المجازر في سوريا والدور الروسي – الإيراني في تفاقمها
يتعرض الشعب السوري الأبي لمؤامرة دولية تقودها روسيا والصين بتواطؤ أمريكي صهيوني بدعوى أن النظام القادم لن يكون مثل النظام الحالي في حماية حدود الكيان الصهيوني، بينما تظل روسيا والصين متمسكتين بهذا النظام لأسباب اقتصادية، ومعروف الدور الروسي في قمع المسلمين في الشيشان وغيرها من الجمهوريات الإسلامية، والمدرسة الروسية في إبادة الشعوب معروفة عبر التاريخ؛ حيث إنها تستخدم التدمير الشامل الذي لا يفرق بين المقاتلين والمدنين أطفالا كانوا أو شيوخا، وفعلتهم الشنيعة في (جروزني) ليست عنا ببعيدة، وهاهي ذي تنفذ السياسة نفسها في سوريا وتدافع عن هذا النظام الطائفي الحاقد الذي يستخدم سياسة الأرض المحروقة بدعم طائفي من الجمهورية الفارسية وجميع التشكيلات الطائفية المتواجدة في المنطقة التي تأتمر بأوامر الدولة الصفوية، وقد اتضح للجميع أن هذه الدولة تنفذ مخططا صفويا منذ مجيئها إلى الحكم وتسعى إلى السيطرة على العالم الإسلامي رغم تبجحها بالدفاع عن قضايا المسلمين كذبا وزورا، بل نجد أن التاريخ يعيد نفسه، لأننا أمام إعادة إنتاج أفعال القرامطة وسياسات عباس الصفوي وخلفائه لتدمير الخلافة العثمانية وتحالفه مع البرتغاليين والروس ضدها، وهاهي إيران وأذيالها في المنطقة يتحالفون مرة مع الأمريكان لاحتلال أفغانستان والعراق ومرة مع الروس لإبادة أهل سوريا.
وفي هذا الصدد يقول علي بن جابر بن سالم الفيفي: إن هذه الحرب الدائرة اليوم في سورية، ليست بين بشار المجرم وشعبه، فبشار سقط بسقوط أول قتيل سوري (نسأل الله لهم الشهادة)، وهي ليست حرب مصالح سياسية ونفوذ إيراني في المنطقة فحسب، ولكنها حرب بين الإسلام والكفر، والتوحيد والشرك، والعرب والفرس، وسورية التي تدار فيها المعركة هي مركز ونقطة سينبني على نتائج معركتها تغير جذري بين القوى في الشرق الأوسط بل في العالم بأسره، فسورية بموقعها ستكون إما الحامي لدولة يهود وإما طريق الفاتحين إليها، وسورية ستكون معقل الدول المسلمة وقوتها إذا ما سقط بشار -إن شاء الله تعالى-، وهي أيضا ستكون شوكة في خاصرة هذه الدول إذا ما استمر بشار. وعلى هذا فالحرب هناك حرب كبرى لا يجوز بأي حال أن تقاس على ثورات تونس ومصر واليمن وليبيا.
إن إيران الصفوية تستميت بكل طاقاتها للحيلولة دون سقوط نظام بشار، وفي سبيل ذلك ستضحي بكل شيء؛ ولهذا فإن من يقود الحرب هناك ضد الشعب السوري الأبي جزء من الحرس الثوري الايراني مع بعض الفيالق العراقية فضلاً عن حزب اللات الذي كان بعض من بني جلدتنا يتغنى ببطولاته في لبنان!
إن الوضع في سورية على ما يبدو لن يخرج عن أمرين:
الأول: سقوط بشار ونظامه النصيري وهو مايعني أن تتراجع إيران إلى خندقها الأول، وهي لن تقف صامتة حتى يحدث ذلك بل سوف تستميت في سبيل بقاء مشروعها الصفوي ولو بالسعي إلى نشر الفوضى في الدول المسلمة إما بالتفجير أو الثورات أو حتى بترويج المخدرات، فضلاً عن زيادة الفوضى في الدول التي وقعت فيها الثورات حتى تبقى الأمور في هرج ومرج، وسيكون في سلم أولويات إيران بالطبع مصر والسعودية، بصفتهما الأكثر تأثيرا في المنطقة.
الثاني: القضاء على الثورة السورية المباركة وإحياء حكم الأسد من جديد ولو على جثث الآلاف من شعبه وحينها لن نستطيع أن نقول: إلا ويل ثم ويل ثم ويل للمسلمين والعرب من دولة (...بني ساسان)، وذلك لأن إيران كما هو المشاهد قد استولت على العراق وجعلته أشبه بمدينة تابعة لها، وهي التي كانت يوما ما سدنا المنيع وبابنا المحكم أمام الأحقاد والأطماع الفارسية الصفوية، وإضافة للعراق فهي أيضا تأخذ نصيبها في السيطرة على لبنان عبر الابن المدلل زعيم حزب الشيطان، ولئن ظفرت بسورية مرة أخرى فالنتيجة تعني بكل بساطه أننا على موعد مع استعباد فارسي للدول المسلمة وفي مقدمتها دول الخليج التي لن تستطيع أن تفعل شيئا أمام دولة حاكمها في طهران وأتباعها يمتدون إلى العراق ولبنان وسورية مع عملائهم الذين ينتظرون الفرص في الدول الأخرى.
وفي المقابل فلو انتصرت الثورة السورية فإن حزب اللات في لبنان سوف يتلاشى أو على الأقل يتقهقر وسيعود العراق- إن شاء الله- كما عهدناه عربيا قويا ولاسيما أننا نرى حجم الغضب الشعبي العراقي ضد أذيال إيران القابعين في الحكم.
إن إيران الصفوية تسير قدما ليس عبر تحالفاتها السياسية وقوتها العسكرية فحسب، وإنما هي تسعى سعيا حثيثا في نشر مذهبها الطائفي، وهي تحقق نجاحات باهرة في ذلك رغم ما يعتريه من تناقضات لايتقبلها حتى عقل الطفل الصغير، ويأتي هذا الانتشار والتوسع في ظل خلو الفضاء الدعوي من المنافس السني الذي اختفى أو أوشك أن يختفي بعد أحداث 11 سبتمبر وما تبع ذلك من محاربة للدعوة الإسلامية الصحيحة وخلط الأوراق، حتى أصبح المذهب السني يقاتل في سبيل أن يحافظ على مكتسباته وهو الذي كان قبل ذلك يبعث الحياة في غيره ويتقدم خطوات كبرى إلى الأمام، فخلت الساحة للدعوة الصفوية لنشر فكرتها في أنحاء أفريقيا وأوروبا والدول الإسلامية بلا استثناء.
الكلام المسطور أعلاه لم يعد - في أغلبه - خافيا ولله الحمد على أحد اليوم، وليس هناك عاقل اليوم يتجاهل الخطر الإيراني على المسلمين ودول الإسلام عامة، ولقد مضى زمن كنا نقول فيه مثل هذا الكلام ونشير له، وكانت الردود تتوالى ضد ما نقول إما بالتعجب أو ادعاء تضخيم الأمور أو التهمة الجاهزة المعلبة ((عقدة المؤامرة))، ومع ما كان يسنده من الحقائق إلا أنه كان يضيع ويتلاشى. أما اليوم فإن ما كان مرفوضا وغير مصدق بالأمس أصبح اليوم حديث المجالس والقنوات والندوات والصغار والكبار ومرتادي الثقافة والبسطاء من الناس.
ومع أن الناس أصبحوا يشعرون بمدى الخطر الإيراني إلا أن كثيرا منهم ما زال يتصور أن الخطر فقط من دولة إيران نفسها، وبعضهم غير ملم بحقيقة الخلاف العقدي بيننا وبينهم، بينما الحقيقة أكبر من هذا كله، والخطر المحدق بنا هو خطر فارسي مجوسي حاقد يختفي خلف شعارات حب آل البيت وعودة دولة العبيدية ليلعب بذلك على عواطف الناس.
لاتوجد تعليقات