رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: محمد أحمد العباد 1 سبتمبر، 2015 0 تعليق

المجموعة البهية من ألقاب المسائل الفقهية (11 والأخيرة)

هذه المقالة الحادية عشرة ضمن سلسلة مقالات تدور حول بعض المسائل المنصوصة في كتب الفقهاء بألقابٍ وتسمياتٍ مخصوصة، إما تمييزاً لها عن غيرها من المسائل، أو لخروجها عن القواعد المطَّردة والأصول المقررة لدى بعض الأئمة، أو نسبةً للمفتي في تلك المسألة أو للمستفتي أو لعبارةٍ وردت ضمن الفتوى، أو لغير ذلك من الأسباب، وقد أعرضتُ عن المسائل المتعلقة بأحكام المواريث؛ حيث أفردها بعض أهل العلم؛ فاكتفيت بالمسائل الفقهية في الأبواب الأخرى؛ واجتهدتُ في إيضاحها وإيجازها بغير إطالةٍ تؤدي إلى الملالة، ورتبتها على حروف المعجم، فإلى المادة:

 1 – مسألة (الهدم):

     صورة المسألة هي فيما لو تزوج رجل بامرأة ثم بانت منه بينونة صغرى وذلك كأن يطلقها مرة واحدة أو مرتين فقط، ثم يتزوجها رجلٌ آخر فيفارقها، فهنا لو عادت تلك المرأة إلى زوجها الأول هل تعود على ما بقي له من تطليقات؛ بحيث لو كان – مثلاً - قد طلقها مرة واحدة في زواجهما الأول هل يتبقى له في زواجهما الثاني طلقتان فقط؟ أم أن الزواج الثاني يهدم ما سبق، ويكون للزوج ثلاث تطليقات مرة أخرى؟ يقول الزركشي في (شرح مختصر الخرقي)(5/437): «هذه المسألة الملقبة بـ(الهدم) وهو: أن نكاح الثاني هل يهدم طلاق الأول؟». اهـ، والذي عليه بعض الصحابة كعمر بن الخطاب ](1) وعليه الجمهور من فقهاء المذاهب الأربعة هو أنه يعود على ما بقي له من تطليقات(2)، وذهب بعض الفقهاء وعلى رأسهم عبد الله بن عمر في قول(3) وعبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - أنها تعود بثلاث تطليقات جديدة(4) وهو قول في بعض المذاهب الفقهية، والله أعلم.

2 – مسألة (ولد الأعيان):

     وهي مسألة تأتي ضمن أحكام الوقف، وهي تعني أن الشخص إذا أوقف عقاراً مثلاً في مرض موته من ثلث التركة وجعله على وَرَثَتِهِ وقال: «هو وقف على أولادي وأولاد أولادي وذريتهم وعقبهم» والمراد بـ(أولاد الأعيان) هنا هم أولاد الرجل المُوقِف من صُلبِهِ وهم الذين إذا ماتوا رجع الوقف لأولادهم(5)، ويقول الرجراجي شارح المدونة في (مناهج التحصيل) (9/340): «واعلم أنها من المسائل التي يتَّسِع فيها المقال، ويتفرعُ فيها السؤال، ويدق فيها الفهم، ويتَّسع الوهم، وقد قال سحنون: إنها من حِسانِ المسائل». اهـ ثم شرع الرجراجي في بيان المسألة وفقهها وأقسامها وكيفية حسابها في أكثر من 10 صفحات فلتُراجع(6)، والله أعلى وأعلم.

الخاتمة:

     فهذا آخر ما استحضَرَتهُ يَدُ الاستعجال، ووَسِعتهُ الفِكرةُ على ضِيقِ المجال، من المقالات الندية في ألقاب المسائل الفقهية، فرغتُ منها وأنا تحت حَجَر الارتحال، ومنتقلٌ في تصاريف الغربة من حالٍ إلى حال، وقد أبعَدَت غُربَةُ الأسفار عني الكُتُبَ والأسفار حتى امتنع صُبحُ المطالَعَاِ عن الإسفار، ورغم ذلك كلِّه فقد وفَّت تلك المقالات بشيءٍ من المطلوب، وجَرَت على مساقٍ مستحسنٍ في الترتيب والتقريب، وبلوغُ التمام شيءٌ لا سبيل إلى ادِّعائِه، والقوة عاجزةٌ عن حمل أعبائه، وإنما الأعمالُ بالنيات، وترتيبُ الحسناتِ على حُسْنِ الطَّوِيّات، فأسأل الله أن يرزقني ومن يقرأ قصداً نافعاً يوم المآب وسبيلاً موصلاً إلى الثواب، وصلى الله على سيدنا محمد النبي المصطفى وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الهوامش:

1- انظر: مصنف عبد الرزاق (6/354)، مصنف ابن أبي شيبة (5/102)، سنن سعيد بن منصور (1/399 - 400).

2- انظر: الموسوعة الفقهية الكويتية (29/50)، السيل الجرَّار للشوكاني (2/374).

3- انظر: مصنف عبد الرزاق (6/354).

4- انظر: مصنف ابن أبي شيبة (5/102)، سنن سعيد بن منصور (1/399 - 400).

5- انظر: شرح مختصر خليل للخرشي (7/85).

6- وانظر في المسألة أيضاً: البيان في مذهب الإمام الشافعي (8/72)، مختصر اختلاف العلماء للطحاوي (4/165). 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك