رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: جهاد العايش 13 يناير، 2014 0 تعليق

المخطط الصهيوني لتفكيك مصر

وصيتي إلى إخواني في الأحزاب السياسية ذات التوجهات الإسلامية أو الوطنية وعامة الشعب المصري إلى إدراك شيء من المكيدة التي تراد بمصر

الإدارة الأمريكية متخبطة في قراراتها، مضطربة في سياستها و بعض الأحداث في منطقتنا تسير على غير هواها

 

لا شك أن الأحداث الجارية في مصر جدا مؤلمة ومؤسفة، وفي ظني أن ما يحدث فيها من تجاذبات سياسية متزامنا معها إصرار الأطراف الفاعلة على موقفها، كل ذلك نذير خطر!!

 لست بصدد النقاش حول مؤشرات ونسب ومسوغات ما يملكه كل طرف من حق أو باطل؛ لأنه ليس هناك شرٌ محض ولا خير محض، وسندخل في دوامة التصنيف والتوصيف التي ستصرفنا عن الحقيقة الكامنة.

أريد باختصار أن ألفت النظر إلى ما يريده العدو بمصر، وكيف ينظر لها؟ وماذا أعد لالتهامها؟ وأن نعمل جميعا مشفقين على مصر وأهلها حاضرها ومستقبلها لإنقاذها من أزمتها؛ لأنه لازال هناك متسع لاستدراك الأمر قبل فواته.

     من المؤكد أن من لا يوقن بالمؤامرة الصهيونية على مصر، يعيش في وهم حقيقي ولا أعني بالرغبة في احتلالها، فهم لا يقوون على ذلك أبدا ولاعتبارات عدة، بل الرغبة الجامحة في:

1- تفتيتها وتجزيئها وتقطيع أواصرها.

2- تقسيمها على أساس طائفي، بين المسلمين والنصارى.

3- وكذلك على أساس عرقي، من خلال إثارة النعرة النوبية وغيرها بين نسيج أهلها المترابطين.

4- تدمير جيشها وتفتيته وإشغاله، ليعيش دوامة لا نهاية لها تشغله عن أعدائه الخارجيين.

5- جعل شبه جزيرة سيناء الغنية بمواردها هي المنطقة المحايدة ظاهرا المسلوبة حقيقة، حتى تحول بين جموع الشعب المصري الأصيل ودولة الكيان اليهودي المغتصب لفلسطين.

     إن أمريكا وحلفاءها الغربيين يتناغمون -رغبة ورهبة طوعا أو كرها- في تحقيق ما سبق للحفاظ على الكيان اليهودي أمنه في حاضره ومستقبله، وإطالة مدى عمره إلى أقصى ما يمكن.

لقد اطلعت على تقارير ودراسات، وخلصت -من طرفي- إلى نتائج وتوصيات كلها تشير بجملتها إلى ما ذكرناه آنفا، وإليكم شيئا من ذلك:

◙ أولا: يذكر المفكر الفرنسي المسلم (روجيه جارودي)(1)، في كتابه (الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية) نقلا عن مجلة (كيفونيم) الصادرة عن (المنظمة الصهيونية العالمية) (2)، ما نصه: ينبغي أن يكون تقسيم مصر إلى دويلات منفصلة جغرافيا هو هدفنا السياسي على الجبهة الغربية خلال سنوات التسعينيات، وبمجرد أن تتفكك أوصال مصر وتتلاشى سلطتها المركزية، فسوف تتفكك بالمثل بلدان أخرى مثل: ليبيا والسودان وغيرهما من البلدان الأبعد.

     ومن ثم تشكيل دولة قبطية في صعيد مصر، فضلا عن كيانات إقليمية أصغر وأقل أهمية، من شأنه أن فتح الباب من تطور تاريخي لا مناص من تحقيقه على المدى البعيد، وإن كانت معاهدة السلام قد أعاقته في الوقت الراهن.

◙ ثانيا: ومن جانب آخر أكد الباحث الأسكتلندي «توماس براون» المهتم بشؤون المشرق الإسلامي في خبر نشرته صحيفة (جلاسكو هيرالد) الأسكتلندية، أن (سي آي إيه) أعدت خطة بعيدة المدى تم البدء فيها من سنوات بهدف حصر مصر والتهامها عسكريا. وبين (توماس) أن أمريكا ستحقق ذلك من خلال :

- احتلال إقليم دارفور غربي السودان، لتكون قاعدة عسكرية أمريكية هامة، قوامها من 100 إلى 200 ألف جندي أمريكي.

- ومن خلال إثارة الفوضى في مناطق السلطة الفلسطينية والضغط على عباس للموافقة على نشر قوات دولية بقطاع غزة الموازي للحدود المصرية؛ لتكون قاعدة أمريكية تحاصر الجمهورية العربية المصرية تحسبا لأي علاقات مضطربة مصريا إسرائيليا أو أمريكيا، وقد حدد للخطة مدة زمنية بـ(7) سنوات، تنتهي عام 2015م، وذكر أن الولايات المتحدة أعدت قائمة مفصلة بأنواع الأسلحة المناسبة لطبيعة المواقع التي ستستغلها قواعد عسكرية جديدة لها.

- وأما المسوغ الآخر للتدخل الأمريكي في الشأن المصري، هو الدفع بفوضى خلاقة وافتعال أزمات سياسية ودينية وعرقية، ليكون كل ذلك سببا في تقسيم مصر.

◙ ثالثا: ومثلها دراسة أعدها البنتاغون باسم (الشرق الأوسط الجديد) أشرف عليها (4) وحدات تضم (120) خبير استراتيجي في (432) صفحة، صنفت الدراسة الجيش المصري ضمن مجموعة جيوش قوية ينبغي القضاء عليه، كما تم القضاء على الجيش العراقي سابقاً.

      وأعدت الدراسة 69 سيناريو متوقعاً لمواجهة شعوب المنطقة، وأشارت الدراسة إلى أسماء شخصيات سياسية وعسكرية تعمل بمنهج مباشر وغير مباشر، كل ذلك ليتسنى للأمريكان المزيد من التدخل في شؤون الدول العربية المخترقة أمنيا، الساقطة تنمويا، المضطربة استراتيجياً.

     لتكون هذه الكيانات ذات الطابع العرقي والديني والسياسي المصطنعة على أعين وبإرادة وإدارة أمريكية أداة طيّعة للغاية في يد المستعمر الجديد، بعد أن تسلب منها عذريتها و كامل قوتها.

◙ خامسا: وهو المقال الوقح والمعنون بـ(حدود الدم) الذي كتبه الجنرال الأمريكي المتقاعد (رالف بيترز)، ونشر في المجلة العسكرية الأمريكية المتخصصة (أرمد فورسز جورنال) أشار فيه بضوح بل وأرفق مع المقال خريطة للمنطقة العربية لكن بشكلها الجديد أو (سايكس - بيكو) جديد الذي يريده الأمريكان ليتناسب مع المرحلة الاستعمارية الجديدة ومتطلباتها العسكرية والسياسية والاقتصادية وما يتعلق بها من قوى جديدة في المنطقة، قائمة على أساس عرقي وطائفي وحزبي، غير أنه لم يعرج على الخريطة المصرية وحدودها السياسية الحالية، ولا يعني ذلك أنها في مَنَعَةٍ عن الأهواء و العبث السياسي الأمريكي أو وجوه السياسة الأمريكية الكالحة والمنافقة في منطقتنا التي ركلتها الإدارة الأمريكية في بصطارها(3)، لما انتهت صلاحياتهم.

     ومن جانب آخر يجب أن يعلم أن الإدارة الأمريكية متخبطة في قراراتها، مضطربة في سياستها، وأن بعض الأحداث في منطقتنا تسير على غير هواها، تترقب -أحيانا- النتائج لتبني عليها، لكنهم ومهما علا شأنهم إلا أن ربك لهم بالمرصاد، قال تعالى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ۚ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} (الأنفال:30).

     وفي الختام : وصيتي إلى إخواني في الأحزاب السياسية ذات التوجهات الإسلامية أو الوطنية وعامة الشعب المصري إلى إدراك شيء من المكيدة التي تراد بمصرنا العزيزة، وقطع الطريق على خصومها باللحمة من خلال تحقيق قوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } (آل عمران:103)، حتى لا تكون مصر ليبيا الثانية.

الهوامش:

1- فيلسوف و كاتب فرنسي.اعتنق الإسلام عام1982حكمت محكمة فرنسية على جارودي بتهمة التشكيك في محرقة اليهود في كتابه (الأساطير المؤسسة لدولة إسرائيل)؛ حيث شكك في الأرقام الشائعة حول إبادة يهود أوروبا في غرف الغاز على أيدي النازيين. وقد نال جارودي جائزة الملك فيصل العالمية سنة 1985 عن خدمة الإسلام وذلك عن كتابيه (ما يعد به الإسلام) و (الإسلام يسكن مستقبلنا) و لدفاعه عن القضية الفلسطينية.

2- الصادرة في القدس، العدد 14، فبراير 1982م، ص 49-59.

3- الحذاء الذي يلبسه العسكر.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك