رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: ذياب أبو سارة 23 ديسمبر، 2024 0 تعليق

المتاحف الإسلامية نوافذ الحضارة وعبق التاريخ الحلقة الأولى

  • تمثل المتاحف الإسلامية مراكز أساسية للحفاظ على التراث الإسلامي الغني والمتنوع وتوثيق الحضارة
  •  المتحف منـشـأة علميـة وثقــافيـة نشأت نتيجة لتجميع مقتنيات عديدة بغية المحافظة عليها وقد شهد تطورات متسارعة جعلت منه  مركزاً خاصاً يضم تحفاً ونوادر ومقتنيات تبرز حضارة  الإنســانيــة فـي  مجالات مختلفة
  •  تسهم المتاحف الإسلامية في تعزيز الوعي بقيم الإسلام وتراثه من خلال المقتنيات التي تحمل قيمة تاريخية ودينية مثل المصاحف والمخطوطات وغيرها من المقتنيات التراثية
  • ربط المتحف بـ«الإسلامي» يحدد ماهية هذا المتحف والتخصيص بمثابة التصنيف العام الذي يمكن أن يقسم بعد ذلك بحسب اختصاصه
  • مع زيادة التحديات التي تهدد التراث الإنساني تُبرز المتاحف الإسلامية أهمية قصوى في حماية التراث الإسلامي من التلف والضياع
  • تمثل المتاحف الإسلامية شواهد حية على العطاء الحضاري الإسلامي الذي امتد عبر القارات وترك بصمته في مختلف المجالات من خلال مقتنياتها وبرامجها التعليمية
  • المتاحف الإسلامية هي رموز تعكس الجوانب الدينية والثقافية للإسلام ولا سيما عند عرض المصاحف والمخطوطات النادرة والآثار المتنوعة
  •  تعرض المتاحف الإسلامية تاريخ الإسلام مما يعزز من فهم الجيل الحالي لتاريخ دينهم كما تقدم السياق التاريخي للقطع الأثرية لبيان تطور الثقافة الإسلامية
  •  تشجع المتاحف على التفاهم بين الثقافات من خلال عرض التنوع الحضاري في الإسلام، كما تُظهر تأثير الحضارة الإسلامية على العالم بأسره بما في ذلك الغرب
  •  دار الآثار الإسلامية في الكويت مؤسسة ثقافية قامت على أساس الترويج لمجموعة الصباح للفنون الإسلامية التي تُعد إحدى أروع مجموعات الفن الإسلامي
  • تُعد المتاحف الإسلامية أدوات قوية للدبلوماسية الثقافية حيث يمكنها تعزيز الفهم المتبادل بين الشعوب
  •  يعدّ معرض السيرة النبوية في المدينة المنورة واحدًا من أبرز المعارض الإسلامية التي تستهدف عرض السيرة والحضارة الإسلامية عرضاً متكاملاً باستخدام وسائل التقنية الحديثة
   

تمثل المتاحف الإسلامية مراكز أساسية للحفاظ على التراث الإسلامي الغني والمتنوع؛ فهي توثق الحضارة الإسلامية عبر العصور، وتعرض إنجازاتها في مجالات متعددة مثل الفنون، والعلوم، والدين، والآداب، وتسهم تلك المتاحف في تعزيز الوعي بقيم الإسلام وتراثه من خلال المقتنيات التي تحمل قيمة تاريخية ودينية، مثل المصاحف النادرة ومخطوطات السنة النبوية الشريفة وغيرها من المقتنيات الإسلامية التراثية.

 

التعريف وأصل التسمية:

        يمكننا وصف المتحف بأنه المكان الذي توضع فيه الأشياء ذات القيمة الكبيرة، وقد سُمي المتحف في اللغة الانجليزية باسم (museum) وهي كلمة مشتقة من الكلمة اليونانية (ميزيون) ومعناها (دولة الشعر والأدب والفكر)، ونجد أن المتحف -قديماً- لم يكن بالشكل المتعارف عليه الآن من اقتناء التحف والأشياء الثمينة؛ فقد يطلق على المكان الذي يحتوي على الكتب وأدوات الفلك والجراحة، ولكن مفهوم المتحف اليوم ممكن وصفه على أنه أحد الوسائل التعليمية لتفعيل تدريس مادة التاريخ، لتجسيد الوقائع أمام الطلاب وإتقان فهمها، وأيضا يمتد ليشمل المكان السياحي الترفيهي الذي يقبل السياح على زيارته عند وجوده في رحلة سياحية في أي بقعة من بقاع العالم ؛ حيث تمده بالمعلومات الثقافية عن حضارة البلد التي يسافر إليها.. ولتعميق فكرة الانتماء الاجتماعي للأفراد من خلال تعرفهم على حضارتهم وتاريخهم. فالمتحف منشأة علمية وثقافية، نشأت نتيجة لتجميع مقتنيات عديدة؛ بغية المحافظة عليها، وتشمل التراث الإنساني ومجموعات التاريخ الرباني أو الصور، وقد طغت عليه النظرة الكلاسيكية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، ليصبح بعد ذلك مبنىً مستقلا، صُمم خصيصاً ليحتوي على الأشياء التي كانت تعرض عشوائيا تلبية لرغبات ممتلكيها من النبلاء والحكام، ثم شهد تطورات متسارعة جعلت منه مركزاً خاصا يضم تحفاً ونوادر ومقتنيات تبرز حضارة الإنسانية في مجالات مختلفة. وقد أعطى المجلس الدولي للمتاحف أول تعريف للمتحف سنة 1948، بعدما وضعت تعديلات عدة على هذا التعريف لتتناسب وتطور المتاحف وإدراج منشآت متحفية جديدة، فجاءت الصيغة الجديدة كما يلي: «المتحف هو معهد دائم، دون هدف ربحي، في خدمة المجتمع وتطوره، مفتوح أمام الجمهور، وتجري فيه البحوث المخصصة للشواهد المادية للإنسان وبيئته، يجمعها ويحفظها ويقدمها للجمهور؛ بهدف الدراسة والتعليم والترفيه». أما الموسوعة العربية العالمية فقد عرفت المتحف، بأنه: «دار لحفظ الآثار القديمة، والتحف النادرة، وروائع المنحوتات، واللوحات الفنية، وكل ما يتصل بالتراث الحضاري، وعرضه للجمهور، وقد يضم المتحف أعمالا علمية، وأعمالا فنية، ومعلومات عن التاريخ والتقنية، وكذلك تقدم المتاحف معلومات للباحثين والطلاب وغيرهم». أما ربط المتحف بـ«الإسلامي»، فإنه يحدد ماهية هذا المتحف؛ حيث يمكن اعتبار هذا التخصيص بمثابة التصنيف العام الذي يمكن أن يقسم بعد ذلك بحسب اختصاصه، فلا يمكن إدخال المتحف الإسلامي ضمن أي قسم معين، كقسم الآثار أو الفن، أو العلوم الكونية أو الطبية، بل هو قسم مستقل يضم مجموعة من التصنيفات هي: قسم المخطوطات، وقسم الآثار، وقسم الفنون، وقسم العلوم الطبية والكونية... وهكذا.

أنواع المتاحف

لعل من معايير التصنيف الأولى للمتاحف التمييز بين متاحف الفنون الجميلة والفنون التطبيقية والآثار والتاريخ والأنثروبولوجيا والعلوم الكونية والمعرفة والتكنولوجيا، والمتاحف الإقليمية المحلية والمتاحف المتخصصة. في الوقت نفسه، أدى تطور المتاحف -منذ الحرب العالمية الثانية- إلى إزالة الحدود بين التخصصات والمجموعات تدريجيا، ويبدو الآن أنه من المسوغ تقسيم المتاحف إلى الأنواع التالية:
  • المتاحف التاريخية: وتحتوي على مؤلفات قديمة وآثار تروي خلفية الأنثروبولوجيا والآثار والتاريخ.
  • المتاحف المتخصصة: تعرض الأعمال التاريخية والفنية للجمهور في المناسبات الخاصة، يُعرف نوعان من هذه المتاحف باسم المتاحف المفتوحة والمتاحف المحلية.
  • المتاحف العلمية: وتحافظ على النباتات والحيوانات والصخور والأتربة والحفريات وما لم تتدخل اليد البشرية في إنشائها، وهي أنواع مختلفة من متاحف التاريخ الرباني والحيوانات البرية والنباتات والأسماك، وتصنف المتاحف العلمية بأنها أكثر المتاحف نشاطا وحفاظا على الصيانة.
  • المتاحف الصناعية: تعرض إبداعات الإنسان الصناعية في مجالات الاختراعات والاكتشافات والسيارات والآلات وما شابه، ويطلق عليها متحف الاختراعات، ومتحف الاكتشاف، ومتحف الآلات، ومتحف المركبات وما إلى ذلك.
  • المتاحف الفنية: الأعمال والآثار الجميلة المتعلقة بالرسم والعمارة والنحت والفنون الزخرفية والحرف اليدوية، والأجهزة المنزلية، ومتحف الخط، والكتب والتجليد، ومتحف السيراميك والبلاط، ومتحف السجاد، ومتحف النحت والتطعيم، والحرف الخشبية، والأحجار الكريمة، ومتحف الأحجار الكريمة.
  • المتاحف القومية: وهي المتاحف التي تحافظ على التراث الفني للبلد الكائنة فيها؛ حيث تستمد تعريفها من الوظيفة التي تقوم بها، ويحتاج هذا النوع من المتاحف الى التحديثات المستمرة لتطوير طرائق العرض للمقتنيات والآثار التي توجد بها.
 

أهمية المتاحف الإسلامية:

        تمثل المتاحف الإسلامية شواهد حية على العطاء الحضاري الإسلامي الذي امتد عبر القارات، وترك بصمته في مختلف المجالات، من خلال مقتنياتها وبرامجها التعليمية والتقنية الحديثة، وتسهم تلك المتاحف في تعريف العالم بجمال التراث الإسلامي وعمقه؛ ما يعزز دوره في بناء جسور التفاهم والحوار بين الثقافات، فالمتاحف ليست أماكن لعرض المقتنيات فحسب، بل هي مدارس للهوية والتاريخ، تحمل رسالة عظيمة للأجيال الحالية والمستقبلية، ولا شك أن الحفاظ على المتاحف الإسلامية وتطويرها مسؤولية جماعية تستهدف إبقاء التراث الإسلامي حيا وملهمًا في عالم يتغير باستمرار.

دور المتاحف الإسلامية في حفظ التراث:

  1. حفظ النصوص والمخطوطات:
تسعى المتاحف الإسلامية حول العالم إلى جمع المخطوطات النادرة للقرآن الكريم والسنة النبوية، ما يضمن بقاء هذه الوثائق خالدة للأجيال القادمة، كما يتم استخدام التكنولوجيا الحديثة لحفظ هذه النصوص، مثل الرقمنة والترميم.
  1. التوثيق التاريخي:
تعرض المتاحف تاريخ الإسلام منذ نشأته وحتى الوقت الحاضر، مما يعزز من فهم الجيل الحالي لتاريخ دينهم، كما تقدم المتاحف الإسلامية السياق التاريخي للقطع الأثرية؛ مما يُسهم في استيعاب تطور الثقافة الإسلامية.
  1. التعليم والتوعية:
تعدّ المتاحف الإسلامية مصادر تعليمية قيمة للطلاب والباحثين؛ حيث توفر لهم مواد تاريخية وعلمية موثقة، وتقيم المتاحف بصفة دورية ورش عمل وبرامج ثقافية لتعزيز فهم الحضارة الإسلامية.
  1. تعزيز الحوار الثقافي:
تشجع المتاحف على التفاهم بين الثقافات، من خلال عرض التنوع الحضاري في الإسلام، كما تُظهر تأثير الحضارة الإسلامية على العالم بأسره، بما في ذلك الغرب.
  1. ربط الحاضر بالماضي
المتاحف الإسلامية لا تُعدّ فقط خزائن للمقتنيات، بل تُعد جسورًا تربط بين الحاضر والماضي من خلال تقديم قصص وروايات تفسر تطور الحضارة الإسلامية عبر العصور؛ فهي تمكّن الأجيال الجديدة من فهم الأثر العميق للحضارة الإسلامية في مجالات العلم والفن والدين.  

حفظ التراث في سياق التطور العالمي:

            مع زيادة التحديات البيئية والسياسية التي تهدد التراث الإنساني، تُبرز المتاحف الإسلامية أهمية قصوى في حماية التراث الإسلامي من التلف أو الضياع، ويجب أن تعمل هذه المؤسسات بالتعاون مع منظمات مثل: اليونسكو على توثيق القطع الأثرية المهمة وتسجيلها، لتكون جزءًا من التراث العالمي المحمي.  

دور المتاحف في الاقتصاد الثقافي:

تُسهم المتاحف الإسلامية في تعزيز الاقتصاد من خلال السياحة الثقافية؛ حيث تجذب زوارًا من مختلف أنحاء العالم؛ للتعرف على الحضارة الإسلامية، كما تسهم معارضها وبرامجها في توفير فرص عمل، مما يربط بين التراث والتنمية الاقتصادية.  

المتاحف الإسلامية رموز حضارية:

       المتاحف الإسلامية ليست مجرد مواقع عرض للآثار، بل هي رموز تعكس الجوانب الدينية والثقافية للإسلام، ولا سيما عند عرض المصاحف والمخطوطات النادرة والآثار المنسوبة إلى النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - وصحابته الكرام؛ حيث تعمل هذه الرمزية على تعزيز الشعور بالفخر لدى المسلمين وتعريف غير المسلمين بجوهر الإسلام.  

المتاحف مراكز حضارية شاملة:

تتجاوز المتاحف الإسلامية فكرة العرض التقليدي، لتصبح مراكز شاملة تجمع بين البحث العلمي، والترميم الفني، والتعليم، إضافةً إلى دورها الثقافي، فهي مراكز تُبرز كيف أسهمت الحضارة الإسلامية في إثراء المعرفة الإنسانية في مختلف المجالات.  

التحديات التي تواجه المتاحف الإسلامية:

  1. التحديات الأمنية:
تعرض بعض المتاحف للنهب أو التخريب عبر العصور التاريخية المختلفة، ولا سيما في فترات الحروب والنزاعات.
  1. الحفظ والترميم:
الحاجة إلى تقنيات حديثة للحفاظ على المقتنيات من التلف بفعل الزمن.
  1. التمويل:
تواجه بعض المتاحف صعوبة في توفير التمويل اللازم لتوسيع مقتنياتها أو تحديث أساليب عرضها.

وسائل مبتكرة في المتاحف الإسلامية:

من الوسائل المتبكرة في العرض والتقديم في المتاحف الإسلامية ما يلي:  

التكنولوجيا التفاعلية:

تعتمد كثير من المتاحف الإسلامية على تقنيات الواقع الافتراضي (VR) والواقع المعزز (AR) لتقديم تجربة غامرة للزوار، مثل رؤية كيفية صناعة المصاحف أو أدوات علمية قديمة.

التجربة السمعية والبصرية:

تسجيلات صوتية تروي تاريخ المخطوطات والأثر النبوي، فضلا عن عروض ضوئية توضّح تطور العمارة الإسلامية.

برامج تعليمية وتدريبية:

توفر المتاحف الإسلامية ورش عمل تستهدف تعليم الخط العربي، ونسخ المخطوطات، وفنون الزخرفة الإسلامية، كما تُخصص جولات تعليمية للطلاب والباحثين لرفع مستوى الوعي بأهمية التراث الإسلامي.  

أبرز الأمثلة على المتاحف الإسلامية ومقتنياتها:

دار الآثار الإسلامية - الكويت:

         وهي مؤسسة ثقافية كويتية، قامت على أساس الترويج لمجموعة الصباح للفنون الإسلامية التي تعد إحدى أروع مجموعات الفن الإسلامي في العالم، وتضم مجموعة الصباح أكثر من 30 ألف تحفة، صنعت ابتداء من القرن السابع ميلادي من مختلف أرجاء العالم الإسلامي، من إسبانيا مروراً بالهند وإيران ووصولاً إلى الصين، وتعد مجموعة الصباح العمود الفقري لدار الآثار الإسلامية، التي عمل الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح-رحمه الله-  والشيخة حصة صباح السالم الصباح على تأسيسها ورعايتها منذ سبعينيات القرن الماضي، وتعمل على دعم أنشطة دار الآثار الإسلامية منذ أكثر من 30 سنة.

معرض السيرة النبوية في المدينة المنورة:

        يحتوي المعرض على مجسمات، تقدّم وصفاً مرئيا لطريق هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، وأبرز المواقع التي مرّ بها، والأحداث التي صاحبت هجرته -عليه الصلاة والسلام-، ويتيح لزائريه مشاهدة مجسمات تقريبية، صمّمت بشكل وصفي لمكة المكرمة وللمدينة النبوية؛ لتجسّد الطبيعة العمرانية والمعالم الربانية في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك نبذة عن أهم مراحل إعمار المسجد الحرام والمسجد النبوي وتوسعتهما منذ بداية تشييدهما حتى وقتنا الحاضر. كما يحتوي المعرض على وسائل عرض حديثة لعرض الحقائق والمعلومات المتعلقة بسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - وسيرته، مع ما يتعلق بها من علوم ومعارف، من خلال مرجعية علمية، وتقديمها للناس من خلال آليات مبتكرة في البرمجة والهيكلة والتبويب والتصنيف بطرائق عرض عصرية متعددة.  

متحف الفن الإسلامي - قطر:

يُعد من أبرز المتاحف الإسلامية في العالم؛ حيث يضم أكثر من 14٫000 قطعة أثرية، تشمل مخطوطات نادرة للقرآن الكريم، خزف، ومنسوجات، وسيوف إسلامية. من أهم المقتنيات: نسخة نادرة من المصحف الأزرق المكتوب بالذهب، وأدوات علمية استخدمت في الحضارة الإسلامية، مثل الأسطرلابات.  

 المتحف الإسلامي - الشارقة:

يعد هذا المتحف من أبرز المعالم السياحية الموجودة في العالم؛ حيث يقصده الكثير من الأشخاص الراغبين بدراسة التاريخ الإسلامي العريق والتعرف على إنجازات المسلمين عبر هذا التاريخ. ويتألف متحف الفن الإسلامي في الشارقة من 5 طوابق، وقد بُني على مساحة 480.000 قدم مربع، وبتكلفة إجمالية أكثر من 300 مليون دولار.

 متحف الآثار الإسلامية - القاهرة

يُعد من أقدم المتاحف الإسلامية، ويضم أكثر من 100٫000 قطعة، ومن أبرز مقتنياته: مخطوطات قرآنية قديمة مكتوبة على الرق، وقطعا أثرية تعود إلى العصور الفاطمية والمملوكية، وأدوات علمية استخدمها علماء مسلمون.  

 متحف دار القرآن - البحرين

وهو متحف مخصص بالكامل للمصاحف والمخطوطات القرآنية؛ حيث يحتوي على مصاحف نادرة جدا، بما في ذلك نسخ قديمة من القرآن من العصر الأموي والعباسي. وسنتناول كل متحف منها بشيء من التفصيل والبيان.  

نماذج أخرى للمتاحف الإسلامية:

متحف الشيخ فيصل بن قاسم آل ثاني - قطر: يتميز بمقتنيات تمثل عصورًا مختلفة من الحضارة الإسلامية، ويحتوي على نسخة نادرة من القرآن الكريم مطبوعة في العصر العثماني.
  • متحف الملك عبد العزيز - السعودية:
يركز على التاريخ الإسلامي منذ بعثة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -، ويحتوي على مجسمات ثلاثية الأبعاد للمسجد الحرام والمسجد النبوي وتطوراتهما عبر العصور.
  • متحف توبكابي - تركيا:
كان في الأصل قصرًا عثمانيا، ويُعد الآن متحفًا غنيا بالتراث الإسلامي، ويحتوي على مقتنيات نادرة عن النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -، ومخطوطات قيمة للسنة النبوية، ومصاحف مكتوبة بخط اليد من القرن السابع.
  • متحف المتروبوليتان للفنون - نيويورك (الجناح الإسلامي):
يعرض العديد من القطع الفنية الإسلامية من إيران، وتركيا، وشمال إفريقيا، ويحتوي على منسوجات ومجوهرات تحمل زخارف إسلامية مميزة.
  • متحف اللوفر في باريس- فرنسا:
يضم المتحف قسمًا خاصا بالفن الإسلامي، ويحتوي على مجموعة قيمة من المخطوطات والآثار الإسلامية.
  • متحف الحضارة الإسلامية في برلين:
يعد متحف الفن الإسلامي في متحف (برغامون في برلين)، أكبر مؤسسة فريدة من نوعها في ألمانيا؛ حيث يمتلك المتحف واحدة من أكبر مقتنيات الفن الإسلامي في العالم، ويضم نحو 50 ألف قطعة فنية من تراث الحضارة الإسلامية، وكغيره من المتاحف التي تنتشر في المنطقة ذاتها، تشهد بوابات متحف الفن الإسلامي ازدحاماً كبيراً من طلبة المدارس والجامعات وعشاق التاريخ والباحثين عن المعرفة، وما إن تلج من بوابة المتحف -الذي احتفل أخيراً بالذكرى المئوية لتأسيسه (أنشئ المتحف في الـ18 من شهر أكتوبر في العام 1904، على يد مدير دائرة متاحف الإمبراطورية الألمانية وخبير الأرشيف والدراسات الشرقية غليوم فون بوده)-، حتى تشعر بمدى أهمية المكان الذي يلفه هدوء لافت رغم أن عدد زواره سنويا يفوق 330 ألف زائر، 60 % منهم من القادمين من خارج ألمانيا، ولا سيما من السياح العرب.  

أولا: دار الآثار الإسلامية - الكويت

           يعد متحف دار الآثار الإسلامية في الكويت أحد أبرز المؤسسات التي تستهدف حفظ التراث الإسلامي وعرضه، وقد تأسس هذا المتحف لعرض مجموعة نادرة وثمينة من القطع الفنية والتحف الأثرية التي كانت مملوكة للشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح وقرينته الشيخة حصة صباح السالم الصباح. تتميز المقتنيات بتنوعها الجغرافي والزمني؛ حيث تشمل آثارًا من القرن الثاني الهجري وحتى العصور الحديثة، مع قطع قادمة من مناطق واسعة تمتد من إسبانيا إلى الصين.

محتويات المتحف:

  • مجموعة الصباح الأثرية: تضم أكثر من 30٫000 قطعة فنية، بما في ذلك المخطوطات، والسجاد، والمجوهرات، والخزف، والآلات العلمية، والمشغولات المعدنية والخشبية.
  • القطع الأثرية الإسلامية: تتنوع بين المنمنمات، والزخارف المعمارية، والنقوش القرآنية.
  • التراث المعماري: يشتمل على نماذج من الزخارف والتصاميم الإسلامية التي تعكس جمال العمارة الإسلامية عبر العصور.

الأنشطة والجهود:

  • استضافة محاضرات ثقافية وفنية تجمع بين الأكاديميين والمفكرين العالميين.
  • تنظيم معارض متنقلة تعرض التحف الإسلامية في متاحف عالمية.
  • دعم الآثار الإسلامية وترميمها، وإرسال بعثات بحثية للتنقيب عن الآثار بالتعاون مع مؤسسات دولية.

المواقع المرتبطة:

يُعرض جزء من المقتنيات في المركز الأمريكاني الثقافي ومراكز ثقافية أخرى، مثل: مركز اليرموك، مع استمرار العمل على ترميم المتحف الوطني الكويتي لإعادة تأهيله بعد تعرضه للتدمير في أثناء الغزو العراقي.

الدور الحضاري:

         المتحف لا يقتصر على كونه مكانًا لعرض المقتنيات، بل يعد مركزًا ثقافيا يسعى لتعزيز الوعي بتاريخ الحضارة الإسلامية، وتحفيز الجمهور المحلي والدولي على استكشاف جمالياتها وفنونها، ويمكن زيارة المتحف للاستمتاع بجمال القطع الأثرية والتعرف على تاريخ غني يمتد لقرون.

رسالة المتحف وأهدافه:

يسعى المتحف الإسلامي في الكويت، من خلال دار الآثار الإسلامية، إلى أن يكون منصة تعكس غنى الحضارة الإسلامية وتراثها، عبر تقديم رؤية متكاملة لمراحل تطور الفنون الإسلامية وتأثيرها على العالم. وتتمثل أهدافه الرئيسية في:
  • الحفاظ على التراث: من خلال توثيق القطع الأثرية النادرة وعرضها.
  • التعليم والتثقيف: عبر تقديم ورش عمل، ومحاضرات، ودورات تدريبية للأطفال والبالغين حول مختلف جوانب الحضارة الإسلامية.
  • التواصل الحضاري: بتنظيم معارض ومشاركات دولية، تسلط الضوء على مساهمة الإسلام في الحضارة الإنسانية.

إنجازات متميزة:

  • المعارض الدولية:
نظم المتحف سلسلة من المعارض العالمية، مثل (الإسلام فن وحضارة) في السويد، ومعرض(كنوز الفن الإسلامي) في جنيف، الذي لاقى استحسانًا دوليا كبيرًا.
  • ورش العمل:
تقديم برامج تدريبية في الفنون الإسلامية كالنقش، والزخرفة، وصناعة الحرف التقليدية، مما يساهم في الحفاظ على الحرف اليدوية التاريخية.
  • ترميم الآثار:
يشرف المتحف على عمليات ترميم القطع الفنية، إضافة إلى دعم مشاريع الترميم في الشرق الأوسط.
  • أهمية دار الآثار الإسلامية بوصفها مؤسسة حضارية:
تعد هذه المؤسسة أكثر من مجرد متحف، بل هي محور ثقافي يساهم في تعزيز الوعي بأهمية الفنون الإسلامية وتاريخها، كما تعمل الدار على بناء جسور ثقافية بين الكويت ودول العالم من خلال مشاركاتها في المعارض الدولية وتبادل الخبرات مع المتاحف الأخرى.

جوهرة ثقافية:

         المتحف الإسلامي في الكويت جوهرة ثقافية، تعكس اهتمام الدولة بالمحافظة على التراث الإسلامي، وإبرازه عالميًا؛ وذلك بفضل مقتنياته الفريدة وجهوده الثقافية، ويعد المتحف منارة معرفية تسهم في نشر قيم الحضارة الإسلامية وتعزيز الحوار الثقافي العالمي.  

ثانيا: متحف السيرة النبوية والحضارة الإسلامية - السعودية

        يعدّ معرض السيرة النبوية في المدينة المنورة واحدًا من أبرز المعارض الإسلامية التي تستهدف عرض السيرة النبوية والحضارة الإسلامية عرضا متكاملا، باستخدام وسائل تقنية حديثة وطرائق تعليمية تفاعلية. يقع المعرض داخل الحرم المدني بجانب المسجد النبوي الشريف، ويضم مجموعة من الأقسام التي تسلط الضوء على حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - ومظاهر الحضارة الإسلامية. ويستقطب المعرض والمتحف الدولي للسيرة النبوية والحضارة الإسلامية بالمدينة المنورة -الذي تشرف عليه رابطة العالم الإسلامي- عددا واسعا من ضيوف المدينة المنورة، وقاصدي المسجد النبوي الحريصين على زيادة معرفتهم بنبي الهدى - صلى الله عليه وسلم -، وسيرته الشريفة، وهديه المستنير. ويقدم المعرض الإسلامي -من خلال جناب شخصية النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -، والتعريف بكريم آدابه، وعظيم أخلاقه، وسمو شريعته، وبث روح الحب والخير ومعاني الرحمة والإنسانية والاعتدال والتسامح والتعايش، ونشر سيرته الشريفة بين الناس، بأحدث الوسائل العصرية والفنون التقنية والعروض النوعية. ويحتوي المعرض مجسمات تقدّم وصفاً مرئيا لطريق هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، وأبرز المواقع التي مرّ بها، والأحداث التي صاحبت هجرته -عليه الصلاة والسلام-, ويتيح لزائريه مشاهدة مجسمات تقريبية صمّمت تصميما وصفيا لمكة المكرمة وللمدينة النبوية؛ لتجسّد الهيئة العمرانية والمعالم الربانية في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك نبذة عن أهم مراحل إعمار المسجد الحرام والمسجد النبوي وتوسعتها منذ بداية تشييدهما حتى وقتنا الحاضر.

أهمية المعرض

  • التعريف بالسيرة النبوية: يقدم المعرض معلومات تفصيلية عن حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -، تشمل أخلاقه، وأعماله، ومعجزاته، وفضائله، مما يتيح للزوار فرصة فهم شامل للسيرة النبوية.
  • تعزيز الوعي الإسلامي: يستهدف نشر الثقافة الإسلامية والارتباط بجوانب الحياة اليومية للنبي - صلى الله عليه وسلم -.
  • تقنيات العرض الحديثة: يستخدم تقنيات مثل الواقع الافتراضي، والتصوير التجسيمي، والبانوراما التفاعلية، مما يجعل التجربة غامرة وتعليمية.

الأقسام الرئيسية:

  • جناح النبي - صلى الله عليه وسلم - كأنك معه: يعرض حياة النبي بشكل يتيح للزائرين التفاعل مع أحداث السيرة.
  • أثاث النبي ومقتنياته: يعرض قطعًا أثرية تعود إلى العصر النبوي، مثل البرمة والصاع والسيف والدرع.
  • الطب النبوي والسلامة: يركز على الإرشادات الصحية في السنة النبوية.
  • العرض العلمي للأطفال: جناح خاص للأطفال لتعريفهم بالسيرة النبوية بأسلوب مبسط وتفاعلي.
  • أقسام الفلك والبيئة: توضح تعاليم النبي - صلى الله عليه وسلم - المتعلقة بالكون.

أبرز المقتنيات:

  • المعرض يحتوي على أكثر من 500 قطعة أثرية ومجسمات، تمثل العهد النبوي، مع شاشات بث حديثة لعرض القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة.

دور المعرض

يعدّ المعرض مشروعًا تعليميا وثقافيا متكاملاً، يسعى إلى نشر القيم النبوية وتعزيز ارتباط المسلمين بحضارتهم، كما يقدم تجربة تعليمية مميزة للزوار من خلال دمج التاريخ بالتكنولوجيا الحديثة.

التقنيات الحديثة المستخدمة في المعرض

يتميز المعرض باستخدام التكنولوجيا المتقدمة لتعزيز تجربة الزوار، ومنها:
  • الواقع الافتراضي (Virtual Reality): يُتيح للزوار التجول افتراضيا في مكة والمدينة خلال فترة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
  • التصوير ثلاثي الأبعاد (3D): لعرض مقتنيات العهد النبوي بشكل مجسم.
  • شاشات عرض تفاعلية: تسرد الأحداث التاريخية للسيرة النبوية بأسلوب قصصي.
  • تجربة بانورامية 360 درجة: تقدم مشاهد شاملة لحياة النبي - صلى الله عليه وسلم -.

الأهداف التعليمية والثقافية

  • تعزيز الفهم العالمي: يقدم المعرض محتوى مترجمًا بلغات عدة؛ ليصل إلى الزوار من مختلف أنحاء العالم.
  • الإثراء المعرفي: يستهدف المعرض الفئات المختلفة، بما في ذلك الأطفال والباحثين، عبر محتوى علمي وثقافي يناسب الجميع.
  • إبراز الجانب الإنساني للحضارة الإسلامية: يعرض القيم النبوية في التعامل مع الأسرة، والمجتمع، والبيئة، والكون.

المبادرات المرتبطة بالمعرض

  • إطلاق متاحف متنقلة: تُنقل بعض أقسام المعرض إلى مدن سعودية ودولية، بهدف نشر القيم النبوية عالميا.
  • برامج تعليمية مرافقة: تشمل ورش عمل وندوات عن السيرة النبوية.
  • تعزيز السياحة الدينية: يعد المعرض جزءًا من رؤية المملكة 2030 لتعزيز السياحة الثقافية والدينية.

أهمية الموقع بجوار المسجد النبوي

        وجود المعرض قرب المسجد النبوي في المدينة المنورة يعزز من مكانته؛ حيث يُعد نقطة جذب رئيسية للحجاج والزوار الذين يرغبون في التعرف على تفاصيل دقيقة حول حياة النبي  صلى الله عليه وسلم  - في مكان قريب من المدينة التي عاش فيها.

نموذج حضاري مبتكر:

       معرض السيرة النبوية في السعودية يمثل نموذجًا مبتكرًا، يعكس العناية بتاريخ الإسلام وحضارته؛ بفضل تقنياته الحديثة ومحتواه الشامل، يوقدم المعرض تجربة ثرية تربط الحاضر بالماضي، وتُظهر القيم النبوية التي أسست لحضارة إسلامية عظيمة. إنه -حقا- منارة تعليمية وثقافية تسعى لترسيخ قيم الوسطية والتسامح المستمدة من سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم -.  

لعل من أهم التوصيات للنهوض بالمتاحف الإسلامية التركين على الأمر التالية:

زيادة الرقمنة:

وذلك من خلال إنشاء منصات إلكترونية، تتيح الوصول إلى المقتنيات بطريقة افتراضية، فضلا عن أرشفة المخطوطات والصور بتقنيات حديثة لضمان استدامتها.

التعاون الدولي:

وذلك من خلال تبادل المقتنيات والمعارض بين المتاحف الإسلامية حول العالم لتعزيز الفهم الثقافي، وتعزيز برامج تعليمية مشتركة تخدم الزوار من مختلف الثقافات.

توسيع المشاركة المجتمعية:

تشجيع المجتمعات المحلية على المساهمة في توثيق التراث من خلال تقديم قصص عائلية أو مقتنيات محلية.

تعزيز دور المتاحف الإسلامية:

        وذلك من خلال دعم التراث الإسلامي عالميا، ويمكن لتحقيق الاستدامة تعزيز التعاون بين المتاحف الإسلامية والمؤسسات الثقافية والتعليمية الدولية، ما يسهم في نشر التراث الإسلامي عالميا، كما يجب استغلال المناسبات العالمية، مثل اليوم العالمي للمتاحف، لتنظيم معارض مشتركة تُبرز دور الحضارة الإسلامية في تشكيل التاريخ الإنساني.

تعزيز الدبلوماسية الثقافية:

        تُعد المتاحف الإسلامية أدوات قوية للدبلوماسية الثقافية؛ حيث يمكنها تعزيز الفهم المتبادل بين الشعوب من خلال إبراز القيم الإنسانية التي قامت عليها الحضارة الإسلامية، مثل التسامح، والعلم، وإبراز الجمال الفني للمتقتنيات والآثار الإسلامية على مرّ العصور.

إشراك الشباب:

للحفاظ على التراث الإسلامي للأجيال القادمة، يجب إشراك الشباب في أنشطة المتاحف، مثل البرامج التعليمية وورش العمل الفنية، لتحفيز اهتمامهم بالثقافة الإسلامية، وخلق وعي لديهم بقيمها وأهميتها.

إنشاء متاحف افتراضية:

بفضل التقدم التكنولوجي، يمكن إنشاء متاحف افتراضية، تتيح للزوار من مختلف أنحاء العالم استكشاف التراث الإسلامي بسهولة؛ فهذا الحل يعزز من الوصول إلى التراث الإسلامي دون قيود جغرافية، ويزيد من فهم الحضارة الإسلامية عالميا.  

اهتمام عالمي ومناسبة أممية

بدأ المجلس العالمي للمتاحف (ICOM) تنظيم الاحتفال باليوم العالمي للمتاحف في سنة 1977م، حيث خرجت الفكرة إلى النور أثناء اجتماع الجمعية العامة للمجلس في موسكو، ويحتفل به سنوياً في 18 مايو من كل عام، أو حول هذا اليوم من شهر مايو؛ حيث إن الاحتفال لا يقتصر على هذا اليوم فقط، بل قد يستمر على مدى أسبوع بكامله، وربما يستمر لشهر. والغاية من تنظيم هذا اليوم هو «إتاحة الفرصة للمختصين في المتاحف التواصل مع المجتمع، حيث أصبح المتحف يعرف بمؤسسات تعمل في خدمة المجتمع وتطويره.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك


X