رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 7 نوفمبر، 2022 0 تعليق

المسؤولية في الإسلام تكليف لا تشريف

المسؤولية في الإسلام  تكليف لا تشريف، فينبغي ألا تكون مطلبا يتنافس عليه؛ لعظم أمرها في الآخرة؛ ذلك أن المسؤول في الآخرة في موقف لا يحسد عليه أبدا، فهو ما بين حبس في الموقف، وسؤالٍ عسير، ولا يجد من ينصره، ولا يملك إلا الانقياد والذلة والخضوع لرب الأرض والسماء -سبحانه-، والمؤمن لا يتقدم لمنصب إلا حين يرى في نفسه القوة والأمانة بعد استشارة العارفين واستخارة رب العالمين، ويرى أنَّ الأمَّة بحاجة إليه لحفظ ثرواتها والدفاع عن دينها والذود عن حماها، كيوسف -عليه السلام- حين قال لملك مصر: {اجْعَلْنِى عَلَى خَزَائِنِ الأرْضِ إِنّى حَفِيظٌ عَلِيمٌ} (يوسف:55)؛ لذلك كان مبدأ المسؤولية من أهمّ مبادئ الشريعة الإسلاميَّة، ومن أخطر قضايا الدين الحنيف؛ لذا كان لزامًا علينا تسليط الضوء على هذا المعنى المهم في حياة الناس وأثره في صلاح المجتمع وإصلاحه.

     والمسؤولية في الإسلام تعني أن المسلم المكلف مسؤول عن كل شيء جعل الشرع له سلطانًا عليه، أو قدرةً على التصرف فيه بأي وجه من الوجوه، سواء أكانت مسؤولية شخصية فردية، أم مسؤولية متعددة جماعية.

المسؤولية الشخصية

     فأما المسؤولية الشخصية فهي مسؤولية كل فرد عن نفسه وجوارحه وبدنه، وروحه وعقله، وعلمه وعملِه، وعباداته ومعاملاته، ومالِه وعُمره، وأعمال قلبه وجوارحه ، وهي مسؤولية لا يشاركه في حملها أحد غيره، فإن أحسن تحقق له الثواب، وإن أساء باء بالعقاب، روى الترمذي عن أبي برزة الأسلمي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم أفناه؟ ومن علمه فيم فعل فيه؟ وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ وعن جسمه فيم أبلاه؟» كما أن المرء مسؤول عن لسانه أن يلغو في أعراض البرآء، أو ينقل الأراجيف والشائعات ضد الصلحاء، وعن قلبه أن يحمل الضغينة والشحناء، والغل والحسد والبغضاء، {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـائِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} (الإسراء:36).

المسؤولية الجماعية

     وأما المسؤولية الجماعية فتتضمن أولا المسؤولية الكبرى في الإمامة العظمى، في تحكيم شرع الله في أرض الله على عباده، وكذا القيام بالمسؤوليات في الوظائف العامة، عدلاً في الرعية، وقَسماً بالسوية، ومراقبةً لله وحده في كل قضية، وكذا الحفاظ على الأموال والممتلكات والمرافق العامة، فليست المسؤوليات غُنماً دون غرم، ولا زعمًا دون دعم، وسيتولى حارّها من تولى قارَّها، في بُعدٍ عن الخلل الإداري والتلاعب المالي والتسيب الوظيفي، فلا تصان الحقوق إلا بتولية الأكفاء الأمناء، والأخذ على أيدي السفهاء، قيامًا بالمسؤولية والأمانة كما شرع الله -تعالى- وبما يحقق مصالح البلاد والعباد.

 

المسؤولية الفردية  والرقابة الذاتية

     وفي هذا السياق أكد مدير إدارة الكلمة الطيبة د. خالد سلطان السلطان أنَّ مبدأ المسؤولية الفردية والرقابة الذاتية أو المسؤولية المجتمعية يتضح بالمثال الذي ضربه النبي - صلى الله عليه وسلم- في حديث السفينة، قال - صلى الله عليه وسلم-: «مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فصار بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها، وكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: فإن هم تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا» رواه البخاري، أظن أن هذا المثال الذي ذكره النبي - صلى الله عليه وسلم- عظيم، يؤكد لنا أن الإسلام جاء ليعزز في نفوس أصحابه أن الجميع عليه مسؤولية تجاه وطنه ومجتمعه، وأن الجميع عليه مسؤولية الأمر بالمعروف إذا تُرك المعروف، والنهي عن المنكر إذا فُعل المنكر، وأيضًا هذه القضية قضية الحسبة وقيام كل فرد بسد الخلل والقيام بهذا الواجب، فعليه أن يكون عالما بما يأمر وعالما بما ينهى، وأن يكون حليما بمن يأمر وبمن ينهى، وأن يكون صابرا على من يأمر ومن ينهى.

تعزيز قيمة المسؤولية في نفوسنا

     وأضاف د. السلطان، وعلى هذا نقول لابد أن نعزز هذه القيمة في نفوسنا كما جاءت الأحاديث والآيات الكثيرة في كتاب الله -عز وجل- حول هذا الموضوع قال الله -تعالى-: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}، والله -سبحانه وتعالى- بين غرس هذا المبدأ من خلال الإشارات أحيانا وليس التصريح كما قال -تعالى-: {الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ}، فهذا المبدأ الجليل العظيم يعارضه مبدأ الحريات المطلقة السيئة الذي جاء به الغرب، وحاولوا جاهدين غرسه في أمة الإسلام، ونجحوا في الحقيقة في بلدان كثيرة حتى في البلدان الإسلامية والعربية التي نخرها هذا السوس، حتى يرسخوا مبدأ كلٌّ يفعل ما يحلو له، ويتحمل مسؤولية نفسه وانتهى، وهذا الكلام ليس صحيحا طالما نحن في سفينة واحدة، ونعيش في وطن واحد ومجتمع واحد، فلابد أن نحافظ على هذه المؤسسة العامة وهذا الوطن الواحد؛ لأن ثرواته وما فيه للجميع؛ فالكل فيه شركاء؛ فلا يحق لأحد أن يتعدى على أحد، أو يُهمل شيئا يكون سببا في الإضرار بالآخرين، وهذا باختصار لهذا المبدأ.

سبيل لإصلاح المجتمع

     وعن دور هذا المبدأ في إصلاح المجتمع قال د. السلطان: هذا المبدأ واضح، فيه تحقيق المصالح ودرء المفاسد، وكذلك الخير للجميع؛ لأن صلاح الإنسان صلاح لمجتمعه وفساد الإنسان فساد لمجتمعه؛ فعلى مؤسسات الدولة التربوية والإعلامية والاجتماعية والرياضية والدعوية أن تهب جميعا لتحقيق هذه القضية، وأن تربي في نفوس أبنائها حرص بعضهم على بعض.

 

 الشعور بالمسؤولية دين ندين الله به

     من جانبه بين عضو مجلس إدارة الدعوة السلفية في مصر الشيخ شريف الهواري أنَّ الشعور بالمسؤولية دين ندين الله -تبارك وتعالى- به، فالإسلام جعل الشعور بالمسؤولية من أعظم المهام للمكلف، وتأمل كيف بين الإسلام أهمية الشعور بالمسؤولية، وكيف يتحملها المسلم أولا تجاه نفسه ظاهرا وباطنا لتأهيل قلبه وإدارته الإدارة الصحيحة والحفاظ عليه من أعدائه الذين يحاولون غزوه واختراقه بل وسرقته، وبيَّن كيف يشعر المسلم بالمسؤولية تجاه هذا القلب؟ وكيف يقوم على حراسته؟ وكيف ينجح في ملئه بالإيمان قبل أن يُملأ بالباطل، سواء بالشهوات أم الشبهات؟

المسؤولية أمانة

     وأضاف الشيخ الهواري قائلاً: ثم تأمل كيف وجه الإسلام الشعور بالمسؤولية تجاه الرحم وما لها علينا، وكيف نؤدي لها هذا الحق العظيم، ثم تجاه الجيران وكيف بين لنا هذه المنزلة العظيمة كيف نحافظ على جيراننا؟ وكيف نتحمل فن تحمل الأذى منهم حرصًا عليهم وعلينا؟ ثم الأجمل والأعظم كيف ربى الإسلام أتباعه على الشعور بالمسؤولية تجاه المجتمع بطبقاته وأعراقه وتوجهاته كافة؟ وكيف حثنا على الحفاظ على المجتمع وأمنه واستقراره ومكتسباته وقوته وعلى تعاونه على البر والتقوى، وكيف أننا مؤتمنون على هذا المجتمع وعلى الحفاظ عليه، ثم تأمل كيف علمنا الإسلام بالشعور بالمسؤولية تجاه الوطن، وكيف نحافظ على مكتسباته ونعمل على نجاته؟

الشعور بالمسؤولية تجاه الوطن

     وأضاف، وأيضًا تأمل كيف حثنا الإسلام على الشعور بالمسؤولية تجاه الوطن والحفاظ على أمنه واستقراره ومؤسساته؛ ليكون مجتمعا قويا قادرا على أداء دوره على أكمل وجه، وكيف نحافظ على عقيدتنا بصفائها ونقائها، وكيف نتعلمها ونقوم بحراستها ثم نعمل على توريثها للأجيال القادمة.

المسؤولية تجاه العبادات والمعاملات

     وبين الهواري أن من المسؤولية التي وجهنا إليها الإسلام، الشعور بالمسؤولية تجاه العبادات وكيف نحافظ عليها ونؤديها الأداء الأمثل، ثم علمنا كيف نعلم الناس كيفية العبادة لتكون الثمرة والأثر الطيب النافع، ثم علمنا الإسلام كيف نحافظ على المعاملات، وكيف نضبطها بهذا الدين، ثم كيف علمنا الأخلاقيات وكيف أنها أصل من أصول هذا الدين العظيم، ثم علمنا الشعور بالمسؤولية تجاه الأحكام والحدود.

قيمة شرعية وإسلامية ودينية

     أما المستشار بالوقف السني بمملكة البحرين الشيخ فتحي الموصلي فبين أنَّ المسؤولية وشعور الإنسان بأنه مسؤول هي قيمة شرعية وإسلامية ودينية، وقد جاء في النص القرآني التربية على هذه المسؤولية سواء كانت مسؤولية ذاتية فردية أم كانت مسؤولية جماعية متعديه إلى الآخرين؛ لأنَّ أصل المسؤولية هو الالتزام بالواجب واستشعار أن الإنسان مكلف بأداء مهمة، وأن ذمته لا تبرأ إلا إذا أدى هذا الواجب.

التربية على الشعور بالمسؤولية

     وأضاف، ولهذا فإن التربية على الشعور بالمسؤولية تربية نافعة ومؤثرة؛ لأنَّ المقصود من هذه التربية هو أن يمتثل العبد لشرع الله -تعالى- في أداء واجباته، وأن يستشعر الواجبات المتحتمة عليه، وأن يساهم في إعانة الناس على القيام بمسؤوليتهم؛ ولهذا جاء النص القرآني للتذكير بهذا المعنى كما قال الله -تبارك وتعالى-: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مسؤولًا}، ولا شك هنا أن هذه المسؤولية ترتبط ارتباطا وثيقا بجوارح الإنسان؛ لأن الله جعل للإنسان هذه الطاقات وهذه الإمكانيات حتى يكون مسؤولا يؤدي الواجبات ويتفاعل مع المتطلبات؛ فيكون عبدًا مؤديًا بمسؤولياته منفذا لأوامر الله -تبارك وتعالى-؛ ولهذا قال الله -سبحانه-: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} وهذا توجيه قطعي بضرورة الالتزام بالمسؤولية ولا سيما فيما يتعلق بتبليغ شرع الله -تبارك وتعالى-، وكذلك ما يتعلق بالقيام بالواجبات.

الإنسان مكلف

     وأكد الشيخ الموصلي أنَّ الشعور بالمسؤولية نابع من الشعور بأن الإنسان مكلف، وأنه واجب عليه أن يمتثل لهذا التكليف لقول الله -تعالى-: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}، وهذا يُشعر بأن القيام بأداء المسؤولية يحتاج إلى رجوع إلى الشرع، ويحتاج إلى انتظام بالشرع؛ لأن العبد لا يزال ظلوما ظالما لنفسه جهولا جاهلا بالشرع، فهو يحتاج إلى العدل الذي يدفع به ظلمه، وإلى العلم الذي يرفع به جهله.

المسؤولية في السنة النبوية

     وبين الشيخ الموصلي أنَّ السنَّة النبويَّة حفلت بذكر المسؤولية وبالحث عليها على سبيل العموم، فكل واحد سواء كان حاكمًا أم محكومًا فهو مسؤول، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»، وهذا يشعر بأن المسؤولية هي مطلب عام، فلا يكاد يسلم إنسان من واجب الشعور بهذه المسؤولية ومن الاعتناء بها ومن القيام بها؛ لأنه إما أن يكون مكلفا في أداء واجب، وإما أن يكون مكلفا بالقيام على غيره لإعانته على أداء الواجب، فهو إما أن يفعل وإما أن يؤدي الواجب في نفسه، وإما أن يؤديه باعتبار غيره: أي أنه يقوم بالمهام التي فيها منفعة وإحسان إلى الخلق، وهذا في الحقيقة يعكس أهمية المسؤولية في كونها شاملة وعامة.

الدافع للشعور بالمسؤولية

     الدافع إلى الشعور بالمسؤولية هو الجانب الإيماني أولا، والشعور بأن الإنسان مكلف ثانيًا، واستشعار أن مصلحة الدين لا تقوم إلا بهذه المسؤولية في نفسك وفي غيرك؛ لهذا عندما يتحول فعل الواجب وتتحول مصلحة الشرع إلى مطلب وإلى مقصد ينهض به الجميع، كلٌ بحسب استطاعته، وكلٌ من موقعه، آنذاك ستكون هذه المصالح وهذه الواجبات متعة متحققة في واقعنا؛ لهذا مصلحة الدين لا تنهض ولا تتحقق إلا إذا كان الفرد والجماعة يستشعرون المسؤولية في الحفاظ على هذا الواجب، ويستشعرون أيضًا بأن التخلي والتنازل والضعف أمام المسؤولية يفضي إلى كوارث كثيرة ومصائب عظيمة؛ ولهذا يقول الله -تبارك وتعالى-: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً}، ذلكم أن هذا الأمر عندما نتخلف عنه أو نتنازل عن بعضه، فإن هذا يُفضي إلى أن تتحمل الجماعة هذه المسؤولية ليس فقط من جهة التكليف وإنما من جهة الآثار المترتبة على تركها، وهذا معنى واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا؛ لأنَّ الظالم في حقيقة الأمر إما أن يترك واجبًا وإما أن يفعل محرمًا، ومن ثم فعندما يترك يكون رفع الظلم.

قضيتان مهمتان

وأكد الشيخ الموصلي أننا نحتاج إلى قضيتين أساسيتين ومهمتين:

القضية الأولى: النهوض بالواجب مع مراعاة الاستطاعة

     أن ننهض بالواجب مع مراعاة الاستطاعة؛ لأن المكلف لا يُكلف إلا في حدود استطاعته؛ ولهذا فالمسؤولية في شريعتنا الإسلامية تنطلق من قاعدة اليسر ورفع الحرج؛ لأن الله لا يُكلف عباده بشيء غير قادرين عليه، وبذلك تتوازن المفاهيم بين أداء الواجب وبين قدرة المكلف على القيام بهذا الواجب، فإن مصلحة الواجب لا تظهر إلا إذا أدى المكلف الواجب في حدود استطاعته، ولهذا إذا لم يكن معانا على أداء الواجب فهذه المسؤولية سقطت عنه وربما تقوم في غيره.

القضية الثانية: الشعور بالمسؤولية يعكس قوة الإيمان

     يجب أن نستشعر أنَّ الشعور بالمسؤولية يعكس قوة الإيمان، ويعكس قوة الامتثال وقوة التسليم بالشرع؛ لأن العبد لا يستشعر بأنه مسؤول وأنه واجب عليه القيام بما يريده الشرع منه إلا إذا كان ذا إيمان وتسليم وانقياد للشرع، وأعظم الصور من شعب الإيمان هي الانقياد للشرع ظاهرا وباطنا، واستشعار الإنسان بأنه عبدٌ مكلف على الدوام، {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}.

 

المسؤولية الدعوية

     أما الكاتب والباحث المصري م. سامح بسيوني فكان حديثه عن المسؤولية الدعوية، وبين أنها تعني أن تعمل على إرضاء ربك وتحصيل أسباب توفيقه في نفسك أولا قبل أن تتعلق بالأسباب، فالله -سبحانه وتعالى- هو وحده مسبب الأسباب والموفق لك في مسارك الدعوي الإصلاحي.

 

الشعور بالمسؤولية واجب الجميع

     قال الشيخ عبد العزيز ابن باز -رحمه الله-: يقول الله -سبحانه وتعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} (التحريم:6)، فعلى كل واحد الاجتهاد في أن يقي نفسه وأهل بيته عذاب الله، وهكذا يجتهد في أن يقي شعبه وجماعته وقومه من عذاب الله، فشيخ القبيلة عليه مسؤوليته، وأمير البلاد عليه مسؤوليته، والسلطان عليه مسؤوليته، وصاحب البيت عليه مسؤوليته، كل واحد عليه مسؤوليته، وعليه أن يتقي الله، قال -تعالى-: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (الحجر:92-93)، فأنت مسؤول، فحاسب نفسك وأعد الجواب هل أديت حق هذه المسؤولية أم لا؟

 

استشعار الشباب للمسؤولية

قال الشيخ صالح الفوزان: على الشباب المسلم أن يستشعر المسؤولية، وأن يعلم أنه مسؤول أمام الله عن هذه المرحلة الحيوية المهمة من عمره، وأن الله سائله يوم القيامة عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، فعليه أن يُحضِّر لهذا السؤال الخطير جواباً، كيف أنفق سنوات عمره، لابد أن يراعي هذا وأن يشعر أنه مسؤول عن دينه وعن وطنه، وعلى الشاب المسلم أن يعتز بهذا الإسلام، ويؤمن بكماله وعظمته وأن الله أكرمه بخير كتاب أُنزل، وبخير نبي أُرسل، وبخير دين شُرِع، وعليه أن يشعر بالاعتزاز، كما كان سلفنا الصالح يفعلون قال -تعالى- {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون}.

 

ماذا تعني المسؤولية الدعوية؟

وعما تعنيه المسؤولية الدعوية قال  سامح بسيوني:

- المسؤولية الدعوية تكليف لا تشريف، أمانة لا وجاهة.

- المسؤولية الدعوية؛ تعني الاعتناء والتخطيط لإدارة الواقع الذي يقع تحت نطاق مسؤوليتك الدعوية والوصول به نحو الأفضل.

- المسؤولية الدعوية تعني إدراكك للمشكلات الموجودة في نطاق مسؤوليتك والعمل على حلها أولا فأول.

- المسؤولية الدعوية تعني تحديد عوامل قوتك الحقيقية وعوامل ضعفك بوضوح لتتحرك بآليات مناسبة لإمكانياتك.

-  المسؤولية الدعوية تعني طول نفس وصبر متتابع، ومواجهة للواقع بتفاصيله المؤلمة لا الهروب منه إيثارا لراحة النفس أو عدم ضيق الصدر.

- المسؤولية الدعوية تعني المتابعة الدقيقة لآليات التنفيذ في كل المساحات الدعوية التي تحت مسؤوليتك مع الحركة الدؤوبة للتقويم السريع الدائم للوصول إلى نتائج مرضية.

-  المسؤولية الدعوية تعني مناقشة الآراء المطروحة لتطوير المؤسسة الدعوية والاستماع للآراء المخالفة لرأي القيادة قبل الموافقة لها ووضعها كلها على طاولة اتخاذ القرارات التطويرية أمر واجب.

- المسؤولية الدعوية تعني أن تتيح الفرص للكفاءات في فريقك لتحمل المسؤولية أمامك، وتعمل على تقويتهم وتقويمهم، لا أن تحبطهم وتبعدهم خوفا على موقعك، وهذا يتطلب إخلاصا حقيقيا لضمان استمرارية الإصلاح الدعوي بهذا التوريث الدعوي.

- المسؤولية الدعوية تعني أن يكون تقديمك للأفراد وتأخيرك لهم داخل مؤسستك الدعوية الإصلاحية بناء على مُقومات سلامة المنهج والكفاءة والقوة والأمانة، لا على درجات المطاوعة والانصياع والراحة النفسية لك فقط.

- المسؤولية الدعوية تعني أن تحرص على صناعة الكوادر الجديدة المتخصصة داخل مؤسستك، وأن تعمل على تطويرهم وترقيتهم؛ لاستمرار العمل في المجالات المتاحة.

- المسؤولية الدعوية تعني أن تتحرك للأمام فيما استؤمنت عليه ولو ببطء، لا أن تظل دون تطور سنوات وسنوات ثم تظل متمسكا بموقعك محاربا عليه.

- المسؤولية الدعوية تعني أن تكون قدوة صالحة عملية أمام إخوانك قبل أن تكون مصدرًا لإلقاء الأوامر عليهم فقط.

- المسؤولية الدعوية تعني أن تترك موقعك وأنت مطمئن على صحة المسير الدعوي بعدك.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك