(اللاذقية عام 717 هـ) ملتقطات تاريخية حول الجرائم النصيرية
هذه مقالة حول جريمة من جرائم الفرقة النصيرية نقلتها لنا عدة كتب من التاريخ، جمعتُ فيها تفاصيل ما تفرق بين بعض الكتب التي أورَدَتها، ورتبتُها لتكون أسهل للقراءة والفهم، وليطلع القارئ الكريم على شيء من تاريخ هذه الفرقة الفاجرة فيعلم: أن الإجرام الذي تمارسه تلك الفرقة ضد إخواننا في سوريا ليس غريباً، بل قد سطر التاريخ لنا عدداً من جرائمهم التي كانت عاقبتها: عقاب من لا يضل ولا ينسى، {فأصابهم سيئات ما كسبوا والذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيئات ما كسبوا وما هم بمعجزين}، والكتب التي رجعت إليها في كتابة هذه المقالة هي «العبر في خبر من غبر» للذهبي (4/46)، «البداية والنهاية» لابن كثير (18/168)، «السلوك لمعرفة دول الملوك» للمقريزي (2/525 – 528).
اللاذقية عام 717 هـ:
في تلك الفترة خرج شخص يقال له (محمد بن الحسن) في جبال اللاذقية وزعم أنه هو المهدي! وأيد دعواه بقصة مفادها «أنه بينما هو قائم يحرث إذ جاءه طائر أبيض! فنقب جنبه! وأخرج روحه! وأدخل في جسده روح محمد بن الحسن العسكري!».
تأثير هذه الخرافة على مجتمع الخرافة:
اجتمع على ذلك الشخص نحو 5000 آلاف شخص من فرقة « النصيرية»، وأمرهم ذلك الضال بالسجود له فسجدوا، وأباح لهم الخمر وترك الصلوات وصرح بأن لا إله إلا علي ولا حجاب إلا محمد، ورفع الرايات الحمر، وأوقد شمعةً كبيرة بالنهار وكلّف بحملها شاباً أمرد زعم أنه إبراهيم بن أدهم - وهو أحد الزهاد المعروفين توفي عام 162 هـ - فزعم ذلك الدجال أنه قد أحياه وكلّفه بحمل تلك الشمعة!
الهجوم على «جبلة» بتاريخ 20 ذي القعدة:
جمع هذا المجرم أصحابه فهاجموا منطقة «جبلة» فقتلوا الناس وسبوا النساء، ونهبوا الأموال وتقاسموها بينهم، وكان ذلك المجرم يغرس في عقول أتباعه أن الملائكة تنصره! وأشاع - كذباً - أن الملك الناصر (ناصر الدين محمد بن قلاوون، صاحب مصر وتاسع سلاطين الدولة المملوكية) قد مات!
ويقول الحافظ الذهبي - الذي عاصر تلك الفترة -: «وعاثوا بالساحل، واستباحوا جبلة، ورفعوا أصواتهم بقول: (لا إله إلا علي! ولا حجاب إلا محمد! ولا باب إلا سلمان!) ولعنوا الشيخين أبا بكرٍ وعمر رضي الله عنهما، وخربوا المساجد».
ثم ذكر الحافظ الذهبي موقفاً استشعرت من خلاله كيف أن التاريخ اليوم أعاد نفسه فقال رحمه الله: «وكانوا يُحضرون المسلم إلى طاغيتهم ويقولون: اسجد لإلهك».
كيف قُضي عليهم؟
يقول ابن كثير: «وصاح أهل البلد: (وا إسلاماه)، (وا سلطاناه)، (وا أميراه)، فلم يكن لهم يومئذ ناصر ولا منجد، وجعلوا يبكون ويتضرعون إلى الله عز وجل». اهـ.
وسار إليهم عسكر طرابلس وقتل الطاغية وجماعة وتمزقوا، «فجرَّد نائبُ طرابلس الأمير شهاب الدين قرطاي إليه: الأمير بدر الدين بيليك العثماني المنصوري على ألف فارس»، فهزموهم، وقتلوا منهم خلقا كثيراً، وجما غفيرا وقتل المهدي الذي أضلهم، يقول ابن كثير رحمه الله: «وهو يكون يوم القيامة مقدمهم وهاديهم إلى عذاب السعير، كما قال تعالى: {ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير}». اهـ.
وأمر السلطان بعد ذلك أن يبنى مسجد في كل قرية من قرى النصيرية، وأن يُمنع النصيرية من الخطاب: «وهو أن الصبي إذا بلغ الحلم عُمِلت له وليمة، فإذا اجتمع الناس وأكلوا وشربوا حلّفوا الصبي أربعين يميناً على كتمان ما يودع من المذهب، ثم يعلمونه مذهبهم».
لاتوجد تعليقات