رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: محمد حسن إبراهيم 13 أبريل، 2015 0 تعليق

المسلمون في كينيا بين نار الإرهاب.. ونار الاتهام!

برزت حركة الشباب المجاهدين الصومالية بوصفها جزءاً من ظاهرة المحاكم الإسلامية في الصومال التي كانت تجمع في وقتها أطيافا من الحركات والتوجهات التي كانت تتفق في أشياء قليلة، وتختلف في جلّ القضايا الفكرية والسياسة، فكانو متفقين في محاربة الحكومة الصومالية التي أسست في قرية (امبجاثي) من ضواحي نيروبي ومناهضة زعماء الحرب المدعومين أمريكيا، ولمنازلة الحكومة الإيثوبية التي شمرت عن ساعدها لوأد تجربة المحاكم.

     وكان أعضاء المحاكم يختلفون في تكوين الحكومة التى يريدون أن يقيموها وحدود دولتهم المثالية ورؤيتهم عن الشعب الصومالي وحكومته المبتغى تأسيسها وعن الشعوب والدول الأخرى والتعامل معها،والأهداف التى يخوضون من أجلها الحرب ومن باب أولى وسائلها وآلياتها إلخ.

      وكانت حركة الشباب أكثر المجموعات غلوا؛ بحيث كانت تختار من المواقف أبعدها واقعية وأكثرها تطرفا لانها كانت تدعو الشباب حربا عالمية على الصليبيين وسائر الكفرة والمشركين، وتحتقر سائر الفئات والمجموعات الجهادية الآخرى وقامت بإنهائهم من الوجود فيما بعد؛ مما جعل معركتها معركة مفتوحة مع أعدائها تواجههم وحيدة كما أرادت، وتحالفت ضدها الدول الكبيرة والصغيرة والبعيدة والقريبة، وتدفقت قوات من غرب إفريقيا ومن شرقها على الصومال لمحاربة الإرهاب الذي أطل برأسه من القرن الإفريقي وتعاهدوا على كسر قرن الشيطان وتولى قيادة التحالف -على حد زعمها- زعيمة العالم الحر أمريكا بطائراتها المتطورة وصواريخها الذكية! والحرب بين الفريقين مستمرة، وبشائر النصر تتوالى من وجهة نظر الحركة، وتحقق الحرب على الإرهاب تقدماملموسا من وجهة نظر الحلفاء في الصومال.

مجازر حركة الشباب في كينيا ودلالاتها..

     نفذت حركة الشباب المجاهدين الصومالية في مطلع شهر ديسمبر كانون الأول مجزرتين كبيرتين في إقليم مندير الحدودية بين كينيا والصومال راح ضحيتها بضع وستون من غير المسلمين الذين يعملون في هذه المنطقة موظفين حكوميين وعمالا في حادثتين منفصلتين، كانت الأخيرة في منجم يستخرج منه أحجار البناء أما الحادث الأول فكان في نقطة تفتيش وهمية وضعتها الحركة لحافلة متجهة إلى العاصمة نيروبي.

مجزرة جامعة قارسا

     ثمّ كان الهجوم الدامي الذي استهدف جامعة (قاريسا) في 2 أبريل وكان أكبر مجزرة عاشتها كينيا في تاريخها، الذي راح ضحيته زهاء 150 طالبا وطالبة وأساتذة جامعة قاريسا -في شمال الشرق الكيني؛ حيث الغالبية من المسلمين –  وأغلب الضحايا مسيحيون.

      واستهدفت الحركة ضحاياها بسبب معتقداتهم الدينية لا لانتمائهم السياسي وقتلتهم جميعا بعد أن تأكدت أنهم غير مسلمين وأبقت حياة من تعرفت أنه مسلم من المسافرين أو العمال في مجزرة منديرا تحديدا وادعوا في تصريحهم عن المجزرة الأخيرة في قارسا بأنهم أبقو حياة المسلمين وقتلوا المسيحيين.وهذا التصريح ينبئ عن مقصد ونوايا الحركة الذي لا ينطلي على متابع وهي تقسيم المجتمع الكيني دينيا، وإلا فما تفسيرنا لقتلها المسلمين في فنادق مقدشو وعملياتها التي لا يموت فيها إلا المسلمون من الشعب الصوماليّ؟

     وهذه المجازر لها دلالاتها التي ينبغي أن نقف عندها قليلا،كما يجب أن نمعن النظر في انعكاساتها السلبية وتأثيرها السيئ على كينيا عموما وعلى مسلميها خصوصا علما بأنّ هذه العمليات التي تنفذها الحركة ضد كينيا والكينيين ما هي إلا جزء من سلسلة نفذتها الحركة في مناطق المسلمين في (لامو) و(ممباسا) في الساحل ووجير في الشمال الشرقي وتخللتها سلسلة تفجيرات نفذتها في أحياء مختلفة من نيروبي من بينها عملية كبيرة استهدفت مركز (ويست غيت) التجاري في نيروبي قبل عام مات فيها العشرات من المواطنين الكينيين منهم عدد من المسلمين.

     ولكن تختلف المجازر الأخيرة عن العمليات السابقة للحركة؛ حيث استهداف غير المسلم وقتله والفخر بهذا العمل في وسائل الإعلام العالمية والمحلية، وتلك هي قاصمة الظهر لمجتمع متعدد الأديان والأعراق؛ بحيث ينتمي إلى الإسلام قوميات معروفة بملامحها المتميزة وبمناطق محددة بينما الغالبية من الكينيين ليسوا بمسلمين فهم إما مسيحيون أو وثنيون.

     وهدف الحركة من هذه الأعمال هو جرّ الشعب الكيني إلى أتون حرب دينية ليطيل ذلك عمر الحركة لتهبّ لنصرة الشعب المسلم في كينيا الذي يتعرض لحرب صليبية من قبل نصارى كينيا! وتكسب بذلك أنصارا وأتباعا ممن اكتووا بالحريق الذي أشعلته الحركة.

     ومن جانب آخر المسلمون يواجهون نتائج العمليات التي تنفذها حركة لا تمثلهم ولا يرون رؤيتها في التغيير بل هم أكثر ضحايامغامراتها وسياساتها غير العقلانية وغير القابلة للتنفيذ عمليا، تلك العمليات التي تستهدف المدنيين من الطلاب في الجامعات أو المسافرين في مناطق المسلمين، وتترك المسلمين لحاجة في نفس الشباب وهذه السياسة المدمرة أدخلت المسلمين في قفص الاتهام شعبيا ورسميا؛ بحيث أرادت الحركة اختيار تنفيذ عملياتها في مناطق المسلمين للإيحاء بدعم المسلمين لها، وخلقت لهم أعداء جدداً من الكينيين البسطاء، علما بأنّ هناك جهات تضمر الحقد على الاسلام والمسلمين ويصطادون في الماء العكر، ويلصقون كل كبيرة وصغيرة بالدين الإسلامي الحنيف وبأتباعه حتى وإن رفع المسلمون عقيرتهم وأسمعوا العالم صوتهم بوضوح وتبرؤوا من هذه العمليات البربرية التي لا تمت للإسلام بصلة.

     ولم يراع هؤلاء الغيورون – على حد زعمهم- أنّ المسلمين في كينيا أقلية منتشرة في أغلب المناطق الكينية ولهم مساجدهم ومراكزهم الإسلامية فيها؛ بحيث لا يستطيعون الاحتفاظ بإنجازاتهم التي حققوها إذا نجحت الفتنة التي تريدحركة الشباب إشعالها وتورط المسلمون بحرب ليسوا مستعدين لها بل تفرض عليهم من الحركة التي تخطط للفشل.

 

هيئة علماء الصومال تستنكر الهجوم الوحشي على جامعة قاريسا

      استنكرت هيئة علماء الصومال في بيان لها الهجوم الوحشي الذي تعرضت له جامعة غاريسا الكينية واصفة إياه بالعمل البربري مؤكدة أنه لا يمت إلى الإسلام بصلة ولا بأخلاق المسلمين وعادات الشعب الصومالي المسلم الأصيلة، وأشارت الهيئة إلى أن الهدف من هذا الفعل هو إشعال حرب أهلية بين المسلمين والمسيحيين في كينيا؛ محذرة من الوقوع في هذا الفخ، ودعت الجميع إلى الحفاظ على التعايش السلمي، كما أعربت الهيئة عن أملها بألا تؤثر هذه الأعمال الشنيعة على سياسة التعامل مع الجالية واللاجئين الصوماليين، الذين هم أنفسهم من ضحايا الحروب والإرهاب، وجاء البيان على النحو الآتي:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن والاه.

إن هيئة علماء الصومال، وأداء لرسالتها في بيان الحق ونصح الأمة تصدر البيان التالي حول الهجوم الوحشي الذي تعرضت له جامعة قاريسا في شمال شرق كينيا:

1- إن الهيئة تقدم التعزية في هذه المصيبة إلى كينيا حكومة وشعبا ولا سيما الذين تضرروا مباشرة من ذلك الهجوم البشع، وترجو للمصابين جميعا الشفاء العاجل.

2- إن الهيئة، وبصفتها مرجعية شرعية، تدين وتستنكر بشدة ذلك الهجوم، وتؤكد للجميع أنه عمل بربري لا صلة له بالإسلام ولا بأخلاق المسلمين ولا بالعادات الأصيلة للشعب الصومالي.

3- ترى الهيئة أن الهدف من وراء ذلك هو إشعال نار الفتنة والحرب الأهلية بين المسلمين والمسيحيين في كينيا، وتحذر الهيئة من الوقوع في هذا الفخ، وتدعو الجميع إلى الحفاظ على التعايش السلمي بين فئات المجتمع.

4- إن هذه الأعمال الإرهابية لا تنتمي إلى دين ولا إلى وطن معين، ولا تستثني أحدا من إجرامها؛ لذا ينبغي الحذر من سياسة التصنيف التي قد توفر لهم بعض الملجأ أو تمدهم بالبقاء.

5- إن الهيئة ترجو من مسؤولي الدولة الكينية ألا تؤثر تلك الأعمال على سياستهم في التعامل مع الجالية واللاجئين الصوماليين، الذين هم أنفسهم من ضحايا الحروب والإرهاب.

6- تدعو الهيئة القيادات السياسية والدينية والشعبية في كلا البلدين إلى التعاون في سبيل تقوية التعايش السلمي بين شعوب المنطقة ورعاية المصالح العامة للجميع.     وبالله التوفيق

هيئة علماء الصومال - مقديشو 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك