رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 24 فبراير، 2014 0 تعليق

اللطيف الخبير


هاتفني من (ملقا) في إسبانيا، بعد السلام والتحية والسؤال.

- لم أجد ذكرا لاسم (اللطيف الخبير) في كتابك، رغم أنك أوردت الاسمين مقترنين في مقدمة الكتاب، وذكرت أن (اللطيف) لم يقترن إلا باسم واحد من الأسماء الحسنى وهو (الخبير).

(أفزعتني) ملاحظة صاحبي، كان الكتاب أمامي، أخذت أقلب الصفحات أريد حرف الكاف، وجدت (الكبير المتعال)، وبعدهما (المليك القدير)، بحثت بين آخر ورقة من المقال الأول وأول ورقة من المقال الثاني آملا أن أجد (اللطيف الخبير)، ولكن لم أجد شيئا.

- صدقت يبدو أن اسم (اللطيف الخبير)، لم يطبع، بعد أن أنهينا المكالمة، رجعت إلى مقدمة الكتاب فإذا عدد الأسماء المقترنة في القرآن سبع وخمسون (57)، أخذت أعد الأسماء التي أوردتها من فهرس الكتاب وجدتها ستة وخمسين (56) اسما بالفعل، لقد سقط اسم (اللطيف الخبير) خطأ، أحزنني هذا الأمر كثيرا، تحدثت مع صاحب في المسجد بين المغرب والعشاء.

- كم مرة ورد اسم الله (اللطيف) في كتاب الله؟

- ورد (اللطيف) سبع مرات في كتاب الله، اقترن في خمس مرات بـ(الخبير)ولم يقترن بغيره من الأسماء الحسنى.

{أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (الملك:14).

{وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَىٰ فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا} (الأحزاب:34).

{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً ۗ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} (الحج:63).

{يَـبُنَىَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّة مِّنْ خَرْدَل فَتَكُن فِي صَخْرَة أَوْ فِى السَّمَـوَتِ أَو فِى الاَْرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} (لقمان:16).

     {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا ۖ وَقَالَ يَا أَبَتِ هَٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا ۖ وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي ۚ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴿100﴾} (يوسف:100).

{اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ} (الشورى:19).

(اللطيف): هو الذي لطف علمه حتى أدرك أدق الأمور، و(اللطيف): هو الذي يتولى أمر عباده خاصة ليصلح أحوالهم الباطنة والظاهرة ويقيض لهم الأسباب لتكون عاقبة أمورهم حميدة في الدنيا والآخرة.

و(اللطيف): هو الذي لا يكلف عباده ما لا يطيقون، ويريد بهم اليسر، ولا يريد بهم العسر.

- هل لك أن تبين هذه المعاني من الآيات التي ورد فيها اسم الله (اللطيف)؟

- مثلا في الآية (100) من سور يوسف يذكر الله أن نبيه يوسف عليه السلام قال: {إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ}، فقد دبر أمر يوسف منذ البداية، مع أن ظاهر ما حصل له (غيابة الجب ثم السجن.. لسنين..) فيه من الشدة، إلا أن ذلك من تدبير اللطيف، فكانت عاقبته أن أصبح صاحب الأمر والنهي، ثم آية الشورى: {اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ}، فرزقه تابع لـ(لطفه) سبحانه بعباده، سواء وسع الرزق أو قدره، ثم الآيات الأخرى يبين علمه بدقائق الأمور (اللطيف)، وحقائق الأمور (الخبير)، يقول ابن القيم رحمه الله: «فإن انتظاره ومطالعته وترقبه يخفف حمل المشقة ولا سيما عند قوة الرجاء أو القطع بالفرج فإنه يجد في حشو البلاء من روح الفرج ونسيمه ورائحته ما هو خفي الألطاف وما هو فرج معجل وبه وبغيره يفهم معنى اسمه سبحانه (اللطيف)».

- جميل، كنت دائما أحب اسم (عبداللطيف).

- دعني أزيدك، اسم الله (الخبير) اقترن بـ(الحكيم) و(البصير) و(العليم)، فهو سبحانه: (الحكيم الخبير) و(العليم الخبير) و(اللطيف الخبير)، ومع البصير أتى قبله فهو سبحانه (الخبير البصير)، وينبغي على العبد أن يتدبر الآيات التي وردت فيها هذه الأسماء المقترنة ليعرف سبب هذا الترتيب، ولكن رجوعا إلى (اللطيف الخبير)، إذا أيقن العبد بهذين الاسمين هان عليه ما يمر به من شدائد، وأيقن أن (اللطيف) لا يقضي لعباده الصالحين إلا ما فيه العاقبة الحميدة لهم، فيوقن بالفرج حال الشدة، واليسر حال العسر، ولا يقطع أملا في رحمة الله (اللطيف الخبير).

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك