية فلسطينية فقط.

وعن قرار نقل السفارة قال الشايجي: إن هذا القرار قرار غير شرعي وغير قانوني؛ لأن القدس مدينة محتلة من قبل الكيان الصهيوني، وأن هذا القرار هدم لعملية السلام وتقويض لها والقضاء عليها ودفع المنطقة إلى الاشتعال.

 المواقف العربية والإسلامية

     وتحدث المفكر التركي مصطفى أوزجان؛ حيث وضع مشكلة بيت المقدس في السياق الشرعي والتاريخي، وأن سقوط الدولة العثمانية بوصفها دولة إسلامية ساهم مباشرة في ضياع فلسطين والاستيلاء على بيت المقدس، كما أن تراجع المواقف العربية والإسلامية تجاه قضية المسلمين الأولى أيضا ساهم في الاندفاع نحو اعتبار القدس الإسلامية عاصمة للدولة اليهودية، وأكد أن هناك نكبات عدة تعاقبت بعضها بعضًا في تاريخ الشرق الأوسط الحديث كان أهمها: سقوط الدولة العثمانية، قيام الكيان الصهيوني. ثم أشار أوزجان إلى أن معالم مشروع القدس أبعد وأشمل مما يتصور وليس فقط موضوع القدس أو اعتبارها عاصمة للكيان الصهيوني.

سنن الله لاتتبدل

     من جهته تحدث رئيس مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية جهاد العايش في ورقته التي عنونها بـ (قرارُ اعتبار القدسِ عاصمةً لِما يُسمَّى بإسرائيل  بين النظرية والتطبيق)، قائلاً: إنَّ سننَ اللهِ الكونيَّةَ والشرعيَّةَ لا تتبدَّلُ ولا تتغيَّرُ، والدُّولُ في أطوارِها كمراحلِ نموِّ الإنسانِ في حياتِه يُولدُ رضيعًا ضعيفًا، ثمَّ ينشأُ فتى يافعًا، ثمَّ شابًّا قويًّا، ثم رجلًا مكتملًا، ثمَّ كهلًا يبدأُ في الهرمِ حتى يموتَ، وكذا الدُّولُ في نشأتِها عدا ما يُسمَّى (بدولةِ إسرائيلَ)؛ فقدْ شذَّت عن الأطوارِ الطبيعيَّةِ في نُمُوِّها، وقدْ جاءَ إعلانُ اعتبارِ (القدس عاصمة لإسرائيل) بوصفها مرحلةٍ مِنْ مراحلِ فرضِ الواقعِ غيْر المُنْسَجِمِ مع محيطِه أو سياقِه.

نقاط جوهرية

ثم عدَّدَ العايش مجموعة من النقاط الجوهرية للتعامل مع الأزمة وهي:

حربٍ على الثقافة

     إنَّ قرار نقل السفارة يُمثِّلُ إعلانَ حربٍ على الثَّقافةِ في فلسطينَ، وهو بهذا القرارِ يتجاوزُ التَّاريخَ والجُغرافيا والديموغرافيا، ثم أكد أن القارئَ للتَّاريخِ اليهودي عبر الأزمان يُدركُ تمامَ الإدراكِ أنَّه ليس لليهودِ دولةٌ، ولم تكن لهم عاصمة عبر التَّاريخِ، خلا مملكةِ داودَ وسليمانَ -ابنه، ووريثه في الملكِ-، كما يصلُ القارئُ الحاذق للتَّاريخِ لنتيجةٍ مُهمَّةٍ مُؤدَّاها أنَّه لم يُكتب لتلك المملكةِ البقاءَ إلا قُرابة الثَّمانين عامًا، وسقطت مملكتُهم لفسادٍ سَرَى في عقائدَ وأخلاقِ بني إسرائيلَ بعد موتِ سليمانَ -عليه السلام- بعد أن غيَّروا وبدَّلوا ما كانوا عليه مِنْ صلاحٍ و اتباعٍ لهدْيِ الأنبياءِ.

 

 الخيارات العملية

     جاءت الورقة التي ألقاها د. أحمد خليل خير الله بمثابة وصفه علاج طويل المدى للقضية الفلسطينية، وقد بين خير الله أن الأزمة الفلسطينية بدأت منذ ما تم الاصطلاح عليه بوعد بلفور - وهو الاسم الشائع المطلق على الرسالة التي أرسلها آرثر جيمس بلفور بتاريخ 2 نوفمبر 1917 إلى اللورد ليونيل وولتر دي روتشيلد يشير فيها إلى تأييد الحكومة البريطانية لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.

     ومن ذلك التاريخ تعاني الأمة العربية والإسلامية ويلات آثار زرع الكيان الصهيوني في جسد المنطقة والعالم العربي والإسلامي؛ فلقد توالت الأزمات والجراح منذ ذلك الوعد وما تم تنفيذه على الأرض تحقيقا لهذا الوعد من ترحيل وإعادة توطين اليهود من جميع أقطار العالم وفي فلسطين مرورًا باللحظات الفاصلة من تاريخ الصراع كحرب عام 1948 ثم الاجتياح والاحتلال الصهيوني للأراضي العربية والإسلامية عام 1967، وما يتم يوميا من خطوات ومحاولات مستمرة مستميتة لتغيير الأوضاع علي الأرض عمرانيا وديموغرافيًا جنبًا إلي جنب مع المحاولات السياسية المستمرة من أجل تغييب الحق في فلسطين وفي القلب منها القدس.

أهم المعضلات والمعوقات

     ثم أكد خير الله على أن أهم معضلات ومعوقات التعامل مع القضية هو صياغتها في إطار أن الصراع على (القدس) مجرد صراع على قطعة من الأرض، كما يحاول بعض الساعين إلى تفريغ الصراع من مضمونه أن يصوروا لنا! ولكن حقيقة القضية أن (القدس) عنوان لصراع عقدي وتاريخي طويل بين أمة الإسلام وبين اليهود، وقد أدركت إسرائيل منذ اللحظة الأولى حقيقة هذا الصراع فعملت على تنفيذ خطط طويلة الأمد؛ من أجل تهيئة الظروف الفكرية والسياسية لحسم الموقف لصالحها؛ فأحد أهم أسباب الإخفاقات المتتالية في إدارة القضية والصراع هو تراجع أساليب تناول وإدارة القضية من الناحية الإسلامية باعتبارها حقـا إسلاميا خالصًا، وليس شأنا سياسيا قابلاً للتأطير أو التجزئة؛ حيث أصبح الكثيرون يعدون قضية القدس قضية عربية تخص العرب وحدهم، ومع حرص الأعداء على مزيد من التشرذم، ودق أسافين الشقاق بين الفلسطينيين أنفسهم - تبدو القضية كما لو كانت قضية جماعة أو حركة أو منظمة داخل فلسطين فقط.

المسارات العملية لنصرة القضية الفلسطينية

     وفي إطار المسارات العملية لنصرة القضية الفلسطينية قال خير الله: الصراع على القدس ليس مجرد صراع على قطعة من الأرض، كما يحاول بعض الساعين إلى تفريغ الصراع من مضمونه، ولكن (القدس) عنوان لصراع عقدي وتاريخي طويل بين أمة الإسلام وبين اليهود، وقد أدرك الكيان المحتل منذ اللحظة الأولى حقيقة هذا الصراع؛ فعمل على تنفيذ خطط طويلة الأمد من أجل تهيئة الظروف الفكرية والسياسية لحسم الموقف لصالحه.

      لذا فمن الواجب علينا لنصرة القضية يجب العمل على إعادة إحياء الاهتمام و نصرة القضية الفلسطينية و في القلب منها القدس وهو الأمر الذي يستلزم العمل على المستويات والاتجاهات كافة من خلال إعادة بث روح الجهاد في الأمة الإسلامية والعربية بمفهومه العام والأشمل في مختلف المسارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية،  وشحذ الطاقات للتصدي للمشاريع والمخططات الصهيونية والغربية الداعمة لها.

     وفي ختام كلمته أكد خير الله على أنه في ظل حالة الضعف والاضطرابات التي تعيشها الأمة الإسلامية والمنطقة العربية، أصبح من الواجب علينا توجيه المزيد من الدعم والنصرة للقضية الفلسطينية والقدس حتى لا تتعرض إلي مزيد من الانتكاسات في ظل التحالف الصهيوني – الأمريكي  وتحركاتهم الحالية للإجهاز عليها؛ وبناء علي ذلك يلزم صياغة إستراتيجية متكاملة للتعامل مع القضية في مختلف المحاور والقطاعات والمجالات سواء السياسية (الدبلوماسية الرسمية والشعبية و الإقليمية) أم الاقتصادية أم المجتمعية أم الثقافية مستغلين الإمكانات المتاحة كافة من أجل تحقيق النصرة بنظام متكامل.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك