رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 7 أغسطس، 2012 0 تعليق

المؤمن.. المهيمن

من الأمور التي تخبرك بمرور السنين، أن ترى الأطفال الصغار الذين كنت تداعبهم و«تعايدهم» في المسجد أصبحوا رجالاً وآباء!!

طلب إليَّ أحدهم أن نتدارس أسماء الله الحسنى في شهر رمضان، ولا أملك أمام طلبات أبناء المسجد إلا الاستجابة.

بعد المقدمة في اليوم الأول  التي اشتملت على بعض القواعد الأساسية في دراسة أسماء الله الحسنى كتحقيق الشروط العلمية، وأنها توقيفية، وأن الاسم يتضمن المعنى، بدأنا في اليوم الثاني بـ«الرحمن - الرحيم».

بعد الدرس رافقني «أحمد»:

- أعلم أننا سندرس اسم الله «المؤمن» و«المهيمن» في دروس لاحقة، ولكن أخشى أن أكون في نوبة وظيفية تمنعني من حضور ذلك الدرس، فهل لك أن تبين لي بعض معاني هذين الاسمين؟

ويعلم أنني لا أرد له طلباً.

- لك ذلك إن شاء الله، ولكن تعالَ نجلس في المكتب بعيداً عن هذا الحر الشديد.

بعد أن أخذنا مجلسنا:

- أما المؤمن فقد ورد في قوله تعالى في سورة الحشر: {... السلام المؤمن المهيمن...} (الحشر: 23)، وفي معنى (المؤمن) جاء: المصدّق لرسله وأنبيائه بما جاؤوا به بالآيات البينات والبراهين القاطعات والحجج الواضحات، فقد آتى كل رسول ما يجعل قومه يؤمنون برسالته ويصدقون ما جاء به، وقيل: هو الذي يؤمن خلقه من ظلمه: {إن الله لا يظلم مثقال ذرة} (النساء: 40)، {إن الله لا يظلم الناس شيئاً ولكن الناس أنفسهم يظلمون} (يونس: 44)، وأصل الإيمان: التصديق، كما قال الله عن إخوة يوسف: {وما أنت بمؤمن لنا}، فقيل: إن «المؤمن» في حق الله أنه الذي أمن من عذابه من لا يستحقه.

كان صاحبي الشاب منصتا يدون بعض النقاط في ورقة صغيرة استخرجها من جيب قميصه.

- والمهيمن؟!

- في اللغة أن أصل (مهيمن)، (مؤأمن) بهمزتين قلبت الهمزة الثانية ياء كراهة اجتماعهما، فصارت (مؤيمن) ثم صيرت الأولى (هاء) كمت قالوا: (أراق)، و(هراق)، فصارت (مهيمن)، و(المهيمن) الشاهد كما في قوله عز وجل: {وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه} (المائدة: 48).

أي إن القرآن مصدق لما سبقه من الكتب وشاهد على صحة ما فيها إذا توافقت مع ما فيه، وقالوا: (المهيمن) القائم على خلقه، أي: القائم بأمور الخلق، وجمع بعض أهل العلم معنى: (المهيمن) على أربعة أقوال: (المؤتمن، الشهيد، الرقيب، القائم).

أراد صاحبي أن يغادر:

لا أريد أن أثقل عليك، ولكن ما دمنا في هذه الأسماء لم لا نتطرق لاسم (السلام)؟!

- (السلام) جاء في آية الحشر نفسها، واتفق العلماء على أن معنى اسم الله (السلام): الذي سلم من كل نقص وبرئ من كل عيب، والثاني: الذي سلم خلقه من ظلمه، والثالث: الذي يسلّم على عباده: {سلام قولا من رب رحيم} (يس: 58)، وفي الحديث عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: «كنا إذا صلينا مع النبي[ قلنا: السلام على الله قبل عباده، السلام على جبرائيل وميكائيل، وعلى فلان، وفلان، يعنون الملائكة، فسمعنا رسول الله[ فقال: لا تقولوا: السلام على الله؛ فإن الله هو السلام؛ فإذا جلستم فقولوا: التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فإذا قال ذلك أصابت كل عبد صالح في السماء والأرض» صحيح ابن ماجه.

وفي السلسلة الصحيحة: «إن السلام اسم من أسماء الله تعالى وضعه في الأرض؛ فأفشوا السلام بينكم».

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك