رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: أحمد الفولي 18 سبتمبر، 2018 0 تعليق

المؤسسات الإسلامية تجدد دعمها لمسلمي أراكان – مرور عام على مذابح أقلية الروهينجيا المسلمة

 

انطلاقا من قول الله -تعالى-: {إنما المؤمنون إخوة}، رصدت الفرقان بعض الأحوال الخاصة بمسلمي الروهينجيا الذين كانوا يعيشون بإقليم أراكان، الواقع الآن تحت سيطرة حكومة ميانمار، وقد تم طُردوا من بلادهم خلال العام الماضي، إلى بنجلاديش؛ حيث تظاهر مئات الألوف من مسلمي الروهينجيا اللاجئين في مدينة (كوكس بازار) البنغالية وعلى حدود بنجلاديش، وذلك مع مرور ذكرى بدء حرب الإبادة التي شنها عليهم جيش ميانمار العام الماضي، مطالبين بعودتهم إلى بلادهم.

     من ناحيتها أكدت دولة الكويت عبر مندوبها لدى الأمم المتحدة السفير منصور العتيبي أن الكارثة التي لاتزال تعيشها أقلية الروهينجيا تعد إحدى أسوأ الكوارث التي عرفها التاريخ المعاصر مع تعرض تلك الأقلية للقتل والتعذيب نتيجة اضطهادهم وتشريدهم القسري بما يمكن وصفه بتطهير عرقي بغية محو ثقافتهم وطمس هويتهم.

مرور عام كامل

     وأضاف العتيبي أن شهر أغسطس الحالي يصادف مرور عام كامل على بداية أعمال العنف في ولاية (راخين) في ميانمار، وما نجم عن تلك الأعمال من تشريد ما يزيد على 887 ألفا من أقلية الروهينجيا إلى بنغلاديش، وذلك حسب إحصائية مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ليصل إجمالي عدد لاجئي الروهينجيا في أكبر مخيمات اللاجئين بالعالم إلى مليون ومئة ألف لاجئ.

     كما أكد عدد من المؤسسات الإسلامية على مساندتها أقلية الروهينجيا المستضعفة منها: الأزهر، وكذا الدعوة السلفية في مصر، ورابطة العالم الإسلامي وغيرهم من مؤسسات وجمعيات دينية ببيانات جديدة، وعلى ضرورة عودتهم إلى ديارهم، ومحاكمة من تسببوا في تهجير المسلمين من ولاية أراكان الواقعة الآن تحت سيطرة النظام البورمي.

حرب إبادة مستمرة

وفي تصريح خاص للفرقان قال رئيس وكالة أنباء أراكان د. صلاح عبد الشكور: إن حكومة ميانمار ما زالت تعمل على الطريقة نفسها بإبادة المسلمين وعدم الاعتراف بعرقية الروهينجيا حتى هذه اللحظة.

وأضاف عبد الشكور أن اللاجئين الروهينجيا الذين قد يصل عددهم إلى حوالي مليون لاجئ تقريبا، بدؤا في التظاهر منذ يوم 25 أغسطس الماضي، وهو اليوم الذي بدؤوا فيه حملة جيش ميانمار على المسلمين 25 أغسطس 2017.

     وتابع: إن هذه الحملة التي بدأت العام الماضي استمرت لمدة 3 شهور متواصلة، تمت خلالها الإبادة بوضوح؛ حيث حرق البيوت وتدميرها، وسحل الرجال، واغتصاب النساء ثم قتلهن، فضلا عن عشرات الآلاف من المعتقلين حتى اللحظة، ولا نعرف هل ما زالوا على قيد الحياة أم لا؟

     وأشار رئيس وكالة أراكان، إلى أن الأمم المتحدة نشرت تقريرها الأخير عن جريمة تهجير مسلمي الروهينجيا، الذي يُطالب بمحاكمة جنرالات الجيش البورمي جراء ما قاموا به تجاه أقلية الروهينجيا المسلمة، في الوقت الذي أكد فيه على ضرورة عودة اللاجئين، ولكن بلا رد حقيقي حتى الآن.

مطالبات عادلة

وفي الصدد نفسه، يقول الباحث الروهينجي المقيم بالقاهرة نور الله شيخ يوسف: إن التظاهرات التي اندلعت في بنجلاديش هي تظاهرات طبيعية جراء ما يعيشه اللاجئون من معاناة يومية متجددة.

وأضاف الباحث الروهينيجي في تصريح لـ(الفرقان): إن المتظاهرون لهم طلبات عادلة وبسيطة، أولها الاعتراف بعرقية الروهنجيا وبأن لها حق العيش داخل البلاد، وإعادة حق المواطنة لها؛ وبناء على ذلك منحهم هوية خاصة بهم تؤكد على ذلك.

وتابع، كما نطالب بضمان الحقوق المدنية والإنسانية لأقلية الروهنيجيا في ميانمار وبإشراف أممي ودولي، كي لا يحدث ما نضعه في الحسبان عند عودتنا إلى ميانمار من حرب جديدة للإبادة، في الوقت الذي لن نجد فيه من يدفع عنا الظلم.

وأردف: إن ثالث مطالبهم هو ضمان أمننا وحمايتنا من التمييز البوذي العنصري، ومحاسبة المتورطين من قوات الجيش البورمي وغيره من عصابات مدعومة في ميانمار، وقد تورطت في جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي لنا ولمجتمع الروهينجيا.

الأزهر يجدد دعمه

     جدد الأزهر في بيان رسمي له تاكيده على دعم مسلمي الروهينجيا، وذلك في بيان بمناسبة مرور عام على اندلاع الفصل الأكثر وحشية وعنفًا في المأساة مسلمي الروهينجيا المستمرة منذ عقود عدة؛ حيث أكدعلى دعمه وتعاطفه الكامل مع مسلمي الروهينجيا، سواء من بقوا منهم في وطنهم ميانمار يعانون القمع والاضطهاد، أم من فروا إلى بنجلاديش المجاورة؛ حيث يقاسون ألم التهجير ومرارة الحرمان.

وأدان البيان بشدة استمرار حكومة ميانمار في انتهاكاتها وإصرارها على مصادرة حقوق مسلمي الروهينجيا، ورفض عودتهم إلى قراهم ومدنهم، بوصفهم مواطنين على قدم المساواة مع باقي سكان ميانمار.

     وأعرب الأزهر عن أسفه لعجز المجتمع الدولي عن وقف تلك المأساة الإنسانية غير المسبوقة، وعدم محاسبة المسؤولين في ميانمار عما اقترفوه من جرائم وحشية بحق الروهينجيا، فضلًا عن ضآلة المساعدات الإنسانية المقدمة لما يقرب من مليون لاجئ يعيشون ببنجلاديش المجاورة في ظل أوضاع تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة الإنسانية.

 

الدعوة السلفية تستنكر

     كما استنكرت الدعوة السلفية بمصر، مرور عام كامل على لاجئي الروهينجيا دون أي حلول لإنقاذ الأٌقلية المسلمة التي تعيش في مخيمات بنجلاديش حتى الآن، وقال الشيخ عادل نصر المتحدث الرسمي باسم الدعوة: إنه لا يخفى على أحد ما تعرض له مسلمو الروهينجيا من مآس ومحن، على أيدي البوذية في بورما، فلقد رأى العالم كله كيف يحرق المسلم ويقتل؟ وكيف يشرد الناس وتغتصب النساء ويذبح الأطفال؟ أحوال يشيب منها الولدان.

     وأضاف نصر في بيان له، أن كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم الذي يدعي أنه يحرص على حقوق الإنسان، بل وحقوق الحيوان، وقد تحتل بلاد بسبب هذه الادعاءات، ولكن يبدو أن حقوق الإنسان عند العالم الغربي تخصهم فحسب، أو تخص غيرهم من غير المسلمين، أما المسلمون فلم يصبح لهم حقوق عند القوم بحال.

     وتابع، العجيب أن بعد هذه الصرخات والأهوال ملأت خيام اللاجئين بأكثر من ثمانمائة ألف لاجيء تقريبا، والجميع يتحدث عن إيجاد حلول أو عن النظر في المشكلة، وقد مر عام كامل الآن، ولم نر أي حلول من مجلس الأمن أو تحركا من الأمم المتحدة أو العالم الغربي، فضلا عن موقف العالم الإسلامي الذي هو في غاية الضعف نتيجة للضعف الذي ألمّ بأمتنا والتشرذم الذي آلت إليه الأمة.

     وأردف، أمر عجيب حتى هذه اللحظة ولم نجد أي تحرك، وكأن حال القوم ينطق بأن هذه الكوارث طالما تلحق بالمسلمين فلا بأس، وكأن هذا هو ما يريده أصحاب هذه الحضارات، الذين صدعوا رؤسنا بالحديث عن حقوق الإنسان وغير ذلك، ولو كانت هذه الكوارث والمحارق والآلام ألمت بأي أقلية أخرى لرأينا العالم كله يتحرك، فتقوم الدنيا ولا تقعد في بعض الأحيان في وقائع أقل مما يحدث لمسلمي الروهينجيا بكثير.

واختتم، هذا يشير إلى أن هذه الأمة الإسلامية تكالب الجميع عليها، ولا مخرج لها إلا أن تجتمع، وأن تصبح كلمتها مسموعة، وأن تراجع دينها، وأن تراجع نفسها قبل أن نرى مزيدا من الكوارث، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

المرصد الروهينجي لحقوق الإنسان

      من جهته أصدر المرصد الروهينجي لحقوق الإنسان بيانا، مع ذكرى مرور عام على اللاجئين الروهينجيا الذين تتزايد أعدادهم، ويعانون الفقر وانتشار الأمراض، وقال البيان: يصادف 25 أغسطس الماضي، ذكرى مرور عام كامل على الحملات العسكرية التي شنتها قوات جيش ميانمار على أقلية الروهنغيا في ولاية أراكان غربي ميانمار، وخلال هذه الحملات العسكرية ارتكبت قوات الجيش جرائم ممنهجة وانتهاكات واسعة بحق الروهنغيا، وأحرقت مئات القرى، وقتلت الآلاف، ومارست العنف الجنسي والاغتصاب بآلاف النساء، الأمر الذي أدى إلى فرار أكثر من 700 ألف روهنغي إلى بنغلاديش المجاورة في غضون شهر.

الانتهاكات الواسعة

      وأكد مراقبون أن صور الانتهاكات الإنسانية الصارخة التي ترتكبها حكومة ميانمار بحق الروهنغيا منذ عقود لا حدود لها، ومن أبرز هذه الصور وأخطرها على الإطلاق: الرفض التام للاعتراف بالروهنغيا بوصفهم أقلية عرقية أصيلة في البلاد، وبالتالي نزع الحقوق الإنسانية منهم بما فيها حق المواطنة وما يتبعها من حقوق مكفولة لجميع المواطنين من شتى الطوائف والعرقيات. وخلال حملات 25 أغسطس 2017 أطلق جيش ميانمار حملات وحشية واسعة النطاق على مدى ثلاثة أشهر ضد الروهنغيا، ونفذت خطط إبادة ممنهجة وبقسوة بالغة ووحشية متناهية، تتنوع صورها، وتتعدد أشكالها ما بين حرق للمنازل والقرى، وإتلاف للممتلكات ومصادرتها، وقتل وسحل للرجال والنساء والأطفال، واستخدام العنف المفرط مع المدنيين، وإهانة الكرامة الإنسانية والشعائر الدينية، واغتصاب الفتيات القاصرات، واعتقال المساجين وتعذيبهم، وتهجير الأهالي من بلداتهم.

التهجير الجماعي

     العمليات العسكرية الممنهجة التي نفذها جيش ميانمار أدت إلى عمليات نزوح جماعية بأعداد هائلة بلغت أكثر من 700 ألف روهنغي تجاه الدولة المجاورة بنغلاديش؛ حيث تتفاقم يوما بعد يوم المشكلة الإنسانية التي تشهدها مخيمات اللاجئين الروهنغيا في هذه الدولة الفقيرة العاجزة عن احتوائهم واستيعابهم بمواردها الاقتصادية الضئيلة. وقد بلغ مجموع أعداد اللاجئين حاليا في مخيمات اللجوء في بنغلاديش وحدها أكثر من مليون ومئتي ألف لاجئ في ظل ظروف وأوضاع إنسانية بائسة أقل ما يمكن وصفها به أنها ظروف مأساوية وأوضاع كارثية.

ملف عودة اللاجئين

      وتحت ضغط الأمم المتحدة والمجتمع الدولي وافقت ميانمار شكليا على إعادة اللاجئين إلى ديارهم حين وقعت اتفاقا في 23 نوفمبر على بعض الشروط (شبه المستحيلة) للتحقق من إقامة الأشخاص الذين وصفهم الاتفاق بأنهم (نازحون من ميانمار) بدلا من وصفهم بتسميتهم الحقيقية (الروهنغيا). ثم في 19 ديسمبر كونت ميانمار وبنغلاديش مجموعة عمل مشتركة للإشراف على عودة الروهنغيا؛ لكن ميانمار أعلنت بعد ذلك بأيام في نهاية الشهر نفسه أنها لن تستعيد اللاجئين الروهنغيا إلا خلال النهار فقط؛ بسبب حظر التجوال، وبدأت بنغلاديش في إجراءات عودة اللاجئين إلى ميانمار عبر استمارات أرسلتها ميانمار ليتم تعبئتها من قبل اللاجئين.

وفي 11 يناير قال مسؤول الهجرة في ولاية أراكان: إنه لا يعلم أين سيسكن الروهنغيا العائدون، وهو تصريح مهد لتأجيل عودة اللاجئين التي كان من المفترض أن تكون في 22 يناير بسبب عدم اكتمال الدعم اللوجستي.

      وخلال هذه الفترة من العام أعلنت الأمم المتحدة أكثر من مرة أن الظروف الحالية غير صالحة للعودة؛ حيث قال المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة استيفان دوجريك في 19 من أغسطس الماضي: «إن الظروف الحالية ما زالت غير ملائمة لعودة الروهنغيا إلى ديارهم في أراكان». وهكذا مرّ عام على هذه الأزمة ولا زال الروهنغيون ينتظرون قراراً دولياً واقعاً يضمن لهم حق عودتهم وضمان سلامتهم وأمنهم إلى وطنهم ميانمار.

مطالبات الروهنجيا

وفقاً لمبادئ حقوق الإنسان يطالب الروهنغيون المجتمع الدولي ومنظمات وهيئات الأمم المتحدة ودول العالم الحر بحقوقهم المشروعة التي كفلتها الدساتير والأعراف الدولية للإنسان ومنها:

- أولاً: الاعتراف بعرقية الروهنغيا وإعادة حق المواطنة المسلوب.

- ثانياً: ضمان الحقوق المدنية والإنسانية لجميع الروهنغيين في ميانمار وبإشراف أممي.

- ثالثاً: ضمان أمنهم وحمايتهم من التمييز العنصري والديني وإعادتهم إلى مناطقهم الأصلية.

- رابعاً: محاسبة المتورطين في جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي من قيادات الجيش الميانماري.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك


X