اللوبي من أجل أرض إسرائيل
في الوقت الذي يتصور فيه بعض الفلسطينيين والعرب، إمكانية إيجاد تسوية عادلة مع (إسرائيل)، أطلق رئيس الائتلاف الحاكم في الكنيست (ياريف لفين) (من قيادة حزب الليكود) مجموعة ضغط برلمانية تحت اسم «اللوبي» من أجل «أرض إسرائيل».
المهمة الرئيسة للوبي الجديد الدعوة إلى فرض «السيادة التاريخية» على كل فلسطين التاريخية من البحر إلى النهر. يأتي ذلك وسط مساعٍ حثيثة لفرض قوانين تشريعية جديدة، تمنع أية حكومة (إسرائيلية) من إجراء تسوية نهائية مع الفلسطينيين.
الحل المتعلق بالفلسطينيين للوبي يتمثل في عيشهم في «كانتونات فلسطينية»، بمعنى الإقامة في (يهودا والسامرة)
هذه المحاولة ليست الأولى من نوعها، ففي الدورة ما قبل الأخيرة للكنيست: تم إطلاق دعوة شبيهة.
هذه المرة من يطلق الدعوة من جديد هو رئيس الائتلاف الحاكم في الكنيست، تشاركه في رئاسة هذا اللوبي النائبة المتطرفة كثيراً أوريت ستروك، وهي أيضاً إحدى غلاة المستوطنين في الخليل، وأم لمستوطن متورط حتى أذنيه باقتراف جرائم إرهابية ضد الفلسطينيين.
(لفين) قال في رسالته إلى أعضاء الكنيست، إن الهدف من اللوبي هو عدم المس بالتوطين (الاستيطان) وبأمن مناطق يهودا والسامرة وغور الأردن، والعمل على تشريع قوانين تعزز المكانة القضائية للشعب اليهودي في كل (أرض إسرائيل).
هذا يعني (من وجهة نظر اللوبي)، السيادة (الإسرائيلية) على كامل فلسطين التاريخية، فضلا عن أهداف أخرى من بينها: زيادة ميزانية المستوطنات، والاستيطان عموماً من الخزينة العامة. أيضاً يقوم لفين على إعداد مشروع قانون يطلق عليه اسم «الدولة القومية» يتضمن نصوصاً تخدم أهداف هذا اللوبي، ما ينعكس - سلباً - على فلسطينيي 48 بوصفهم أهلا للبلاد يقيمون في وطنهم ويتمسكون بهويتهم ولغتهم؛ فهو يدعو إلى إجراء (الترانسفير) بحقهم، وما كان رئيس الائتلاف الحاكم ليقيم مثل هذا اللوبي، ويتقدم بمشروعات قرارات إلى الكنيست أخذ الضوء الأخضر من نتنياهو وليبرمان، وهما الأساس في الائتلاف، بمعنى أن ما يطلقه (نتنياهو) من تصريحات «سلامية» هو عملياً ديماغوجياً هدفها، الاستهلاك، وإعطاء حلول تخديرية ليس إلا.هناك بالطبع إمكانية واقعية لأن تصبح هذه المشاريع قوانين أساسية في الكنيست، وستصبح والحالة هذه ملزمة لكل الحكومات (الإسرائيلية).
الأردن بالنسبة للوبي هو المكان الملائم لإقامة الفلسطينيين دولتهم فيه. معروف أن هذا الطرح، قدمه نواب «إسرائيليون» من الأحزاب الفاشية كمشروع لإقراره بالقراءات الثلاث، أي أن يصبح قانوناً. علام يدل ما سبق؟
أولاً: على أن حلم دولة «إسرائيل الكبرى» من «النيل إلى الفرات» مازال يراود أحلام أغلبية (الإسرائيليين).
ليس لدى (إسرائيل) حالياً من أعداد يهود (قوة ديموغرافية) للسيطرة على كل هذه المناطق ،كما أن الوضع الدولي الحالي لا يسمح بتوسع جغرافي «إسرائيلي»، ولا إجراء «تراتسفير» لأهالي منطقة 48، وإلا لفعلت (إسرائيل) ذلك منذ زمن طويل؛لكل ذلك طرحت (إسرائيل) وبالتنسيق مع الولايات المتحدة، الشرق الأوسط الجديد أو الكبير من أجل الهيمنة الاقتصادية ومن ثم السياسية على المنطقة. هذا يجعل من (إسرائيل) مكوناً أساسياً (إن لم يكن المكون الأساسي) من مكوناتها.
لذا من الخطأ الاتكاء الفلسطيني والعربي على أن: (إسرائيل) اكتفت وستكتفي بأرض فلسطين التاريخية فقط، فوفقاً للمفهوم الصهيوني المبني - زوراً وبهتاناً -على أسس توارتية وتلمودية، فإن «أرض إسرائيل» هي الأرض الواقعة بين نهري النيل في مصر، والفرات في العراق. المخططات الصهيونية كانت دوماً وستظل مخططات طويلة الأمد، ففي عام 1897 وفي مدينة بال السويسرية، إبّان انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول، وعد هرتزل أنه «وبعد خمسين عاماً سنقيم الوطن القومي لليهود في أرض (إسرائيل)» عملياً الوعد لم يتأخر سوى سنة واحدة.
ثانياً: إن من الاستحالة بمكان حل الدولتين، فلا تقبل (إسرائيل)، ولن تقبل مستقبلاً، بإقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة مثل كل الدول الأخرى، على أي جزء من الأرض الفلسطينية.
الحل «الإسرائيلي» يتمثل في الحكم الذاتي للفلسطينيين (حتى لو قاموا بتسميته دولة) على القضايا الحياتية للسكان دون الأرض، والسيطرة على المعابر والبحر. أيضاً من دون توقف الاستيطان،الذي تعده كل الحكومات (الإسرائيلية) حقاً طبيعياً لإسرائيل، «لأنها تتوسع على أرضها». بالمعنى الفعلي والواقعي وبسبب من الاستيطان الذي لم ولن يتوقف والجدار العازل، انعدمت الفرصة لإقامة دولة فلسطينية.
ثالثاً: عملياً ومن خلال حرص (إسرائيل) - بكل ألوان الطيف السياسي فيها - على أن تكون «دولة يهودية» أي «دولة فقط لليهود» فإن هذا يقوّض الأساس الفعلي لكل الحلول المطروحة الأخرى «الدولة الديمقراطية العلمانية الواحدة» كذلك «الدولة ثنائية القومية»، وأيضاً «الدولة لكل مواطنيها».
رابعاً: إن الفلسطينيين والعرب مطالبون بمزيد من الفهم لطبيعة العدو الصهيوني ولأحلامه ولمخططاته وللمتغيرات الفعلية الجارية في شارعه، وبالتالي: التحولات في المتغيرات السياسية، انسجاماً بالطبع مع تلك المتغيرات، هذا يقتضي التأكيد على جملة من الحقائق، أن الخطر الصهيوني لا يقتصر على فلسطين والفلسطينيين فحسب، وإنما على الأمة العربية والأقطار العربية من دون استثناء. لذا فإن استراتيجية السلام والمفاوضات مع (إسرائيل) هي استراتيجية لا يمكن أن تؤدي إلى اعتراف «إسرائيلي» بأية حقوق فلسطينية أو عربية.
المطلوب بناء استراتيجية جديدة مجابهة للمخططات (الإسرائيلية) المبنية على الأطروحات السياسية الجديدة القائمة على تلك المتغيرات.
خامساً: إن الولايات المتحدة لن تكون وسيطاً نزيهاً في الصراع الفلسطيني العربي-الصهيوني، بل هي كانت وستظل المردد والمسوّق للأطروحات التسووية والسياسية (الإسرائيلية).
بعد ذلك هل من الممكن أن تجنح (إسرائيل) إلى السلام؟
لاتوجد تعليقات