رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: رضا البطاوي 11 أكتوبر، 2011 0 تعليق

اللباس في الاسلام (2-2)


تحدثنا في العدد السابق أن الأصل في الإنسان هو اللباس وليس العري، وأنه ينقسم إلى عدة أنواع، ومنها الوقاية من الحر والبرد، والوقاية من بأس الإنسان وهي التي تحمي الإنسان من خطر السلاح، وملابس لستر العورة وغير ذلك، وذكرنا أنفا أحكام اللباس وسنكمل ماتبقى من هذه الأحكام في حلقتنا هذه.

أجزاء اللباس الإنساني:

- إن اللباس ينقسم لأجزاء كل منها يؤدي مهمة معينة محددة وهذه الأجزاء هي:

1-غطاء الرأس وهو الخمار للمرأة وفيه قال الله بسورة النور: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} وهذا الغطاء واجب على النساء كلهن إذا بلغن وأما الرجال فمباح لهم لبس غطاء الرأس ومباح لهم عدم لبسه وذلك حسب ما يريدون.

2-الثوب وهو الجلباب وهو الذي يغطي المنطقة من الرقبة وحتى الرجل للمرأة، وقد ورد ذكره بقوله تعالى بسورة الأحزاب: {يأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين}.

3-النعل وهو ما يلبس في القدمين لحمايتهما وقد ورد ذكره بقوله تعالى بسورة طه: {اخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى}.

4-الحلية وهي الأشياء التي يتم التجمل بها من ذهب وفضة ولؤلؤ وغيرها وقد ورد ذكرها في قوله بسورة النحل: {وتستخرجوا منه حلية تلبسونها} والتحلي ليس مقصورا على المرأة وإنما هو للرجل والمرأة على السواء.

هل توجد ملابس كفرية ؟

      إن قولنا ملابس كفرية لا يعني أن الملابس كافرة وإنما يعني أن الملابس غير موافقة لأحكام اللباس في الإسلام وإنما الكافر هو صانعها برضاه ولابسها برضاه وطالبها برضاه، والإجابة هي: توجد ملابس صانعها ولابسها وطالب صنعها كافر وهي الملابس المتصفة بالتالي:

1- الإسراف وهو الإفراط في استخدام النسيج دون داع ومن أمثلتها الجلباب الذي له ذيل يجر على الأرض ويكون طوله ذراعين أو ثلاثا أو أكثر والجلباب الذي يكون اتساع كمه وهو فتحة الذراع ذراعا أو اثنين أو أكثر.

2- التصوير المحرم وهو أن يكون على النسيج رسم تتحقق فيه شروط الحرمة وهي أن يكون إنسانا كاشفا لعورته التي يجب أن تخفى سواء كان الإنسان رجلا أو امرأة أو يكون فيه كتابة داعية للباطل أو أن يدعي فيه أن الرسم هو رسم النبي فلان أو أن يكون فيه رمز مطلوب في أديان أخرى.

3- الأضرار والمراد أن تصيب لابسها بالأذى وهي الملابس الضيقة التي تصيب أعضاء الجسم بخلل في أداء الوظائف مثل البنطالات الضيقة الخصر والأحذية ذات الكعب العالي.

4- أن ترتدى في الأماكن العامة أو أمام من حرم الله رؤيتهم لها وهي الملابس الكاشفة عن العورة التي يجب أن تخفى.

أسس الحلال والحرام في الملابس:

- يحدد حرمة أو حل اللباس كل من:

1-مكان وجود الإنسان وتفصيل هذا هو أن الإنسان له في البيت أن يلبس ما يحلو له من الملابس كاشفة للعورة أو غير كاشفة ما دام مع أقاربه المحددين فإذا خرج للمكان العام فمحرم عليه أن يظهر بملابس كاشفة لعورته، ومن أمثلة هذا أن ترتدي المرأة لزوجها جلبابا يظهر ساقيها وذراعيها وصدرها.

2-من مع الإنسان في البيت؟ والمراد بهذا أن الإنسان في البيت إذا كان معه أناس محددون سمح له بارتداء ملابس مظهرة لعورته، وإذا كان معه أناس آخرون حرم عليه ارتداء ملابس كاشفة لعورته، ومن أمثلة هذا أنه محلل للمرأة أن ترتدي جلبابا مظهرا لرجليها إذا كانت تجلس مع واحد من الآتين أو بعضهم أو كلهم:

      الزوج والآباء وهم الأب الصلبي ومن الرضاعة والجد والعم والخال وأبو الزوج وهو الأب والعم والخال وأولادها الذكور وأولاد زوجها الذكور من أخريات وإخوانها وأخواتها وأولاد إخوانها وأخواتها الذكور والنساء والرجال غير أولي الإربة وهم المجانين ومن بلغوا أرذل العمر فعادوا أطفالا حيث ينسون الكلام ويتبولون ويتغوطون على أنفسهم والأطفال الذين لم يبلغوا، ولكن هذا اللبس يصبح محرما إذا جلست مع إنسان يحق له زواجها إن هي ترملت أو طلقت مثل ابن عمها وابن خالها وصديق زوجها وزوج أختها إن لم تكن تزوجت.

3-فيما يستعمل اللباس، والمراد بهذا أن الملبس إذا استعمل في شيء معين كان حلالا وإذا استعمل في شيء معين آخر كان حراما، ومن أمثلة هذا بدلة الرقص، فإذا كانت المرأة تلبسها لزوجها في حجرة نومها فهي حلال وإذا لبستها لترقص بها في ملهى ليلي أو ماخور فهذا يعني أنها حرام.

4-هل يوجد في اللباس رسم؟ والمراد أن اللباس إذا احتوى على رسم ما كان لبسه حلالا وإذا احتوى على رسم آخر كان محرما، ومن أمثلة هذا قميص مرسوم عليه صورة امرأة كاشفة للعورة التي يجب أن تخفيها أو امرأة أيا كانت يصبح لبسه محرما وقميص آخر مرسوم عليه كتابة تدعو لحكمة يصبح لبسه محللا.

5-هل في اللباس ضرر أو نفع؟ والمراد أن اللباس إذا كان في تفصيله أذى معين مثل تقليل كمية الدم في المكان الذي يضيق فيه أو استهلاك كمية منظفات كبيرة نظرا للإسراف في استعمال النسيج يصبح محرما، وإذا كان اللباس في تفصيله نفع معين مثل إظهار الجراثيم والمؤذيات في المكان وذلك كلباس الأطباء والممرضين يصبح حلالا.

مثل في اللباس:

      يقال: كل ما يعجبك والبس ما يعجب الناس، وهو مثل خاطئ؛ لأن الإنسان يأكل ما يعجب أي يرضي الله ويلبس ما يعجب أي يرضي الله ومن ثم فإرضاء الناس بلبس ملابس معينة ليس واجبا وإنما يدخل في دائرة ارتكاب المحرم غالبا، فما يعجب الناس في الغالب هو ما يغضب الله وسنضرب مثلا: الناس يعجبهم في المرأة أن تلبس ملابس خليعة كاشفة لما يجب أن يخفى من عورتها وانظر حولك في أمم العالم ستجد صدق ذلك، فمثلا أمة الهندوس حكموا على المرأة أن تلبس الساري المظهر لبطنها وأجزاء من ظهرها وحتى الأمم التي أديانها تحرم التعري وتوجب الاحتشام كالنصرانية تجد النساء خالفنها لإعجاب الناس فكشفن الشعور والسيقان والأرداف والصدور.

مواصفات اللباس العام:

- يقصد باللباس العام اللباس الذي يرتدى في الأماكن العامة ومع الأغراب في البيوت ومواصفاته للمرأة هي:

1- أن يكون من نسيج معتم والمراد ألا يكون من نسيج شفاف، والسبب أنه لو كان من نسيج شفاف لكشف عما يجب أن يخفى من الأجزاء.

2- ألا يكون مبرزا للأعضاء والمراد ألا يكون اللباس ضيقا يبرز رسم العضو تحته أي بألفاظ أخرى ألا يبرز تضاريس العضو تحته من مرتفعات ومنخفضات.

3- ألا يكون فيه جزء كاشف لجزء من العورة، والمراد ألا يكون في الثوب فتحات تبين أجزاء من الأجزاء التي يجب أن تخفي كفتحة الرقبة وكذاك الحال في الخمار الذي يغطي الصدر المفتوح.

4- أن يكون الثوب تحته ثوب آخر وهذا الشرط خاص بغير القواعد من النساء.

أنواع اللباس عند الناس:

- قسم الناس الملابس لأنواع هي:

1-ملابس العمل الوظيفي كلبس الأطباء الأبيض وعمال المصانع الأزرق أو غيره.

2-ملابس النوم ويرتديها الإنسان عند إرادة النوم.

3-ملابس اللعب البدني ويرتديها عند إرادة اللعب.

4-ملابس البيت ويرتديها الإنسان داخل البيت فقط.

5-ملابس السهرة ويرتديها الإنسان لحضور الحفلات المحرمة ليلا.

6-ملابس البحر ويرتديها الإنسان عند الذهاب للاستحمام في البحر.

وفي هذه الأنواع أزياء محرمة وأزياء محللة ومن أمثلة المحرمة:

      زي عمل الراقصة في مكان معين وزي المرأة البحري وهو المايوه في مكان عام وزي المرأة في السهرة المبين لما يخفى من العورة في مكان عام، وهذه الأزياء يباح لبسها أمام الزوج والأخرين المنصوص عليهم في الوحي.

التشبه بملابس الآخرين:

      يقال: إن المتشبه بلباس قوم يكون منهم، والحق أن ارتداء لباس مشابه للباس قوم على دين آخر ليس يعني دائما أنه على دينهم، ويجب أن نفرق بين أمرين:

1-التشبه بلباس قوم غير مخالف لأحكام اللباس في الإسلام ليس على مرتكبه ذنب، ومن أمثلة هذا لبس الرجل للقبعة المسماة البرنيطة ولبس المرأة للتبان المسمى: المايوه، وذلك لزوجها.

2-التشبه بلباس قوم مخالف لأحكام اللباس في الإسلام على مرتكبه ذنب، ومن أمثلة هذا لبس المرأة للحذاء ذي الكعب العالي مع ما يسببه من أضرار لبعض أعضاء الجسم ولبس المرأة للساري الهندوسي في الشارع أو أمام الأغراب ولبس الرجل للبنطلون الضيق الذي يبرز عضو البول ويضيق على مجاري الدم في الوسط، ومما ينبغي الإشارة له أن الحكم في هذه المسألة – أي التشبه – وغيرها هو النية فمن كانت نيته الخروج عن الإسلام فقد ارتد؛ ومن كانت نيته الثبات على الإسلام فلا ذنب عليه وإن أخطأ.

لباس الشهرة:

يقال: إن من يلبس لباس شهرة لا يكون مسلما، ولباس الشهرة هو اللباس المخالف، وهذا اللباس تحتمل مخالفته للناس أحد أمرين:

1-أن يكون مخالفا في الشكل التفصيلي دون الحكم، وهذا اللباس لا شيء على لابسه حتى وإن كان يعمل حسب قاعدة «خالف تعرف».

2-أن يكون مخالفا في الشكل التفصيلي لملابس الناس حسب حكم الإسلام، وعند ذلك يكون لابسه عليه ذنب ومن ثم يجب أن يعاقب على هذه المخالفة، ومما ينبغي قوله أن أشكال اللباس في الإسلام كثيرة وتحتمل أي زيادة في الشكل التفصيلي، وهذه الأشكال لا يكون لابسها أو صانعها مذنبا إلا إذا خالف أحكام الإسلام في اللباس.

لباس الآخرة:

- إن لباس الآخرة يختلف عن لباس الدنيا وإن اتحدت الألفاظ وقد أخبرنا الله بالتالي:

-أن لباس المسلمين في الآخرة هو الحرير وفي هذا قال الله بسورتي الحج وفاطر: {ولباسهم فيها حرير} والحرير يتمثل في ثياب السندس الأخضر وثياب الاستبرق وهو الحرير البراق وفي هذا قال تعالى بسورة الإنسان: {عاليهم سندس خضر وإستبرق} والحرير الأخروي يختلف عن الدنيوي في أن الأول ليس به أي أضرار وكله منافع بينما الآخر له أضرار.

      أن ثياب الكافرين في الآخرة هي سرابيل مصنوعة من القطران وهو النحاس المؤلم، وفي هذا قال تعالى بسورة إبراهيم: {سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار} وقد فسر الله القطران بأنه النار أي النحاس المؤلم، وفي هذا قال تعالى بسورة الحج: {فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار}.

اللباس الحسن:

- إن من نعم الله على الإنسان اللباس الحسن، وكل لباس مطابق لأحكام الشريعة حسن، ومن ثم وجب على المسلم التالي:

-ألا يلبس الألبسة السيئة مثل المرقعات والخيش، والسبب أن هذه الملابس تسبب له الضرر والأذى والضيق مما يدفعه إلى ارتكاب ذنوب في كثير من الأحيان.

-أن يغسل ملابسه باستمرار كلما توسخت حتى يبدو في أحسن حال عندما يلبسها مرة أخرى.

-ألا يعتقد أن لبس الألبسة التى تدل على الفقر هو دليل على تواضعه؛ لأنها في الأصل دليل على تكبره على أمر الله بأن يظهر نعم الله عليه أمام الآخرين.

كسوة الصيف والشتاء:

يقال: للإنسان كسوتان واحدة في الصيف وواحدة في الشتاء، فما معنى هذا؟

      الإجابة هي أن معنى الكسوة هي ملابس جديدة أي بألفاظ أخرى أطقم من الملابس الجديدة، فكسوة الصيف ليست طقما كاملا من الملابس الجديدة وإنما هي تزيد على الطقم بحيث يتم التبديل بين الأطقم كلما توسخ أحدها، ومن ثم نقرر أن الكسوة هي طقمان فما فوق وكذلك كسوة الشتاء، ومما ينبغي قوله أن على الإنسان أن يعمل بقاعدة «على قد لحافك مد رجليك» فإذا كان معك مال كثير فاشتر أطقما كثيرة وإذا كان معك مال قليل فاشتر أطقما قليلة.

من أسماء اللباس:

      سمي اللباس الريش بقوله تعالى في سورة الأعراف: {يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا} وفي الخمر قال بسورة النور: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} وفي النعل قال بسورة طه: {اخلع نعليك إنك بالوادي المقدس طوى} وفي القميص قال بسورة يوسف: {وقدت قميصه من دبر} وفي الجلابيب قال بسورة الأحزاب: {يدنين عليهن من جلابيبهن} وفي الثياب قال بسورة النور: {وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة} وفي السابغات قال بسورة سبأ: {أن اعمل سابغات} وفي اللبوس قال بسورة الأنبياء {وعلمناه صنعة لبوس لكم} وفي الحلية قال بسورة فاطر {وتستخرجون حلية تلبسونها} وفي الأثاث قال بسورة النحل: {ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين} والحمد لله رب العالمين.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك