المرأة والأسرة – 1227
إشارة قرآنية بليغة
وردت إشارة بليغة في قوله -تعالى-: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ}(الأحزاب:34)، وهي كيفية المحافظة والاستمرار على بيت الزوجية، وذلك بتعليم القرآن والسنة فيه، وتربية النشء على ذلك، فكأن القرآن يقول: إذا أردتِ - أيتها المرأة - أن يبقى هذا البيت لكِ؛ فلا يكُنْ همكِ الأول تزيينه وترتيبه وتنظيفه فقط، إنما عليكِ أن تجعلي لكِ وقتًا تتدارسين مع زوجكِ وأبنائكِ فيه كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم .
مكانة المرأة المسلمة في بيتها
جعل القرآن مكانة عالية للمرأة، في بيت الزوجية، وكأنها هي مالكته الفعلية؛ وذلك لقيامها بشؤونه الداخلية: رعاية، تربية، تغذية، إشرافًا، إدارة، متابعة، وغيرها من شؤون الحياة البيتية؛ لذلك فإن البيت السعيد، البيت الصالح، لا يشرف إلا بزوجة صالحة، تقية، نقية. فهذه بيوت النبي - صلى الله عليه وسلم - رغم مكانته -عليه الصلاة والسلام-، وهي بيوته وملكه، نُسبت تلك البيوت الطاهرة، لأولئك الأمهات الطاهرات النقيات، قال -تعالى-: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}(الأحزاب: 33)، {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ}(الأحزاب: 34)، هذا الخطاب في الآيتين الكريمتين موجه لزوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - خصوصا، ولنساء المؤمنين عموما، ولو تأملت المرأة المسلمة هذا الشرف العظيم، وهذا الإكرام النبيل، لتبين لها أن هناك إشارة قوية للزوجة أن تحرص على كِيان بيتها، والاعتناء به، وملازمته، والتلذذ بالقيام بشؤونه، وأن تكون حصنًا وثيقًا، وسدًّا منيعًا من كل ما يهدده، من عواصف المكر والخداع التي تحاك لزعزعة الأسرة المسلمة، بالتشكيك في دينها، والتنازل عن مبادئها وأخلاقها، وصولًا إلى شتات أمرها، وتفرق وحدتها. وهنا إشارة لك أيتها الزوجة الفاضلة، ما دام البيت بيتك، والشرف شرفك، وكل شؤونه تحت مسؤوليتك، وأنت مسؤولة وراعية، وقد جاء من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته، والأمير راعٍ، والرجل راعٍ على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده، فكلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته»، فأول رعاية يجب أن تحرصي عليها، أن تملكي قلب زوجك بالحب، والمودة والرحمة، والاحترام والتقدير؛ فإن هذا أعظم من كل ما تملكينه في البيت، بل هو السبب الذي يوطد ملكك، ويعلي شأنك، ويرفع درجتك.ما أعظم هذا الدين!
ما أعظم هذا الدين! وما أبلغه في تربية القلوب، والحفاظ على المودة والرحمة! حتى حال النزاع والخلاف الذي قد يصل إلى الطلاق؛ فإن حبل المودة والحب لا ينقطع بسهولة؛ لهذا نهى الشرع الرجال عن إخراج النساء من بيوتهن في حال الغضب والنزاع الذي يترتب عليه التلفظ بالطلاق، فقال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ}(الطلاق: 1)!، ففي هذه الآية قطع لحجة الرجل بأن البيت بيته، ولابد من خروج المرأة بعد طلاقها الرجعي من البيت، بل ما زال البيت منسوبًا إليها، وكأن الشرع يقول له: حتى وإن كان هذا البيت ملكك ماديًّا، إلا أن امتلاك المرأة له معنويًّا أقوى في هذه اللحظات، وهذه الظروف.من أسباب السعادة الزوجية
- شعور الزوجين بالرضا عن العلاقة بينهما حتى ولو كان لديهما مشكلات مالية.
- السلوك الإيجابي بين الزوجين مثل التشجيع والحوار الفعال وسلوك الرعاية.
- تمتع الزوجين بمهارة الإصغاء والاهتمام والاستجابة لحاجات كل طرف.
- تحدث الزوجين مع بعضهما ومحاولة حل المشكلات بطريقة بناءة.
- أن تتسم العلاقة بين الزوجين بالحب والتعاطف.
- تقدير كلا الزوجين لجهود كل طرف وعدم التقليل منها أو الاستهانة بها؛ فكل ميسر لما خلق له.
- التسامح والتغافل والعفو بين الزوجين وعدم مقابلة الإساءة بمثلها.
بالشكر تدوم النعم
من النعم العظيمة التي قد تغفل عنها المرأة وجودها في بيت الزوجية، تحت كنف زوج صالح، يرعى شؤونها، ويقوم بحقها، فعلى المرأة أن تشكر الله -تعالى- على هذه النعمة، قال -تعالى-: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}(إبراهيم: 7)، فالمحافظة على هذا الكيان واجبة، طاعةً لله -تعالى-، وتعبدًا بطاعته -سبحانه- وطاعة رسوله، ثم طاعة زوجها في المعروف، والقيام بشؤون البيت وتربية الأبناء والعناية بهم، وهذا يستلزم وقتًا من الزمن؛ لذا فقد يكون كثرة خروج المرأة من بيتها سببًا لضياعه، وتشتيتًا لشمله، وقد يكون أيضًا سببًا لسلب هذا البيت منها بالكلية، فلتنتبه المرأة المسلمة حتى لا تفقد هذه النعمة.سمية بنت الخياط -رضي الله عنها
أول شهيدة في الإسلام
- اسمها: سمية بنت الخياط، أم عمّار بن ياسر.
- إسلامها: كانت من أوائل الذين أسلموا وأظهروا إسلامهم بمكة، وقيل: إنّها كانت سابع سبعة في الإسلام، وقد عُذّبت وأُلبست درعاً من حديدٍ ثمّ صُهر في الشمس، ثمّ جاء أبو جهل وطعنها بحربة فقتلها، وكانت أوّل شهيدة في الإسلام، وذلك قبل الهجرة، وكانت تُعذّب هي وولدها وزوجها، وكان يمرُّ عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويُصبّرهم ويقول: «صبرًا آل ياسرٍ، فإنَّ موعدَكم الجنةُ»، وكان بنو مخزوم يختارون وقت حمّ الظهيرة ليخرجوهم ويعذّبوهم في رمضاء مكة، ومع ذلك أبت سمية إلا الإسلام.
- استشهادها: كانت سمية -رضي الله عنها- أول شهيدةٍ في الإسلام، وتُوفّيت قبل أم المؤمنين الكبرى خديجة -رضي الله عنها-؛ لأنَّ سمية تُوفّيت في السنة السادسة من النبوّة، بينما تُوفّيت خديجة -رضي الله عنها- في السنة العاشرة من النبوّة في عام الحزن.
من قواعد الإنصاف في الحوار
من قواعد الإنصاف في الحوار بين الأخذ بالصبر، والرفق، واحتمال الأذى، ومقابلة السيئة بالحسنة، كما قال -تعالى-: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}(فصلت: 34)، وبهذا استمال الرسول - صلى الله عليه وسلم - قلوب أعدائه، وعالج قسوتها حتى لانت، واستقادت، وقبلت الحق؛ وما ذاك إلا بصبره، وتحمله الأذى، قال -تعالى-: {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}(فصلت: 35).العلم النافع من أسباب تقوى المرأة المسلمة
العلم النافع له من الثمرات العظيمة ما يغرسه في نفس المسلمة من تقوى الله -تعالى- والخشية منه، بل إن العلم النافع هو الذي يدفع مباشرة إلى تقوى الله -تعالى-؛ لأنه هو الذي يعرف المسلمة على ربها حق المعرفة، فتخشاه وتهابه، فيدفعها ذلك إلى كل عمل صالح، ويلزم صاحبته بالخلق الفاضل، والأدب الكامل، والاعتصام بالكتاب والسنة، وإخلاص القصد لله -سبحانه-، وبذلك يثمر ثمراته المرجوة منه.
لاتوجد تعليقات