المرأة والأسرة – 1165
من الفضائل الجليلة التي تتصف بها المرأة
حفظ اللسان
حفظ اللسان من الفضائل الجليلة التي تتصف بها المرأة، والمرأة التي تحفظ لسانها ولا تنطق إلا بالطيب يوفقها الله -سبحانه- في حياتها، ويوسع عليها في الفضل، وحفظ اللسان ليس سهلًا؛ لذا على المرأة أن تراقب وتُحاسب نفسها عن كل كلمة تنطقها، وتحفظ لسانها من آفات اللسان الكثيرة، من: كذب وسب، وسخرية واستهزاء، وإفشاء السر، والنميمة وغيرها، قال رجلٌ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ فُلانةَ يُذكَرُ مِن كَثرةِ صَلاتِها وصَدقَتِها وصيامِها، غيرَ أنَّها تُؤذي جيرانَها بِلِسانِها؟ قال: هيَ في النَّارِ، قال: يا رَسولَ اللهِ، فإنَّ فُلانةَ يُذكَرُ مِن قِلَّةِ صيامِها وصَدقَتِها وصَلاتِها، وإنَّها تَتَصدَّقُ بالأَثوارِ مِن الأَقِطِ، وَلا تُؤذي جيرانَها بِلسانِها؟ قال: هيَ في الجنَّةِ.
وقال -تعالى- في كتابه الكريم: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عسى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ} (الحجرات: 11). جاء في التفسير الميسر: يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشريعته لا يهزأ قوم مؤمنون من قوم مؤمنين؛ عسى أن يكون المهزوء به منهم خيرًا من الهازئين، ولا يهزأ نساء مؤمنات من نساء مؤمنات؛ عسى أن يكون المهزوء به منهنَّ خيرًا من الهازئات، ولا يَعِبْ بعضكم بعضًا، ولا يَدْعُ بعضكم بعضًا بما يكره من الألقاب، بئس الصفة والاسم الفسوق، وهو السخرية واللمز والتنابز بالألقاب.
وقال الشيخ السعدي -رحمه الله-: وهذا أيضًا، من حقوق المؤمنين، بعضهم على بعض، أن {لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ} بكل كلام، وقول، وفعل دال على تحقير المسلم، فإن ذلك حرام، لا يجوز، وهو دال على إعجاب الساخر بنفسه، وعسى أن يكون المسخور به خيرًا من الساخر، كما هو الغالب والواقع؛ فإنَّ السخرية لا تقع إلا من قلب ممتلئ بمساوئ الأخلاق، متحل بكل خلق ذميم؛ ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بحسب امرئ من الشر، أن يحقر أخاه المسلم» ثم قال: {وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ}- أي: لا يعب بعضكم على بعض، واللمز: بالقول، والهمز: بالفعل، وكلاهما منهي عنه حرام، متوعد عليه بالنار.
من آفات اللسان
من أعظم آفات اللسان الكلام في أعراض الناس، والطعن فيهم، وأكل لحومهم بالهمز واللمز، والتنقص لأحوالهم، والازدراء لهم، قال -سبحانه وتعالى- متوعدا لهذا الصنف من الناس: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} (الأحزاب:58) فأذية المؤمنين والمؤمنات عظيمة عند الله، وهي تعد على حرماتهم، دون جناية منهم فعلوها، ولا جرم ارتكبوه.
من قصص النساء الصالحات
ضربت النساء المثل والقدوة العالية في تقواهن لله -تعالى-، وهذه بعض النماذج التي تدلل على ذلك، عسى أن تكون حافزًا لنساء المسلمين للوصول إلى هذه الدرجة السامية، بالتأسي بهذه النماذج الرائدة.
- ذكر ابن الجوزي -رحمه الله-: أن امرأة كانت تعجن عجينًا، بلغها أن زوجها قد مات فرفعت يدها عنه وقالت: «هذا طعام قد صار لنا فيه شركاء» (تعني الورثة).
- وكانت المرأة من نساء السلف إذا خرج الرجل من منزله تقول له امرأته أو ابنته: «إياك وكسب الحرام!؛ فإنا نصبر على الجوع والضر ولا نصبر على النار».
- وروى ابن عباس - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتى النساء بعد صلاة العيد فكلمهن في الصدقة؛ فأخذن ينزعن الفُتح والقرطة والعقود والأطواق والخواتيم والخلاخيل، ويلقينها في ثوب بلال، وكان بلال قد بسط ثوبه ليضع فيه النساء صدقاتهن.
- وعن عبد الله بن الزبير - رضي الله عنه - قال: ما رأيت امرأتين قط أجود من عائشة وأسماء! وجودهما مختلف: أما عائشة فكانت تجمع الشيء حتى إذا اجتمع عندها قسمت، أما أسماء فكانت لا تمسك شيئًا لغد.
هكذا يفعل الإيمان في نفوس المسلمات
قال سعد بن أبي وقَّاصٍ - رضي الله عنه -: مرَّ رسول الله- صلى الله عليه وسلم - بامرأةٍ من بني دينار، وقد أُصيب زوجُها، وأخوها، وأبوها مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم - بأُحدٍ، فلـمَّا نُعُوا لها، قالت: فما فعل رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم - ؟ قالوا: خيراً يا أمَّ فلان، هو -بحمد الله- كما تحبِّين، قالت: أَرُونيه حتَّى أنظرَ إليه، فأُشير لها إليه، حتَّى إذا رأته، قالت: كلُّ مصيبةٍ بعدَك جَلَلٌ (أي صغيرة). وهكذا يفعل الإيمان في النفوس. رواه الطبري في تاريخه (2/533)،
فتنة النساء
عن أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً هِيَ أَضَرُّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ»، وعن أبي سعيد الخدريّ - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ»؛ لذلك فإن الإسلام عندما فرض الحجاب على المرأة لم يكن ذلك إلاَّ ليصونها عن الابتذال، وليحميها وليكسوها بذلك حلَّة التّقوى والطّهارة والعفاف، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} (الأحزاب:59)، إلى غير ذلك من النصوص العظيمة التي تستهدف صيانة المرأة المسلمة، وتحقيق عفتها، وحفظ كرامتها، وإبعادها عن أسباب الشر وبذور الفتن.
علاقة المرأة المسلمة بوالديها
إن من أبرز ما تتميز به المرأة المسلمة الراشدة برها بوالديها والإحسان إليهما، وكل مسلمة تطالع نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية لا يسعها إلا الالتزام بتلك النصوص، والمسارعة إلى بر والديها مهما تكن الظروف، فقد تتابعت آيات القرآن الكريم واضعة مرضاة الوالدين بعد مرضاة الله -عزوجل-، وجاعلة الإحسان إليهما رأس الفضائل بعد الإيمان بالله، قال -تعالى-: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}. (النساء:36)، ومن هنا كانت الفتاة المسلمة الواعية أبر بوالديها من أي فتاة أخرى، ولا يتوقف برها لوالديها عند انتقالها إلى عش الزوجية، بل يستمر برها بوالديها ما تنفس بها العمر، وامتدت بها الأيام؛ عملاً بهدي القرآن الكريم وسنة النبي - صلى الله عليه وسلم .
الحوار من أساليب النبي - صلى الله عليه وسلم - في التعامل مع زوجاته
أسلوب الحوار الهادف والإقناع في كثير من شؤون الأسرة وأمورها، من أهم الأساليب في التعامل مع الزوجات، وكان ذلك من هدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، فعن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج من عندها ليلًا، قالت: فغرت عليه، فجاء - صلى الله عليه وسلم - فرأى ما أصنع، فقال: «مالك يا عائشة أغرت؟»، فقلت: ومالي لا يغار مثلي على مثلك؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أقد جاءك شيطانك؟» قالت: يا رسول الله، أو معي شيطان؟ قال: «نعم». قلت: ومع كل إنسان؟ قال: «نعم». قالت: ومعك يا رسول الله؟ قال: «نعم، ولكن ربي أعانني عليه حتى أسلم». (مسلم:2815)
لاتوجد تعليقات