المرأة والأسرة – 1236
المرأة الصالحة مشعل النور والهداية
المرأة الصالحة هي مشعل نور وهداية وحب ووئام، وهي مدرسة إذا أُحسن إعدادها، أخرجت أجيالاً تقود الدنيا بأسرها، وتبني الحضارات ورجالها، ولذلك أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الرجال أن يختاروا من النساء ذاتَ الدين، وألا ينخدعوا بمال ولا بجمال ولا جاه، قال - صلى الله عليه وسلم -: «تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ»، فأمره أن يختار النواة الصالحة، حتى تتكون منها أسرة صالحة في نفسها، نافعة لوطنها، ولبني جنسها.
مواقف نبوية في تربية الأبناء
حَوَتِ السنَّة النبويَّة الأصول التربوية التي تجعل المربِّي أكثر عمقًا ووَعْيًا ودِراية بحاله وحال المُرَبَّى، كما تُرَسِّخ عنده مَفاهِيم وتَصَوُّرات يستطيع بها قِيادَة هذه العمليَّة التربوية دون تَعقِيد لها، أو تَشتِيت لذهنه، أو تفريط في حقِّها، ومن ذلك ما يلي:- عن عائشة - رضِي الله عنها - قالت: جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: تُقَبِّلون الصِّبيان؟ فما نقبِّلهم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أوَ أملك لك أن نَزَعَ الله من قلبك الرحمة؟»، في هذا الحديث أصلٌ كبيرٌ من أصول التربية الصحيحة المُفتَرَضة في المُربِّي، وهو ضرورة الرحمة والشَّفَقة في العمل التربوي، ويُمكِن إدراج آلاف المَسائِل والمواقف التربوية تحت هذا الأصل، كتَقبِيل الأبناء ومُعانَقتهم، وحملهم والجلوس واللَّعِب معهم، وهكذا كلُّ ما كان من صُوَرِ الرحمة والشَّفَقَة.
- وعن ابن عباس -رضِي الله عنهما- قال: «بِتُّ عند خالتي (ميمونة)، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي من الليل، فقمت أصلي معه، فقمتُ عن يساره، فأخذ برأسي فأقامني عن يمينه»، في هذا الحديث أصلٌ آخر من أصول التربية العظيمة، وهو القدوة؛ فابن عباسٍ قام يُصلِّي؛ لأنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - قام يُصلِّي، وهكذا كلُّ ابن يَتَأسَّى بقدوته في الخير أو غير ذلك، وعليه يجب تنبيهُ المربِّي على ضرورة القدوة الحسنة وخطر القدوة السيِّئة، وهذا يشمل العبادات والمعاملات والأخلاق.
- وعن عمر بن أبي سلمى قال: «كنت غُلاَمًا في حجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكانت يدي تَطِيش في الصحفة، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا غلام، سَمِّ الله، وكُلْ بيمينك، وكُلْ ممَّا يَلِيك»، فما زالت تلك طعمتي بعدُ»، وفي هذا الحديث أصلٌ آخر مهم، وهو ضَرُورة التوجيه التربويِّ في المَواقِف والأحداث، ذلك أنه أثبت في ذهن المربَّى، وأوضح له من التوجيهات التربوية العامَّة؛ لذا قال عمر في هذا الحديث: فما زالت تلك طعمتي بعد.
أمور تتساهل فيها النساء
من الأمور التي تتساهل فيها النساء: عدم الاهتمام بتربية الأولاد تربية إسلامية، وإهمالهم فيما يقصرون فيه من أداء الفرائض وحقوق الله -تعالى-، وعدم النصح لهم والإنكار عليهم، ومن ذلك إهمال البنين لأداء الفرائض في المسجد، وكإهمال البنات إذا بلغن المحيض لأداء الفرائض والصيام وغيرها من الواجبات، وكذلك التغاضي عن المخالفات العقدية كأعياد الميلاد، ولبس الملابس التي عليها الصور أو الصلبان، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها».الأسرة ومسؤولية التربية الخُلُقية
الأسرة عليها مسؤولية كبيرة في التربية الأخلاقية للأبناء، حتى يكونوا أسوياء؛ لأن الطفل الصغير كالصفحة البيضاء، فالأسرة تعمل على غرس القيم الأخلاقية في نفوسهم منذ الصغر كالتقوى والرحمة والعفو والحياء وعفة اللسان ومراعاة حق الله -تعالى- وحق رسوله سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك مراعاة حق القرآن الكريم وحق الوالدين وحق الإخوة، وحق الجار، وحق الرفيق وحق الكبير، وحُسن التعامل مع الآخرين، مع التأكيد على آداب الإسلام، كآداب السلام واللباس، وآداب اليوم والليلة، وأذكار الصباح والمساء، مع آداب الاستئذان، وآداب المجلس، وآداب الحديث، وآداب عيادة المريض، وآداب الطعام والعُطاس والتثاؤب؛ فلهذا وغيره كانت الأسرة هي أهم المحاضن التربوية التي ينشأ فيها الأبناء.تأثيرُ القدوةِ الصالحةِ في الأطفال
على الأم أن تدرك أنَّ الطفلِ لا يَسْهُلُ عليه إدراكُ المعاني المجردة؛ لذا فهو لا يقتنعُ بالأوامر بمجرد سماعها، بل يحتاج مع ذلك إلى المثالِ الواقعيِّ المشاهَدِ، الذي يدعمُ تلك التعاليمَ في نفسِهِ، ويجعله يُقْبِلُ عَلَيها ويَتَقَبَّلُها ويعملُ بها، وهذا أمرٌ لم يَغْفُل عنه السَّلَفُ الصَّالِحُ، بل تَنَبَّهُوا له، وأَرْشَدُوا إليه المربين، فها هو ذا عمرُو بن عتبةَ يُرشِد مُعلِّمَ ولدِه قائلاً: «لِيَكُنْ أولَّ إصلاحُكَ لِبَنِيَّ إصلاحُك لنفسِك، فإن عيونَهم معقودةٌ بعينك، فالحَسَنُ عندهم ما صَنَعْتَ، والقبيحُ عندهم ما تركتَ، وهذا يؤكدُ أنه لا سبيل إلى التربيةِ السليمةِ إلا بوجود قُدوةٍ صالحةٍ تغدو نموذجًا عمليًّا لامتثال الأوامر، والاستجابة لها، والانزجار عن النواهي، والامتناع عنها.صحابية جليلة طلبت من النبي صلى الله عليه وسلم الجهاد لنيل الشهادة
صحابية جليلة طلبت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذهاب معه للجهاد؛ لتنال الشهادة فرفض وأخبرها بأنها ستموت شهيدة، قالت -رضي الله عنها-: «إنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، لمَّا غَزا بدرًا ، قُلتُ لَهُ : يا رسولَ اللَّهِ ، ائذَنْ لي في الغزوِ معَكَ أمرِّضُ مَرضاكم ، لعلَّ اللَّهَ أن يرزُقَني شَهادةً، قالَ: قرِّي في بيتِكِ فإنَّ اللَّهَ -تعالى- يرزقُكِ الشَّهادةَ، قالَ: فَكانت تسمَّى الشَّهيدةُ، قالَ: وَكانت قد قرأتِ القرآنَ فاستأذنتِ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أن تتَّخذَ في دارِها مؤذِّنًا، فأذنَ لَها، قالَ: وَكانت دبَّرت غلامًا وجاريةً فقاما إليها باللَّيلِ فغمَّاها بقطيفةٍ لَها حتَّى ماتَت وذَهَبا، فأصبحَ عمرُ فقامَ في النَّاسِ، فقالَ: مَن كانَ عندَهُ من هذَينِ علمٌ، أو مَن رآهُما فليَجِئْ بِهِما، فأمرَ بِهِما فصُلِبا فَكانا أوَّلَ مصلوبٍ بالمدينةِ»، إنها الصحابية الجليلة أم ورقة بنت عبدالله بن الحارث الأنصارية -رضي الله عنها.حقيقة الدور التربوي للأم
ماذا نعني بدور الأم التربوي؟ إنه ببساطة دورها في صناعة الإنسان الذي يولد ولا يعلم شيئًا من أمر الحياة، فتتلقَّفه أمه وتمنحه الخطوط العريضة لشخصيته، إنه دور يتجاوز منحه الطعام الصحي والملابس النظيفة والفراش المرتب، على الرغم من أهمية هذه النقاط، لكن مع الأسف لا تفهم كثير من الأمهات طبيعة الدور التربوي المنوط بهنَّ، فلا تمنح الوقت الكمي المناسب لأبنائها، وغالبًا لا تمنحهم الوقت الكيفي النوعي، فلا تجد مجرَّد الوقت للاستماع لأبنائها، فهي مُنهَكَة في أعمالها، ناهيك عن النساء اللاتي يهدرن أوقاتهن الغالية في الثرثرة، وأمام الهاتف، وفي مواقع التواصل الاجتماعي.أهم ملامح البيت المسلم
البيت المسلم لابد أن يكون عامرًا بالذكر والصلاة، وهذه العبادة هي أولى الملامح التي تميزه عن غيره من البيوت، وإننا لنعجب من بعض النساء المتفرغات لبيوتهن من الشكوى بالملل والفراغ! وقد وهبها الله فرصة عظيمة لعمارة بيتها وقلبها بالعبادة، التي هي الأولوية المطلقة للإنسان المسلم، والعبادة بمعناها العام، تشمل جميع مهام المرأة، بشرط إصلاح النية، واحتساب هذه الأعمال {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (الأنعام: 162).
لاتوجد تعليقات