رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: أسامة شحادة 31 يناير، 2019 0 تعليق

المسلم المعاصر ودوائر الصراع والوعي المطلوب تجاهها

قال الله -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ الله فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ}(الأنفال:36)، يواجه المسلم والإسلام اليوم عددًا كبيرًا من الصراعات والتحديات على مستويات متعددة، ومن جهات مختلفة ومتناقضة، والوقوف على حقيقة ما في أنفس أعداء الإسلام من حقد أعمى أمر مخيف، ولاسيما أن هؤلاء لا يتورعون عن سلوك أي سبيل من أجل تحقيق مآربهم .

ويمكن أن نجمل دوائر الصراع التي تواجه المسلمين اليوم في ثلاثة مستويات رئيسة هي:

الصراع الوجودي

     المستوى الأول هو مستوى الصراع الوجودي مع الإسلام والمسلمين، الذي يستهدف القضاء على الإسلام والمسلمين قضاء تامًا، ويتمثل ذلك في الجهود الإلحادية المنظمة الفردية والجماعية التي تستهدف نزع الإيمان من قلوب المسلمين وعقولهم، إما عبر وسائل التواصل الحديثة، أو الإعلام والدراما والروايات، أو عبر سياسات الإكراه، أو عبر سياسات الإبادة، أو عبر حملات التنصير لفقراء المسلمين ومرضاهم في دول أفريقيا وآسيا.

الوعي المطلوب

     والوعي المطلوب تجاه هذا المستوى من الصراع يكون بتشخيص هوية الفاعلين وإعلانهم أعداء صرحاء وعدم الانخداع والاغترار بأي مسوغات تساق لتسويغ جرائمهم الإرهابية وسياساتهم العدوانية، والمطالبة بمحاكمتهم ومعاقبتهم بمقتضى القوانين والمواثيق الدولية، وعدم السماح لجرائمهم بأن يطويها النسيان، أو أن يستمروا بها دون خشية من موقف، أو عقاب، أو مقاطعة جادة تقطع عدوانهم.

الصراع مع الإسلام

     المستوى الثاني هو مستوى الصراع مع الإسلام من داخله لحرفه عن مساره وتطويعه لمآرب وتوجهات خارجة عنه، ويتمثل هذا بأشكال عدة، من أبرزها محاولة تيارات الغلو والتطرف، خطف قيادة الإسلام والمسلمين عبر التكفير، والتفجير للعلماء والمصلحين وعامة المسلمين، وهدم دولهم وبلدانهم القائمة، أو عبر الجهود الباطنية التي تسخر لها عشرات المنابر الإعلامية، التي تطعن في مقدسات المسلمين، كزعم تحريف القرآن الكريم ، وردّة وكفر غالب الصحابة -رضوان الله عليهم-، ونشر كل أشكال الشرك والوثنية، أو عبر الفرق الضالة الخارجة عن الإسلام، التي تتظاهر بالإسلام، كالقاديانية التي لا تؤمن بختم النبوة بنبينا محمد -عليه الصلاة والسلام- وتزعم أن زعيمها القادياني نبي أيضاً! ومن فرق الضلال التي تحارب الإسلام من داخله طائفة القرآنيين التي تنكر السنة النبوية؛ مما يهدم الكثير من أصول الإيمان والإسلام.

أبرز من يصارع الإسلام

     ومن أبرز من يصارع الإسلام من داخله جهود العلمانيين والحداثيين والملاحدة الذين يرفعون شعارات تطوير الخطاب الديني، ويدعون للاجتهاد والتحديث في الإسلام، برغم أن حقيقة دعواهم دعوة لتحريف أصول الدين والطعن في القرآن الكريم والسنة النبوية بحجج وذرائع شتى، ولعل ما عرضته كثير من القنوات لنماذج من الفتاوى لهذه الشرذمة التي أباحت الزنا، والخمر، والربا، والكفر، وهوّنت من كل أركان الإسلام ما يؤكد نيتهم حرف الإسلام عن مساره وهدايته.

الوعي المطلوب

     والوعي المطلوب تجاه هذا الصراع الوعي وتعلم أسس الإسلام وأصوله التي اتفق عليه الصدر الأول من المسلمين وعصور السلف الصالح من الصحابة والتابعين، وهو ما تشارك به الأئمة الأربعة وبقية أئمة المسلمين في بناء مذاهبهم عليها، ومن ثم الحذر من كل دعوة واتجاه وتيار يخالف هذه الأسس والأصول الواضحة والمتفق عليها، وعلى العلماء والدعاة والخطباء تحذير المسلمين من هذه الدعاوى الباطلة مهما تزينت بشعارات الجهاد وتحكيم الشريعة وحب آل البيت أو تعظيم القرآن أو تجديد الإسلام.

الصراع المفتت للمكونات الإسلامية

     المستوى الثالث هو مستوى التنافس والصراع الضار والمفتت بين المكونات الإسلامية، وهو -مع الأسف- مستوى واسع جداً من الصراعات في داخل المكون الواحد نفسه، كالصراعات الداخلية في المذاهب الفقهية، والطرق الصوفية، والجماعات الإسلامية، أو بين هذه المكونات، كالصراع بين الجماعات الإسلامية، أو الصراع بين كثير من السلطات الرسمية وجماعات المعارضة الإسلامية، -مع الأسف- أن المكونات جميعها في هذا المستوى من الصراع يتورط في التناقض والظلم؛ فيعيب على خصمه ما يمارسه هو في مكان وزمان آخرين، ويكيل بمكيالين، وهذا ملف مليء بالتفاصيل السيئة للجميع. 

الوعي المطلوب

والوعي المطلوب تجاه هذا المستوى من الصراع هو تطبيق الأمر النبوي الكريم: «انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً»، قالوا: يا رسول الله هذا ننصره مظلوماً فكيف ننصره ظالماً؟ قال: «تأخذ فوق يديه» رواه البخاري.

     فجميع المكونات الإسلامية لها حق الحب والتقدير والولاء والنصيحة، ويقبل منها الحق، ويرفض وينكر الباطل والظلم الذي جاءت به، والحق لا ينحصر كله في مكون واحد، بل تتفاوت هذه المكونات في قربها وبعدها من الحق، ولكن لا تخلو من خير وحق تستحق معه حقوق الإسلام، والمسلم الموفق هو من يعرف الحق ويدور معه دون عصبية أو حزبية.

إذاً وعي المسلم بدوائر الصراع التي يجابهها الإسلام والمسلمين اليوم؛ ينشله من دوامة التيه بالانحراف أو العصبية التي يغرق فيها بعضهم.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك