رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: أبو عاصم البركاتي المصري 21 أبريل، 2014 0 تعليق

المسلمون في مالاوي في مواجهة غوائل التنـصير


من وسائل التنصير في مالاوي وهو أهمها السيطرة على التعليم؛ حيث شوهوا تاريخ العرب والمسلمين، وبثوا المعلومات الكاذبة على الإسلام

 

توجد في مالاوي كنائس لطوائف مسيحية شتى، أشهرها وأكبرها وأوسعها انتشارا  كنيسة الروم الكاثوليك، وهي تابعة للفاتيكان تلك الدولة الصغيرة الواقعة في أحشاء إيطاليا كما هو معروف، كما توجد الطائفة البروتستانتية بكنائسها وغير ذلك من الطوائف النصرانية التي تريد أن تبتلع الشعب المالاوي ولاسيما المسلمين على وجه التحديد، وإذا عدنا إلى الوراء لنلقي نظرة تاريخية إلى شعب انياسالاند- مالاوي الحالية- نجد أن مالاوي احتلت من البريطانيين 1891 م، ولكن يحكي بعض الناس عن إرساليات برتغالية جاءت قبل مجيء البريطانيين، ودأب البرتغاليون الذين احتلوا موزمبيق المجاورة لمالاوي من الشرق على التمكين للنصرانية، في شعب 70 % منه مسلمون في ذاك الزمان، فتنصر الكثير من الناس بفعل السلاح، وحول الكثير من المساجد إلى كنائس، ومما يحكى أن بلدة فاطيما (فاطمة) التابعة لموسنجاني تحول اسم مسجد فاطيما بها إلى كنيسة (فاطيما مشون) وهي موجودة حتى الآن.

ثم تلا هذا التنصير من جهة البرتغاليين مجيء البريطانيين بحثًا عن الأخشاب والثروات، وكان أول مستكشف للحكومة البريطانية رجل يدعى (ديفيد ليفين أستون)، فوجدها أرضًا يكثر فيها الأشجار اللازمة لهم، فكتب إلى حكومته مطالبًا بالقوة العسكرية لأنها أرض يهيمن عليها المسلمون.

     وبالفعل احتلت مالاوي وعين ديفيد لفين استون قائدا لها، وبدأ في استخدام القوة المفرطة مع المسلمين لا سيما من الدعاة العرب، وحصلت مواجهات قُتل على إثرها الكثير من المسلمين، ولاذ بالهروب الكثير منهم، ومن هؤلاء الذين واجهوا الإنجليز سليم بن عبد الله رئيس كوتاكوتا، وقُتِل ابن أخيه في هذه المواجهات مع من قتلوا.

     ثم عمل الإنجليز على تنصير الوثنيين من الأفارقة وعلى تنصير المسلمين بكل قوة، واستخدموا في ذلك كل الوسائل، فأقاموا الكنائس، واستدعوا الوفود من القساوسة والرهبان والراهبات، وإلى الآن والإرساليات التنصيرية من قلب أوروبا وأمريكا تتوافد على قرى مالاوي للتنصير وبث الأكاذيب على الإسلام والمسلمين، ولقد رأيت بعيني فتيان وفتيات من ذوي اللون الأبيض الأوروبي يطوفون في القرى الفقيرة مع الراهبات المالاويات بزيهن المعروف لتنصير الناس ودعوة من لا دين لهم للنصرانية، بل حدثني أحد المسلمين أن هؤلاء المنصرين يتحركون بعد الدعاة العرب من المسلمين الذين أتوا للدعوة للإسلام عن طريق الشيخ المفضال وحيد بالي -حفظه الله- ذلك لصد الناس عن الإسلام وإعادة من يسلم منهم للنصرانية، وقد تأكدت من ذلك بنفسي من الناس؛ حيث دخل وفد أمريكي - جاء للتنصير- قرية كانت أسلمت مع الدعاة من (جمعية آفاق المستقبل)، لإعادتهم للنصرانية ويستخدمون في ذلك أموالهم وآلات العزف والرقص والموسيقى، فكان أن قام ملك القرية فأوقف المدرسة الإسلامية التي أنشأتها (جمعية آفاق المستقبل) وطرد المدرس المسلم.

     ومن وسائل التنصير في مالاوي وهو أهمها السيطرة على التعليم، فأول من أنشأ المدارس الحكومية في القديم هم الأوربيون وهم من وضعوا المناهج لها، ففرضوا لغتهم (الإنجليزية) على التعليم، وشوهوا تاريخ العرب والمسلمين، وبثوا المعلومات الكاذبة على الإسلام، وفرضوا مادة علوم الإنجيل على المدارس وهي مادة إلزامية حتى اليوم في المراحل الأولى من التعليم ثم اختيارية بعد ذلك في المرحلة الثانوية، بل منعوا غير النصارى من دخول مدارس الحكومة، فالمسلم إذا أراد أن يلتحق بالمدارس فلابد أن يتنصر حتى يحق له التعلم، إلا أن هذا تغير بعد الاستقلال بسنوات وصار يحق للمسلمين دخول مدارس الحكومة، ولكن يدرس ملزمًا ما فيها من مناهج تنصيرية، وهذا كان له الدور الأكبر في عزوف المسلمين عن إلحاق أولادهم في هذه المدارس، خوفا عليهم من الردة أو زعزعة عقائدهم؛ مما أدى إلى ضعف المسلمين في الجانب التعليمي والثقافي ثم في الجانب الوظيفي في مناصب الدولة.

وهناك أمر جدير بالذكر وهو أن الكثير من المدارس أنشأتها الكنائس المختلفة وبيدها إدارتها، والمسلمون قليلو الحيلة في هذا الباب، اللهم إلا القليل النادر من المدارس التي أنشأها المسلمون من الجالية الهندية.

     وعليه فعلى المسلمين في العالم أجمع مد يد العون لإخوانهم من مسلمي مالاوي لإنشاء مدارس حكومية تكون إدارتها بأيدي المسلمين، ويتعلم فيها أبناء المسلمين وغيرهم، حفاظًا عليهم من غوائل المدارس التنصيرية التي يشرف عليها الأوربيون وأعوانهم، ولاسيما والقانون المالاوي يتيح لمن ينشئ مدرسة حكومية أن يتولى إدارتها، بل ووضع بعض المناهج فيها.

     ولا ننسى الدور الفعال لدور الحضانات، فهي محاضن للتنصير بأسهل طريق؛ حيث يحرص النصارى على بناء دُورٍ لحضانات الأطفال من اليتامى واللقطاء وأبناء الفقراء الذين يتركهم ذووهم، فينشأ الطفل منذ صغره في حضانة الراهبات النصرانيات، وعلى اعتقاد النصرانية، وللعلم فيهم من أبناء المسلمين، وينشأ ويتدرج في مراحل التعليم وهو تحت هذه الرعاية اللازمة من المسكن والملبس والمطعم، وقد حكى لي بعض الدعاة الذين قدموا مالاوي للدعوة للإسلام أنه حاول دخول إحدى دور الحضانة للدعوة، فمنعه الحارس واستدعى رئيسة الدار وهي سيدة أمريكية، فلما جاءت وعرفت مراد الشيخ، قالت له: أنا أنفق عليهم لأعلمهم النصرانية، وتأتي أنت في خمس دقائق لتدخلهم الإسلام، ولم تسمح له بذلك.

     وهناك الأثر الفعال للجامعات العامة، فالمسلمون ليس لهم أثر في هذا الباب في الوقت الذي نجد فيه الجامعات الكاثوليكية مثل (جامعة مزوزو)، فهي جامعة عصرية أنشأها النصارى الكاثوليك، فالمسلمون فقراء في هذا الباب على مستوى الإنشاءات وعلى مستوى الأساتذة الجامعيين، وعليه فمناهج التاريخ الإسلامي ومناهج مقارنة الأديان ونحو هذا تجد فيها الحيف وعدم إنصاف الإسلام والمسلمين  فضلًا عن التشويه والافتراء؛ لأن المادة بيد غير المنصفين من غير المسلمين.

     وعليه فالتعليم في كل مراحله مادة مهمة وسياسة جديرة بالدراسة للحفاظ على المسلمين ولدعوة غير المسلمين، ولك أن تعلم أخي المسلم أنه من سياسة بعض المدارس التي يشرف النصارى على إدارتها منع الطلاب المسلمين من الذهاب للمدارس الإسلامية بعد انتهاء اليوم الدراسي الحكومي وذلك بمد اليوم الدراسي حتى قرب المغرب وحلول الظلام، حتى يحرم أولاد المسلمين من الذهاب لمدرسة المسجد (الكتاتيب)؛ مما أثار حفيظة المسلمين، ولكن ليس لهم حيلة.

وأختم بذكر شيء غير مستغرب في مالاوي وهو زواج المسلمات برجال النصارى، مع حصول زواج رجال المسلمين من نساء النصارى، ومعلوم أن الإسلام لا يمنع زواج المسلم بالنصرانية، ولكن {وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ}  (البقرة: 221).

وهذا راجع لأسباب كالجهل بأحكام الإسلام، فالكثير من المسلمين يجهل أن الإسلام يحرم زواج المسلمة بغير المسلم، وأيضا التساهل وعدم الاكتراث، منها أم من وليها، وبعضهن تتنصر وتتابع زوجها على النصرانية وقد رأيت من ذلك كثيرًا.

ثم خطورة زواج المسلم بالنصرانية يتلخص في أن الولد يتبع أمه على دينها، فهذا عرف أهل مالاوي، أن الولد يدين بدين الأم وليس الأب، وعليه فالمسلم ينجب ويزيد في عدد النصارى وليس المسلمين.

وعليه فتعليم المسلمين وتثقيفهم في مالاوي ضرورة وحتمية ملحة، ولا تكفي تلك الجهود القليلة من بعض الجمعيات والمؤسسات؛ لأن العمل كبير والعمال قليل، حفظ الله الإسلام وأهله والله من وراء القصد.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك