رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.وليد عبدالوهاب الحداد 24 أغسطس، 2017 0 تعليق

القيادات الإدارية ودورها في قيادة التنمية

 

أرسل الله -سبحانه وتعالى- الرسل لقيادة البشرية لعبادة الله وحده ولخير الدنيا والآخرة، واصطفاهم على البشر بما لهم من مميزات قيادية؛ فقد قال الله -عز وجل- عن نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم - في سورة الانعام: {وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَن نُّؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} (الأنعام:124)، فالله سبحانه يجتبي من رسله ما يشاء كما في سورة آل عمران في قوله -عز وجل- {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ} (آل عمران:179)، وقال الله -عز وجل- مخاطبا بني إسرائيل في شأن قيادة طالوت لهم، في سورة البقرة: {قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ} (البقرة:247).

     والقصد أن قيادة الرسل للبشرية لخيرهم في الدنيا والآخرة كانت ضرورية ومهمة في الوقت ذاته، ولقد حدد الله -سبحانه وتعالى- المواصفات القيادية للرسل في آيات كثيرة في القرآن ولاشك أن هذه المواصفات أيضا تصلح لتطبيقها على البشر، والخلاصة أن البشرية بحاجة دائمًا للقيادة الصالحة التي تقودها إلى الخير.

صفات القياديين

     وتعج كتب التاريخ بمواصفات هؤلاء القياديين وما فعلوا لأممهم، ولكن منذ القرن العشرين أصبحت الحاجة إلى القياديين أكثر ضرورة ومهمة جدا لأسباب عدة، أهمها ونشأة العمل المؤسسي وظهور على مستوى الدولة وعلى مستوى القطاع الخاص، وأصبح أيضا الحاجة ملحة لأن ندرب الشعب على المواصفات القيادية، ولا ننتظر أن تكون هذه المواصفات فطرية فقط؛ لأن عددهم قليل ولنضرب لذلك مثلا في الكويت: ما قبل النفط لم تكن هناك مؤسسات ومنظمات على المستويين القطاع العام والخاص إلا بعض المنظمات الخيرية والعامة.

قصة عن تاجر كويتي

     وتحكي قصة عن تاجر كويتي معروف -الآن هناك عشرات المؤسسات باسم احفاده- أنه كان يعمل في النهار في دكانه أو عمارته، وبالليل يقوم بكتابة الحسابات بنفسه  في البيت، وفي إحدى الليالي قال لزوجته: أعطني ماءً لأشرب، فذهبت وأتت بالماء ولكنها لم تنبهه فوقفت تنتظر أن يرفع رأسه ليراها وهو مشغول بالحسابات وبعد فترة طويلة انتبه لها، وقال لها: منذ متى وأنت هنا؟ قالت: منذ فترة طويلة، فقال لها تمني علىَّ بوصفك زوجة مخلصة، ما ترغبين؟ فكان الجواب صاعقا (طلقني)، فتعجب من الرد! ولماذا أطلقك؟ قالت له: أنت تعمل بالنهار وفي الليل تأتي إلى البيت وتعمل أيضا وأنا ليس لي أي وقت منك !

الحاجة إلى العمل القيادي

      ومع تطور الكويت إلى دولة مؤسسات أصبحت الحاجة إلى العمل القيادي ضرورة ملحة؛ فأصبحت هناك مئات المنظمات الحكومية، وكل منظمة بحاجة إلى عشرات القياديين، فضلا عن القطاع الخاص الذي هو بحاجة إلى الآلاف من القياديين.

أهمية القيادات الإدارية في الغرب

     ونرجع مرة أخرى إلى الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، فعلى مستوى القطاع الخاص تم إنشاء ماجستير إدارة الأعمال أو ماجستير الإدارة العامة أو ماجستير الإدارة الصحية؛ ففي الولايات المتحدة هناك 3000 كلية إدارة أعمال تقوم بإعداد القياديين من خلال هذه البرامج والجامعات الكبيرة مثل (هارفارد وييل وبيركلي) فدورهم اخراج صفوة القياديين لإدارة المؤسسات المهمة.

      وفي بريطانيا أيضا جامعة (أكسفورد وكمبردج) وهكذا، أما على مستوى القطاع العام فتم إنشاء برامج خاصة ومؤسسات لتدريب القياديين فأنشات الحكومة الأمريكية مركز تدريب القيادات العامة في (هارفارد)، وفي فرنسا أيضا تم إنشاء مركز لتدريب القيادات.

      والخلاصة أن هذه الدول المتقدمة أدركت أهمية القيادات الإدارية؛ فقامت بتدريبها لقيادة مؤسساتها وفق برامج موضوعة لهذا الغرض، ونجحت في ذلك نجاحا كبيرا باقتصاداتها المزدهرة وبخدماتها العامة المتطورة.

اختيار القياديين في القطاع العام

      ونرجع إلى الكويت مرة أخرى وهو الهدف من هذا المقال: إن اختيار القياديين في القطاع العام لا يتم من خلال الكفاءة أو الوصف الوظيفي أو من خلال التدريب أو من خلال منظمة لإعداد القيادات، ولقد وصف سمو رئيس الوزراء في أحد تصريحاته أن أغلب القياديين في الحكومة لم يتم اختيارهم على أساس مبدأ الكفاءة والجدارة، والسؤال المهم لماذا يصرح رئيس الوزراء مثل هذا التصريح وهو يستطيع أن يغير واقع الحال إلى تعيين القياديين من خلال الجدارة والكفاءة؟

      والجواب بالطبع (مجلس الأمة)؛ فمجلس الأمة والأعضاء يريدون التدخل في الجهاز الحكومي من خلال تعيين مناصريهم وقاعدتهم الانتخابية بوصفهم قياديين في القطاع العام، ووجود نظام وصف وظيفي أو مؤسسة تدريب القيادات يمنع تعيين ما يريدون من مناصريهم؛ ولهذا ظل نظام الوصف الوظيفي (مكانك راوح) ولم يطبق، والدراسات التي أجرتها اكبر مؤسسات الدراسات الاستشارية في العالم ذهبت أدراج الرياح، ولم يطبق منها شيء يذكر! والنتيجة بعد ممارسة لأكثر من أربعين سنة في ظل هذا النظام في تعيين القياديين ومحاسبتهم تراجع الكويت في ركب التنمية، وأصبحنا في المؤشرات الدولية في ذيل صفوف دول الخليج العربية بعد أن كنا نبني لها المدارس والمستشفيات، وأيضا أصبحت المشاريع العامة تأخذ سنوات طوالا في التنفيذ وبعضها يفشل تماما؛ بسبب ضعف قدرة القيادات على إدارة المشاريع، والمساوئ كثيرة، ويمكن هنا أن نطرح بعض الحلول:

-أهمية تغيير مواد تعيين القيادات في نظام الخدمة الحالي؛ بحيث تضع شروطا في التعيين: مثل مطابقة الوصف الوظيفي لشاغل الوظيفة وتماشيها مع خبرته وتخصصه واجتيازه لدورات تدريبية في القيادة، وطرحه لرؤيته المستقبلية للقطاع الذي سوف يديره ومن ثم تقييمه في نهاية مدته بناء على هذا التطوير والخطة المطلوبة، وإعطائه الاستقلالية في إدارة قطاعه وعدم التدخل في شؤونه ولاسيما في تطبيق الأهداف الموضوعة له.

-إنشاء مركز تدريب القيادات؛ بحيث تديره احد الجامعات العالمية المعروفة.

-إنشاء وحدة دراسات القيادات لدراسة الجديد في هذا المجال وتطبيقه على البيئة الإدارية الكويتية.

-العمل مع القطاع الخاص على زيادة نسبة القياديين في القطاع الخاص.

 

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك