رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: محمد أحمد العباد 25 أغسطس، 2015 0 تعليق

المجموعة البهية من ألقاب المسائل الفقهية (10)

هذه المقالة العاشرة ضمن سلسلة مقالات تدور حول بعض المسائل المنصوصة في كتب الفقهاء بألقابٍ وتسمياتٍ مخصوصة، إما تمييزاً لها عن غيرها من المسائل، أو لخروجها عن القواعد المطَّردة والأصول المقررة لدى بعض الأئمة، أو نسبةً للمفتي في تلك المسألة أو للمستفتي أو لعبارةٍ وردت ضمن الفتوى، أو لغير ذلك من الأسباب، وقد أعرضتُ عن المسائل المتعلقة بأحكام المواريث؛ حيث أفردها بعض أهل العلم، فاكتفيت بالمسائل الفقهية في الأبواب الأخرى، واجتهدتُ في إيضاحها وإيجازها بغير إطالةٍ تؤدي إلى الملالة، ورتبتها على حروف المعجم، فإلى المادة:

1 – مسألة (الممحوات الأربع):

     هي أربع مسائل دوَّنها ابن القاسم عن شيخه الإمام مالك ثم أمره الإمام مالك بمحوها، وهي مذكورة في المدونة وهذه نصوصها بحسب ترتيبها في المدونة:

1 – جاء في (المدونة) (1/547) لسحنون قال: «قلت لابن القاسم: أرأيتَ الأضحيةَ إذا وَلَدَت، ما يُصنع بولدها في قول مالك؟» فأجاب ابن القاسم قائلاً: «كان مالك مرةً يقول: إن ذَبَحَهُ فحَسَنٌ، وإن تَرَكَهُ لم أرَ ذلك عليه واجباً، لأن عليه بدل أمه إن هلكت، فلما عرضتُهُ على مالك قال: «امحُ، واترك منها: إن ذَبَحَهُ معها فحسنٌ».

2 – جاء في (المدونة) (1/613) عن ابن القاسم أنه قال: «بلغني عن مالك أنه سُئِل عن رجل حلف ألا يكسو امرأته، فافتَكَّ لها ثياباً كانت رهناً، فقال مالك: «أراه حانثا»، ثم قال ابن القاسم: «وقد عرضت هذه المسألة على مالك فأنكرها، وقال: «امحها»، وأبى أن يجيب فيها بشيء». اهـ

3 – جاء في (المدونة) (2/170 باختصار) لسحنون قال: «في نكاح المريض والمريضة قلت لابن القاسم: أرأيت المرأة تتزوج وهي مريضة(1) أيجوز تزويجها أم لا؟!

فقال ابن القاسم: لا يجوز تزويجها عند مالك.

قلت: فإن صحت أيثبت النكاح؟

فقال ابن القاسم: كان مالك مرة يقول يفسخ، ثم عرضتُهُ عليه فقال امحه».

4 – جاء في (المدونة) (4/543) لسحنون قال: «قلت لابن القاسم: أرأيت إن سرق واليمينُ شلاّء؟ فقال: عرضناها على مالك فمحاها وأبى أن يجيبنا فيها بشيء، ثم بلغني عن مالك أنه قال: تُقطَع يده اليسرى». اهـ

وهذه المسائل الأربع قد نظمها(2) بعضهم مبيناً الراجح منها والمرجوح في مذهب المالكية، فقال:

المحو في الأَيْمانِ والأضاحي... وفي كتاب القطعِ والنكاحِ

والراجحُ المحوُ في اثنتينِ... قطعٌ وأَيْمانٌ بغيرِ مَيْنِ

ثم الذي أُثبِتَ في الأضاحي... تأكيدُ ندبِ ذبحِهِ يا صَاحِ

والمحو في الأيمان حنثه إذا... لم ينو شيئا وهو قول محتذا

2 – مسألة (النُّصوص):

     ينص فقهاء الشافعية على أن مما تنقضي به عدة المرأة هو: وضع مولود ولو كان ميتاً أو كان مضغة فيهما صورة آدمي ولو خفيفة، ولكن صورة مسألة (النصوص) المرادة هنا - كما في (الإقناع) للخطيب الشربيني (2/467) – هي: «إن لم يكن في المضغة صورةٌ، لا ظاهرة ولا خفيَّة، ولكن النساء اللاتي يولِّدنَ المرأة قلن عن تلك المضغة: «إنها أصل آدمي ولو بَقِيَتْ لَتَصَوَّرَتْ» فهنا انقضت العدة بوضعها على المذهب المنصوص لحصول براءة الرحم بذلك، وهذه المسألة تسمى مسألة النصوص». اهـ

     وسبب تسميتها بذلك هو ورود نصوص عن الشافعي ظاهرها التعارض والاختلاف ؛ فإنه نص هنا على أن تلك المضغة معتبرة حين جعل العدة تنقضي بها، وفي مواضع أخرى ألغى اعتبارها فنَصَّ على أنه لا تجب في إسقاط تلك المضغةِ الغرَّةُ(3)، وأنه لا يثبت فيها الاستيلاد(4)، وقد وجَّه الشافعية هذا الاختلاف بتوجيهات فلتُراجَع في مواضعها(5)، والله أعلم.

الهوامش:

1- يعني المرض الذي يُتوَقَّع معه الموت.

2- انظر: منح الجليل شرح مختصر خليل (9/294)، شرح الزرقاني على مختصر خليل (3/68).

3- الغرة هي ضمانٌ مالي يجب دفعه في الجناية على الجنين، وتبلغ قيمتها نصف عشر الدية، وهي خمس من الإبل أو خمسمائة درهم. انظر: الموسوعة الفقهية الكويتية (21/45).

4- بمعنى أن الأمة إذا أسقطت مثل تلك المضغة لا تكون أم ولد لسيدها ولا تأخذ أحكام أمهات الأولاد.

5- انظر مثلاً: العزيز شرح الوجيز للرافعي (9/448)، النجم الوهاج للدميري (8/585)، مغني المحتاج للشربيني(5/85).

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك