رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عيسى القدومي 25 يونيو، 2012 0 تعليق

المحرومون مـن أجـر الصدقـة

 

 إن الصدقة من النعم التي أنعم الله بها على عبيده، فبها ينال المتصدق الأجر والمثوبة من الله تعالى، وبها يبارك الله للمتصدق في ماله ونفسه وعياله، وبها يهنأ بما رزقه الله من خير ومال، وبها يشعر بالسعادة والطمأنينة والرضا النفسي ومتعة الحياة، فمتعة الصدقة لا ينالها إلا من مارسها، فالصدقة لها في النفس متعة حُرِم منها من لم يتصدق.

        والمحروم من حرم الأجر والسعادة والاطمئنان والرضا النفسي، وذلك لا يتحقق لصاحب المال إن لم يتصدق، فكم من صاحب مال محروم من أجر الصدقة؛ لأنه لا يتصدق من ماله! وكم من محروم من السعادة واللذة التي يحس بها المتصدق بعد صدقته! وكم هو محروم من الاطمئنان والرضا النفسي الذي يشعر به المتصدق الذي يرسم الابتسامة على وجوه الآخرين!

        والمحروم من الصدقة يحرم من دخول باب في الجنة يدعى باب الصدقة، يدخل منه المتصدقون، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله [ قال: «من أنفق زوجين في سبيل الله، نودي في الجنة: يا عبد الله، هذا خير، فمن كان من أهل الصلاة دُعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دُعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة دُعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام دُعي من باب الريان»(1).

        والسعادة في المال، لا ينالها إلا من أسعد به غيره، وعمل بهذا المال ولو بجزء منه لإسعاد الآخرين، وأن يرى الابتسامة على وجوههم. والصدقة توفيق من الله تعالى، يتطلب من باذلها شكر الله تعالى أن وفقه للصدقة بعد أن يتصدق.

        ومن نعمة الله عز وجل على العبد أن يكون ذا مال، ومن تمام نعمته عليه فيه أن يكون هذا المال عوناً له على طاعة الله، قال صلى الله عليه وسلم : «نعم المال الصالح للمرء الصالح».(2) وصاحب الصدقة يبارك له في ماله كما أخبر النبي  صلى الله عليه وسلم  بقوله: «ما نقص مال من صدقة»(3).

       والمتصدق في ظل صدقته يوم القيامة كما في حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله  صلى الله عليه وسلم  يقول: «كل امرئ في ظل صدقته، حتى يقضى بين الناس»(4).

وفي الوقف انشراح الصدر، وراحة القلب وطمأنينته، ومعايشة نفعه للجهات الموقوف عليها.

         والمحروم من حرم الذكر الحسن، والدعاء والثناء على ألسنة الناس؛ ولهذا سميت صدقة؛ لأنها تدل على صدق طلب صاحبها لرضا الله تبارك وتعالى وبها ينال السمعة الطيبة إن كان عمله خالصاً لله، فعن أبي كبشة الأنماري رضي الله تعالى عنه، أنه سمع رسول الله  صلى الله عليه وسلم  يقول: «ثلاثة أقسم عليهن : ما نقص مال عبد من صدقة، ولا ظلم عبد مظلمة فصبر عليها إلا زاده الله عزا، ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر» (5)، حديث جمع بلاغة الأسلوب، وسهولة المعاني، والترغيب والتشويق لثلاثة خصال حميدة وأخلاق كريمة، أولها: الإحسان بالصدقة، وثانيها: الصبر على الظلم، وثالثها: الاستعفاف عما بأيدي الناس. والصدقة لها بركة، فهي لا تنقص المال بل تزيده حسا ومعنى، فكيف إن كانت الصدقة مما يحبس أصلها ويصرف من ريعها ففضلها أكبر وأثرها أكبر.

         فالواجب على المسلم شكر النعم، ومن شكرها تخصيص جزء من أمواله وجعله فيما يعود عليهم بالنفع العاجل والآجل، والصدقة في حال الصحة والقوة أفضل من الوصية بعد الموت أو حال المرض والاحتضار، كما في قوله صلى الله عليه وسلم : «أفضل الصدقة أن تصدَّق وأنت صحيحٌ شحيحُ، تأمل الغنى وتخشى الفقر، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا ولفلان كذا، ألا وقد كان لفلان كذا»(6).

حقاً إن من حرم الصدقة فقد حرم أجراً عظيماً.

الهوامش:

1- أخرجه البخاري في صحيحه برقم: 1897، ومسلم في صحيحه برقم 1027. وفي صحيح النسائي للألباني برقم 3135. وصحيح الترمذي للألباني برقم 3674.

2- صحيح الأدب المفرد، للألباني، برقم 229.

3- أخرجه مسلم في صحيحه، برقم 2588.

4- صحيح الجامع، للألباني، برقم 4510.

5- أخرجه الترمذي في سننه، برقم 2325

6- صحيح الجامع، للألباني، برقم 1111.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك