رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: منذر المشارقة 25 أغسطس، 2020 0 تعليق

الكلمات الموجزة في الرد على كتاب – المسائل الخلافية بين الحنابلة والسلفية المعاصرة (2)

                                             

ما زال الحديث مستمرًا في الرد على الكتابين الذين ألفهما الشيخ أشرف نزار حسن عضو المجلس الاسلامي للإفتاء في بيت المقدس المعتقد؛ الكتاب الأول: (المسائل الخلافية بين الحنابلة والسلفية المعاصرة)، والثاني: (قضايا محورية في ميزان الكتاب والسنة)، وذكرنا الكتبابين مليئين بالطعن في الدعوة السلفية المباركة، حيث احتويا على عدد من الشبه والافتراءات، وقد رددنا في المقال السابق على عدد من الشبه منها أن السلفية على مذهب الظاهرية وأنهم مخالفون للإمام أحمد، وأن السلفيون يبدعون غيرهم عند المخالفة، وأن السلفيون ليس عندهم فقه الأولويات، وأن السلفيون لا يناصرون قضية فلسطين، واليوم نستكمل الرد على هذه الشبهات السلفية حزب نخبوي، مضامين مصطلح السلفية بدعي، خلاف علماء السلفية مع علماء الحنابلة في الفقة.

الشبهة الخامسة

السلفيون لم يضحوا ولم يسجنوا

يقول المؤلف: أن السلفيون لم يضحوا ولم يسجنوا.

     الرد على هذه الشبهة، منذ متى كانت السجون هي مقياس الحق والباطل؟! فليس كونك سجنت دليلا على صحة معتقدك ومنهجك؛ فالذين سجنوا من الشيوعيين والاشتراكيين والقوميين - ممن دافعوا عن فلسطين وغيرها- أكثر ممن سجن من جماعتك، وليس معنى كلامي التقليل من عظم تضحيات المعتقلين فرّج الله عنهم، ولكن الحديث عن كون ميزان الحق لا يعرف بالسجون وإنما باستقامتك على الطريق المستقيم، ومع ذلك فقد سجن الإمام أحمد بن حنبل فهل أنت على معتقد الإمام أحمد بن حنبل؟! وسجن شيخ الإسلام ابن تيمية سبع مرات فهل أنت على معتقده؟! وفي العصر الحديث إمام المجاهدين وعلى رأس هؤلاء المعاصرين المجاهد المعروف: محمد عز الدين القسام -رحمه الله تعالى-، الذي كان منبرا للدعوة السلفية في فلسطين، وقبل ذلك في سوريا قبل أن يلتحق بكتائب المجاهدين في فلسطين؛ والدليل على ذلك أنه ألَّفَ سنة ألف وتسعمائة وخمس وعشرين كتابا مطبوعا بعنوان: (النقد والبيان في دفع أوهام خزيران) رد في هذا الكتاب على صوفي عكي مخرف ناصر للبدعة، ومما ذكر فيه - في الصفحة الخامسة والعشرين- أنه قال: وكنا نود أن نرشد الأستاذ الجزار وتلميذه -أي خزيران- وكلاهما صوفي، إلى الإستفادة من كتاب الاعتصام للشاطبي، الذي لا ندّ له في بابه، ولكننا خشينا أن يرمينا هؤلاء بالنزعة الوهابية.، انظر كتاب (السلفيون وقضية فلسطين) من إصدارات مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية، كما سجن الإمام الألباني رحمه الله في نفس السجن الذي سجن فيه شيخ الإسلام، وغيرهم كثير.

السلفيون ليسوا حزبًا نخبويًا

     ومن الشبه التي أثارها المؤلف قوله أن السلفيين حزبًا نخبويًا كما يدعي وينطبق عليه وصف الحزبية! فأقول إن السلفية - دعوة ومنهجا- هي دعوة معصومة لأن مصادرها معصومة، وأما أتباعها فهم بين سابق بالخيرات ومقتصد وظالم لنفسه - كغيرهم من المسلمين- فلا تتحمل الدعوة السلفية أخطاء بعض منتسبيها، كما إن السلفيين يؤمنون بالعمل الجماعي والمؤسسي وأنه وسيلة للقيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ضمن الضوابط الشرعية، وهذا ما أكد عليه العلماء قديما وحديثا، كشيخ الإسلام ابن تيمية وهيئة كبار العلماء والإمام الألباني، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: «أما رأس الطائفة التي تتحزب أي تصير حزبا، فإن كانوا مجتمعين على أمر الله ورسوله من غير زيادة ولا نقصان فهم مؤمنون لهم ما لهم وعليهم ما عليهم، وإن كانوا قد زادوا في ذلك ونقصوا مثل التعصب لمن دخل في حزبهم بالحق الباطل والإعراض عمن لم يدخل في حزبهم سواء كان على الحق والباطل، فهذا من التفرق الذي ذمه الله تعالى ورسوله، فإن الله ورسوله أمر بالجماعة والائتلاف ونهيا عن التفرقة والاختلاف، وأمرا بالتعاون على البر والتقوى ونهيا عن الإثم والعدوان» مج الفتاوى ج11.

السلفيون ليسوا كغيرهم

     والسلفيون ليسوا كغيرهم - لا يدخل معهم إلا من أدى البيعة وانضم إلى أسرة تنظيمية، وأصبح فردا منتسبا منتظما- ولكن الدعوة السلفية تنظر إلى عامة المسلمين أنهم السواد الأعظم من أهل السنة والجماعة، فتجد منهم البسطاء والفقراء والعلماء والمجاهدين والتجار؛ هدفهم تبليغ دين الله عزوجل ونشر العقيدة الصحيحة، وإصلاح المجتمع وتحكيم شرع الله عزوجل، فأين النخبوية التي تدعيها؟!

مصطلح الأشاعرة

والعجيب في كلام المؤلف أنه يقول إن اختراع هذا المصطلح بمضامينه الجديدة التي أشرنا إليها، بدعة طارئة في الدين لم يعرفها السلف الصالح ولا التخلق الملتزم بنهجه» نقلا عن كتاب السلفية مرحلة زمنية.

- أقول للمؤلف: أليس مصطلح الأشاعرة طارئا على الأمة لم يعرفه السلف الصالح لا مصطلحا ولا عقيدة؟ ولماذا لا ينطبق مصطلح البدعة على باقي الجماعات الإسلامية كذلك، مع أن مصطلح السلفية بمضامينه هو عينه منهج الصحابة رضوان الله عليهم، منهجنا كما قال الإمام ابن القيم رحمه الله:

العلم قال الله قال رسوله

قال الصحابة هم أولو العرفان

ما العلم نصبك للخلاف سفاهة

بين الرسول بين قول فقيه

ادعاء باطل

     وأود أن أذكر للمؤلف -ردًا على ادعائه أن السلفية حركة ليس لها تاريخ- أن لها نحوا من مائة عام، قول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «لا عيب على مَن أظهر مذهب السلف وانتسب إليه، واعتزى إليه؛ بل يجب قبول ذلك منه بالاتفاق؛ فإن مذهب السلف لا يكون إلا حقـًّا؛ فإن كان موافقـًا له باطنـًا وظاهرًا؛ فهو بمنزلة المؤمن الذي هو على الحق باطنـًا وظاهرًا، وإن كان موافقـًا له في الظاهر فقط دون الباطن؛ فهو بمنزلة المنافق؛ فتُقبَل منه عَلانِيَتُه، وتُوكَل سَرِيرَتُه إلى الله؛ فإنَّا لم نـُؤمَر أن ننقُبَ عن قلوب الناس ولا نشقَّ بطونَهم» اهـ. نقض المنطق، ويقول الإمام الذهبي -رحمه الله- لما ترجم لأبي طاهر السلفي حيث قال: «فالسلفي مستفاد من السلفي بفتحتين وهو من كان على مذهب السلف» سير 6/21، وقال في ترجمة ابن الصلاح رحمه الله: «وكان سلفيا حسن الاعتقاد كافا عن تأويل المتكلمين». ثم بدأ المؤلف بضرب الأمثلة على اختلاف السلفية مع الحنابلة وذكر مبحث العقيدة وأن آيات الصفات من المتشابه عند الحنابلة خلافا للسلفية، وأحيل هنا لمزيد من البحث في هذا الموضوع إلى رد مركز سلف للبحوث والدراسات بعنوان: (براءة الإمام أحمد من التفويض وكشف دعوة الحنابلة الجدد) ففيه الكفاية.

الخلاف بين السلفيين والحنابلة

     ثم تكلم المؤلف عن الخلاف بين العلماء السلفيين وبين الحنابلة في المسائل الفقهية فينقل رأي بعض أهل العلم ويقارنه بأقوال البهوتي -رحمه الله-، ولا أدري كيف لطالب علم يجعل قولا من أقوال بعض أهل العلم السلفيين هو المعتمد عند السلفيين في المسائل الفقهية؟! ومن له أدنى عناية بالعلم يعلم يقينا كيف يختلف السلفيون فيما بينهم في المسائل الفقهية.

صوت المرأة ليس بعورة

     وسأضرب لذلك مثالا واحدا يغني عن الرد على باقي المسائل، فيقول المؤلف: « السلفيون يزعمون أن صوت المرأة عورة، ودليله قول الشيخ ابن جبرين: (صوت المرأة عورة) ويدلل على قول الحنابلة بكلام الإمام البهوتي: (وصوتها أي الأجنبية ليس بعورة)، مع العلم أن الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين يقولون بأن صوت المرأة ليس بعورة خلافا لما نقله عن الشيخ ابن جبرين، مع أن نقله لكلام الشيخ ابن جبرين ليس دقيقا.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك