المرأة المسلمة ومكانتها في الشريعة – 4 – المرأة المسلمة عماد صلاح الأسرة
- كان للإسلام السبق في تنظيم علاقة أفراد الأسرة بعضهم ببعض قبل المناهج الغربية الحديثة التي أنشئت نتيجة للتفكك الأسري والانحلال الأخلاقي والانحراف السلوكي
- لن يكون المنهج الإصلاحي ذا تأثير دون صلاح الأسرة في المقام الأول التي عمادها صلاح الزوجة
- ليس معنى القوامة الاستبداد والإجحاف والعدوان بل معناها أن تكون القيادة واحدة منظمة تغلفها المودة والرحمة والمشاورة والتعاون والمشاركة
إن الأسرة المسلمة هي الركيزة الأولى في صلاح المجتمعات الإسلامية؛ ولذلك فإن هذه الأسرة مستهدفة اليوم استهدافا كبيرا؛ لأنها ما تزال في عدد من بلادنا العربية والإسلامية محتفظة بكثير من المعاني والقيم الإسلامية التي استطاع التغريبيون الوصول إليها واختراقها في كثير من الأماكن وكثير من المجالات، ومع ازدياد هذا الاستهداف كان لزاما على الدعوة الإسلامية الانتباه، وتوجيه مزيد من العناية بأهم ركن فى أركان الأسرة، والمكون الأكثر تأثيرا فيها وهي المرأة المسلمة، وإعدادها لتكون زوجة صالحة، يقع على عاتقها الجزء الأكبر والأهم في البناء النفسي والعقدي والفكري والسلوكي لتلك الاسرة.
ووجود الأسرة من أهم ما يميز الشريعة الربانية، فمن نعمة الله على خلقه أن جعل من كل شيء زوجين اثنين، وانفرد هو -سبحانه- بالوحدانية، قال -تعالى-: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ}، فخلق الله -تعالى- الرجل والمرأة وجعل أحدهما مكملا للآخر، فى إطار شرعي ونظام اجتماعي ترابطي، يسمى الزواج، وهو أول خطوة لتكوين الأسرة، ونعمة المرأة المسلمة في ظل هذا الإطار الشرعي وهذه العلاقة السامية بمكانة عظيمة حفظا لحقوقها واعترافا بدورها في ظل تكاليف شرعية كلف بها الرجل نحوها حماية لها ولمكانتها زوجة وأما وأختا وابنة.المكانة العظيمة
وعلت المرأة المسلمة بهذه المكانة العظيمة علوا كبيرا على غير المسلمات اللاتي ضاعت حقوقهن وانتهكت كرامتهن، فالتشريع الرباني تشريع من حكيم حميد؛ فالله -عز وجل بجلاله وكبريائه- هو الذي شرع للنساء حقوقهن، وفرض عليهن واجباتهن فى مجال الأسرة وبيت الزوجية ونحو مجتمعها وأمتها، فلا الرجال يملكون الرجوع عنها، ولا النساء لهن الخيرة.العلاقات الأسرية في الاسلام
ولقد اكتسبت العلاقات الأسرية أهمية كبيرة فى الإسلام؛ فهى نواة المجتمع، وهي الحاضن الأول في التربية، وهي الأساس المتين القويم واللبنة الأولى في تكوين المجتمعات، وتقع عليها مسؤولية بناء الإنسان وتربية الأجيال الصاعدة وبناة المستقبل، ولقد كان للإسلام السبق في تنظيم علاقة أفراد الاسرة بعضهم ببعض قبل المناهج الغربية الحديثة التي أُنشئت نتيجة للتفكك الأسرى والانحلال الأخلاقي والانحراف السلوكي، وهي مناهج تعج بالأخطاء البشرية والمغالطات والمتناقضات.دعائم بناء الأسرة
وأقام الإسلام بناء الأسرة على دعائم ثابتة وأسس متينة، ورغب فى الزواج وجعله سنة، به تستقيم حياة الإنسان، وتلبي احتياجاته فى إطار شرعي ومجتمعي سليم، وحذر من العزوف عن سنته، والحث على الزواج بغرض اجتماعي وشرعي عظيم، وجعله من الضروريات الخمس التى جاءت الأديان لتحقيقها وحفظ النسل، قال -تعالى-: {وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (النور 32) وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، ومَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعليه بالصَّوْمِ؛ فإنَّه له وِجَاءٌ».الوصول إلى زواج ناجح وأسرة مستقرة
ومن أجل الوصول إلى زواج ناجح وأسرة مستقرة، وضع الشرع الحكيم حقوقا وواجبات بين الزوجين بالتزامهما تستقيم الحياة بينهما:- أولا: حقوق مشتركة بين الزوجين
- ثانيا: حقوق الزوج على زوجته
القرار في البيت
ومن حقوق الزوج على زوجته القرار فى البيت، فلا تخرج إلا بإذنه، قال -تعالى- {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}، والوقر معناه السكينة والوقار وعدم إظهار الزينة، فلا تكون المرأة كثيرة الخروج والدخول بلا حاجة أو هدف؛ لأن هذا يؤثر على مهمتها الأولى، وهي تربية الأبناء والعناية بهم وطول مصاحبتهم ومراقبتهم وتدبير شؤون بيتها واحتياجات زوجها، وعلى الزوج ألا يتعسف فى استعمال هذا الحق فيمنعها من رؤية أهلها وأرحامها أو طلب العلم أو التداوي، أو التنزه المباح المنضبط، أو العمل والكسب إذا اقتضى الأمر ذلك وفقا للضوابط الشرعية.حق التقويم والتأديب
من حقوق الزوج على زوجته أن يُقوِّم سلوكها؛ فالمراأة كثيرا ما يعتريها تغير المزاج أو الانفعالات والاندفاعات الخطأ، أو التأثر بأصدقاء السوء أو بعض الأفكار الهدامة للأسرة؛ نتيجة لتغليب عاطفتها فى معظم الأمور. فعلى الزوج القيام بإصلاح ما اعوج فيها بالموعظة الحسنة والنصح والمعاهدة الإيمانية والقلبية لها وتقويم ما اعوج من أفكارها وسلوكها، مستخدما في ذلك أدواته التي مكنه الله منها، قال -تعالى-: {فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} (النساء: 34)، ووضع الإسلام لهذه الوسائل الثلاث ضوابط وكيفيات يجب مراعاتها حتى لا تأتى بنتائج عكس ما وضعت له.حقوق الزوجة على زوجها
وللزوجة على زوجها حقوق منها: حقوق مادية وحقوق نفسية معنوية، ومن الحقوق المادية: المهر والنفقة والكسوة والسكن، ومن الحقوق المعنوية النفسية: إعفاف الزوجة، والعدل بين الزوجات.الأساس الأول للمجتمعات
وخلاصة القول: إن الأسرة هى المنشأ الأول والأساس الذي تقوم عليه المجتمعات، وهى نظام متماسك مبني على أسس صادقة متينة، ولن يكون المنهج الإصلاحي ذا تأثير دون صلاح الأسرة في المقام الأول، وعمادها صلاح الزوجة، ولقد كانت أسرة النبي الأولى المتمثلة في أم المؤمنين خديجه بنت خويلد ودعمها للنبي صلى الله عليه وسلم - وإيمانها به وتصديقها له، والتضحية من أجل دعوته، ومعها بناتها الأربع خير مثال لأسرة انطلقت منها دعوة الإصلاح، حتى دخل الناس فى دين الله أفواجا، وانتشر الإسلام في الأمصار.
لاتوجد تعليقات